تقرير من إعداد عباس اللواتي وهداس غولد، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)
(CNN)-- لا ترى كل يوم لوحات إعلانية بالعبرية في شوارع طهران.
ورد في الإعلان الذي نُشر في أنحاء العاصمة الإيرانية هذا الأسبوع: "400 ثانية إلى تل أبيب" بالفارسية والعربية والعبرية. إنه إعلان عن أحدث صاروخ في ترسانة الأسلحة الإيرانية سريعة التوسع، صاروخ يقول الجيش الإيراني إنه يمكن أن ينطلق بسرعة تصل إلى 15 ضعف سرعة الصوت.
يُطلق على الصاروخ اسم "فتاح"، ويبدو أنه سُمي على اسم واحد من أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين في الإسلام والذي يعني "مانح النصر". تم الكشف عنه هذا الأسبوع باعتباره إنجازًا تاريخيًا لجيش البلاد.
وقال قائد القوات الجوية بالحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاج زاده في تصريحات نشرتها وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء، إن الصاروخ الذي تفوق سرعته سرعة الصوت لديه القدرة على "اختراق جميع أنظمة صواريخ الدفاع الجوي وتفجيرها".
يقول الحرس الثوري الإيراني إنه يستطيع التحرك داخل وفوق الغلاف الجوي للأرض ويبلغ مداه 1400 كيلومتر (870 ميل). هذا من شأنه أن يضع إسرائيل في نطاقه. الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت هي تلك التي يمكنها السفر بسرعة تتجاوز ماخ 5، أو 5 أضعاف سرعة الصوت.
سارع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى رفض التهديد المحتمل الذي يمثله لبلاده. وقال في تصريحات نشرت في وسائل الإعلام الإسرائيلية: "أسمع أعداءنا يتفاخرون بالأسلحة التي يطورونها. لأي تطور من هذا القبيل، لدينا استجابة أفضل، سواء كان ذلك على الأرض أو في الجو أو في الساحة البحرية، بما في ذلك الوسائل الدفاعية والهجومية."
لم يتم التحقق من مزاعم إيران بشكل مستقل لكن الخبراء يقولون إنهم يتابعون تقدمًا ملموسًا في تطوير الصواريخ.
ليس لدى عوزي روبين المؤسس والمدير السابق لمنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية في وزارة الدفاع الإسرائيلية سببا للاعتقاد بأن الصاروخ ليس حقيقيًا ولا يعمل.
وقال لشبكة CNN: "المفهوم واقعي وجذاب وقابل للتطبيق." لكنه أشار إلى أنها ليست بالضرورة "ثورة" كبرى في القدرات الصاروخية لطهران، مضيفًا أنه ليس أول صاروخ تصممه إيران تفوق سرعته سرعة الصوت، رغم أنه "تصميم ثوري". يقول الخبراء أن معظم الصواريخ الباليستية يمكنها السفر بسرعة تفوق سرعة الصوت.
قال أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن إيران لديها "تاريخ طويل في تقديم مزاعم مبالغ فيها" عندما يتعلق الأمر بتطوير الصواريخ. وأضاف "مع ذلك، حققت إيران تقدمًا هائلاً في هذا القطاع ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك. هل وصلت إيران إلى قائمة أبرز الدول التي يمكنها إنتاج صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت؟ ليس هذا هو الحال."
تقول الولايات المتحدة إن إيران لديها أكبر قوة صواريخ باليستية في الشرق الأوسط وتعتبر ترسانتها الصاروخية واحدة من "أدواتها الأساسية للإكراه وإظهار القوة".
أصرت إيران في الماضي على أن برنامجها الصاروخي هو لأغراض دفاعية فقط. لكن صحيفة "كيهان"، التي يتم تعيين رئيس تحريرها من قبل المرشد الأعلى الإيراني، قالت في افتتاحية هذا الأسبوع إن الغرض من صاروخ "فتاح" هو أيضًا "إظهار ردعه في المجالات الاقتصادية والسياسية". في ظل العقوبات الأمريكية الشديدة، تتهم إيران الولايات المتحدة بانتظام بشن حرب اقتصادية عليها.
