أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- شهدت الأسابيع الأخيرة نشاطا دبلوماسيا مكثفا بين إيران والدول الغربية، مما زاد الآمال في تراجع التوترات مع استمرار الدولة الشرق أوسطية في استعداء الغرب بدعمها لروسيا والتقدم المستمر في برنامجها النووي.
وتجري الجمهورية الإسلامية الآن محادثات متزامنة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ففي الأسبوع الماضي، التقى كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، علي باقري كاني، مع وسيط الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا في العاصمة القطرية، الدوحة، في محاولة لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية المعروفة بـ"الاتفاق النووي"، ولا يزال الاتحاد الأوروبي، على عكس الولايات المتحدة، طرفا في تلك الاتفاق.
وقال مصدر دبلوماسي مطلع على الاجتماع، لشبكة CNN، إن "البيئة الحالية كانت إيجابية لتهدئة التصعيد".
وفي هذا الشهر، قالت مصادر، لـCNN، إن الولايات المتحدة استأنفت بهدوء المحادثات غير المباشرة مع إيران أواخر العام الماضي في محاولة لتقييد برنامج طهران النووي، وأضافت المصادر أن هناك مؤشرات على إحراز تقدم، لكن أحد المصادر قال: "لم نصل إلى اتفاق بعد".
ونفت كل من الولايات المتحدة وإيران التوصل إلى اتفاق مؤقت.
ومع ذلك، بعثت المحادثات الأمل في أن يكون التعاون مثمرا، وإليك ما تحتاج لمعرفته حول النشاط الدبلوماسي.
لماذا يحدث هذا الآن؟
يثير استئناف المحادثات تساؤلات حول التوقيت والدوافع لكلا الجانبين، حيث يحدث ذلك في الوقت الذي يتقدم فيه البرنامج النووي الإيراني إلى ما وراء متطلبات الطاقة النووية ونحو متطلبات صنع القنبلة.
وأثبتت طهران أيضا في حرب أوكرانيا أنها تشكل تهديدا، حيث زودت روسيا بمئات من الطائرات بدون طيار الهجومية، وتواصل تطوير برنامج صاروخي يثير قلق الدول الغربية وجيرانها.
وقد تكون هناك اعتبارات انتخابية لكلا الجانبين، فالجمهورية الإسلامية ستشهد انتخابات برلمانية العام المقبل، وأي تخفيف للعقوبات الغربية قد يمنح حكامها دفعة قوية في استطلاعات الرأي.
وكذلك جعلت الولايات المتحدة، التي ستشهد انتخابات رئاسية في عام 2024، من أولوياتها تأمين إطلاق سراح العديد من الأمريكيين الذين تم احتجازهم في إيران.
وقالت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز أبحاث تشاتام هاوس في لندن، سانام وكيل: "ترى كل من طهران وواشنطن فرصة قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية الخاصة بهما لتقديم تنازلات واحتواء أزمة".
هل هناك أي مؤشرات على إحراز تقدم من أي من الجانبين؟
وسط تقارير عن استئناف المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران هذا الشهر، قال مرشد إيران علي خامنئي إنه "لا يوجد خطأ" بشأن الاتفاق النووي مع الغرب بشرط أن تظل البنية التحتية النووية لبلاده "كما هي".
لكن الإشارات من الولايات المتحدة يمكن أن تشير إلى التغيير، فقد وافقت واشنطن هذا الشهر على إعفاء يسمح بتحويل 2.7 مليار دولار من الديون من العراق إلى البنوك الإيرانية، في خطوة وصفها المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر بأنها "تتماشى مع المعاملات التي حدثت منذ عدة سنوات".
ما شعور جيران إيران حيال ذلك؟
عقدت اجتماعات في الآونة الأخيرة بين إيران والدول الغربية في دول الخليج العربية، والتقى مسؤولون إيرانيون بأوروبيين في الإمارات وقطر وكذلك بمسؤولين أمريكيين في عمان.
وبعض الدول العربية التي رحبت بانسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي، في عام 2018، عندما كانت التوترات مع الجمهورية الإسلامية في أعلى مستوياتها منذ عقود، قامت الآن بتصحيح الأمور مع إيران وهي حريصة على تخفيف التوترات في المنطقة، وأعربوا عن أسفهم لاستبعادهم من المحادثات مع إيران عندما أبرمت القوى العالمية اتفاقا مع الجمهورية الإسلامية في عام 2015، لكنهم الآن يسهلون بنشاط الحوار.
وهذا يترك إسرائيل باعتبارها الدولة الوحيدة التي تعارض علانية استئناف المحادثات، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الشهر: "موقفنا واضح: إسرائيل لن تكون ملزمة بأي اتفاق مع إيران وستواصل الدفاع عن نفسها".
إذا تم التوصل إلى اتفاق، كيف سيبدو؟
أوضحت إيران أنها غير مهتمة بالتوصل إلى اتفاق يحل محل خطة العمل الشاملة المشتركة.
ومن الجانب الأمريكي، من المرجح أن تتطلب العودة إلى هذا الاتفاق موافقة الكونغرس التي قد يكون من الصعب الحصول عليها.
ويقول المحللون إن إحياء الاتفاق أمر غير مرجح للغاية في الوقت الحالي، وبدلا من ذلك، يمكن أن تتوصل طهران وواشنطن إلى اتفاق من شأنه أن يشهد إطلاق سراح بعض السجناء الأمريكيين البارزين في إيران مقابل تخفيف بعض العقوبات، وقال وزير الخارجية العماني سيد بدر البوسعيدي إن مثل هذا الترتيب "وشيك".
ووفقا لتقارير متعددة، فقد تكون الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية (7 مليارات دولار) الخاصة بواردات النفط التي أعاقتها العقوبات الأمريكية أحد الموضوعات التي تشملها المحادثات الأمريكية الإيرانية.
وقال نيسان رافاتي المحلل البارز لشؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية إن هناك عددا من القضايا غير النووية قيد التفاوض، مثل دعم إيران لروسيا "الذي تنظر إليه الحكومات الغربية بقلق بالغ".
وأضاف: "في كل هذه القضايا، على الرغم من ذلك، لا تزال القطع المتحركة تترك أسئلة حول كيفية توافقها معا، وما إذا كانت ستقع في مكانها بالفعل."
وقالت سانام وكيل إنه "إذا تم التوصل إلى اتفاق، فمن المرجح أن يكون أشبه بالضمادة بدلا من أن يكون دواء صالحا لمعالجة القضايا العالقة بين إيران والولايات المتحدة".
وأضافت: "المفاوضون كانوا يسلكون هذا المسار من قبل، من غير الواضح ما إذا كان هناك إجماع في طهران والشيء نفسه ينطبق على إدارة بايدن".