يصعب اعتراضه
قال جون كرزيزانيك، الباحث المشارك في مشروع ويسكونسن للحد من الأسلحة النووية في واشنطن، إن إيران قد نفذت منذ عام 2017 خمس ضربات صاروخية باليستية كبرى عبر الحدود في المنطقة. ومن بين هذه الهجمات هجومان على داعش في سوريا وثلاثة في العراق زعموا أنها استهدفت القوات الأمريكية والمسلحين الأكراد والمخابرات الإسرائيلية.
يقول الخبراء إن ما يميز الصاروخ الإيراني الجديد عن الصواريخ الأخرى التي صممتها هو أنه يمكنه المناورة. يحتوي على فوهة متحركة تسمح له بالسير في مسار غير منتظم، مما يجعل من الصعب اعتراضه.
وقال كرزيزانيك: "إذا كانت مزاعم المسؤولين الإيرانيين بشأن صاروخ "فتاح" الجديد صحيحة، فمن المؤكد أنه سيكون لديه قدرة أكبر على المناورة مقارنة بالأنظمة السابقة. لكنها لن تحقق ذلك بنفس الطريقة التي تحقق بها أسلحة الدول الأخرى التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وربما لن يتمتع بالقدرة على المناورة بنفس القدر."
وقال إن مزاعم إيران بشأن "فتاح" ذات مصداقية في الغالب لأن الصاروخ "تكرار إلى حد كبير لتكنولوجيا سابقة مثبتة طورتها إيران محليًا."
ماذا يعني هذا بالنسبة لأنظمة الدفاع الصاروخي الموجودة في الشرق الأوسط؟
تمتلك إسرائيل عدة أنظمة دفاع صاروخية، تم تصميم القبة الحديدية للحماية من الصواريخ قصيرة المدى، مثل تلك التي يتم إطلاقها من غزة أو لبنان المجاورين. يقوم "مقلاع داوود" بردع الصواريخ متوسطة المدى. بالنسبة للصواريخ الباليستية طويلة المدى، فلديها منظومة صواريخ "آرو" التي يبلغ مداها التشغيلي 2400 كيلومتر (1500 ميل).
تنشر إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة نظام دفاع صاروخي "باتريوت" أمريكي الصنع، وتستخدم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أيضًا نظام "ثاد" الذي يمكنه اعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى على مستويات أكثر ارتفاعًا. تم استخدام "ثاد" في القتال لأول مرة على الإطلاق في يناير 2022 عندما تم إطلاق صاروخ حوثي على الإمارات.
وقال كرزيزانيك: "من المحتمل أن يكون باتريوت قادرًا على إسقاط صاروخ فتاح، لكن من الصعب الجزم بما أنه لا يزال هناك الكثير من الأمور المجهولة في كلا النظامين. تشير التقارير الواردة من أوكرانيا إلى أن "باتريوت" قد أسقطت صواريخ "كينجال" الروسية، والتي تشبه صاروخ "فتاح" من حيث قدرتها على المناورة بسرعات عالية."
لكنه أشار إلى أن صواريخ باتريوت المنتشرة في المملكة العربية السعودية قد فشلت في إسقاط العديد من الصواريخ التي أطلقها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن "على الرغم من أن تلك لم تكن مطورة بشكل خاص".
وقال: "حتى نظام دفاع صاروخي عالي القدرة يمكن أن "يفشل" إذا كان في الموقع الخطأ، أو إذا كان راداره يواجه الاتجاه الخاطئ، أو إذا كانت الصواريخ تحلق على ارتفاع منخفض لا يمكن اكتشافها، أو إذا كان هناك عدد كبير جدًا من الصواريخ في وابل واحد."
لطالما طالبت دول الخليج بأن يكون برنامج إيران الصاروخي جزءًا من محادثات الدول الغربية مع طهران بشأن برنامجها النووي، بحجة أن المقذوفات تشكل تهديدًا مباشرًا أكثر على سلامتها. ومع ذلك، بدأ خصوم إيران العرب في المنطقة في المصالحة مع الجمهورية الإسلامية مؤخرًا، مما قلل بشكل كبير من احتمال نشوب صراع في الخليج.
وهذا يترك إسرائيل باعتبارها الدولة التي من المرجح أن تكون أكثر قلقا بشأن الصاروخ الإيراني الجديد.
قال روبين، مسؤول الدفاع الإسرائيلي السابق، إنه واثق من أنه حتى لو لم تكن لدى إسرائيل القدرة على الحماية ضده الآن، "سنكون قادرين على الدفاع ضده (في المستقبل)".