(CNN)-- في الساعات الأخيرة، عندما اقتربت الولايات المتحدة من إتمام صفقة مثيرة للجدل ولكنها تاريخية لإعادة 5 أمريكيين اعتبروا محتجزين ظلما في إيران إلى وطنهم، حاول المسؤولون الإيرانيون وضع العراقيل لإجبار الإدارة الأمريكية على تقديم تنازلات في اللحظة الأخيرة، بل وأوقفوا الصفقة قبل أن يستعد السجناء للصعود على متن الطائرة للرحيل عن طهران.
وعلمت شبكة CNN بتفاصيل جديدة دارت في الكواليس حول الأيام القليلة الماضية والعقبات التي كان على الدبلوماسيين الأمريكيين تجاوزها أثناء سعيهم لضمان عدم انهيار الاختراق الدبلوماسي الذي استغرق سنوات في المراحل الأخيرة الحاسمة.
وتحدث كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، لـCNN، حول ما حدث بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة التفاصيل الحساسة.
وبحسب المسؤولين، فإن القائم بأعمال المبعوث الأمريكي الخاص لإيران أبرام بالي والمبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن روجر كارستينز وصلا إلى العاصمة القطرية الدوحة بعد ظهر السبت للتنسيق مع المسؤولين القطريين والسويسريين بشأن الخدمات اللوجستية للإفراج عن المحتجزين الأمريكيين الخمسة، والتي توقعوا أن تتم يوم الاثنين.
وكانت العلاقات الدبلوماسية مع إيران متوترة بشكل لا يصدق، وعلى الرغم من أن سنوات من المفاوضات المضنية غير المباشرة قد أوصلت العملية إلى خط نهاية واضح، كان على الأمريكيين أن يتعاملوا مع جهود اللحظة الأخيرة للمماطلة ومحاولة الحصول على المزيد، على الرغم من وجود صفقة متفق عليها.
وقال المسؤولون، لـCNN، إن الإيرانيين هددوا بعدم إدراج الأمريكيين الخمسة في الصفقة ما لم تفعل الولايات المتحدة المزيد.
لكن بعد أن وصلوا إلى هذا الحد، أوضح الأمريكيون أنهم لن يعودوا إلى ديارهم بدون الخمسة، ولقد كان الأمر غير قابل للتفاوض بالنسبة للولايات المتحدة، وقد رضخ الإيرانيون.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية: "نجحنا وتراجع الإيرانيون"، وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن المفاوضين لم ينظروا إلى هذه المحاولات الإيرانية على أنها تهديد كبير يمكن أن يفشل الصفقة، بل كجزء من استراتيجية طهران.
وقال المسؤول: "إنهم يحاولون دائما التفاوض ومحاولة الحصول على المزيد والمزيد، ولقد اتخذنا موقفا حازما للغاية لذلك وقفنا بثبات".
وأضاف أنه مع ذلك "في كل ساعة كان هناك شيء جديد يحاول الإيرانيون المماطلة فيه من أجل أن يغلظوا موقفهم".
وشعر الأمريكيون بالثقة في أن الصفقة نفسها كانت مغرية بدرجة كافية بحيث لا يمكنهم الانسحاب منها، وأنها كانت قوية بما يكفي بحيث لا يمكنهم التراجع عنها والحصول على ما يريدون.
وبموجب الصفقة، تم تحويل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية من حسابات مقيدة في كوريا الجنوبية إلى حسابات مقيدة في قطر لاستخدامها لأغراض إنسانية، وستطلق الولايات المتحدة سراح 5 إيرانيين من سجونها.
ووصلت آخر الأموال الإيرانية إلى الحسابات المصرفية في قطر يوم الاثنين، وقامت الولايات المتحدة بالتنسيق مع المسؤولين القطريين لإخطار إيران بوصول الأموال، الأمر الذي سيؤدي بعد ذلك إلى سلسلة من الخطوات التي تؤدي إلى الإفراج.
ومع ذلك، كان هناك تأخير لأن المسؤولين الإيرانيين "لم يتمكنوا من العثور على رئيس البنك المركزي للتوقيع على بعض الرسائل التي كان عليهم إرسالها للسماح للأشخاص بالسماح لهم بمغادرة الفندق والذهاب إلى المطار"، وقال المسؤول الكبير بوزارة الخارجية الأمريكية: "كان هذا يمهد الطريق لكل شيء".
ورغم وصول الأموال، وبدا أن كل شيء جاهزا لاتمام الصفقة لكن لم يكن هناك شيء بسيط في هذه العملية، فحتى الساعات التي سبقت صعود الأمريكيين المفرج عنهم على متن طائرة قطرية من إيران إلى الدوحة، كان المسؤولون الإيرانيون لا يزالون يحاولون تأخير الصفقة، حسبما قال المسؤولون لشبكة CNN.
وحاول الإيرانيون الإصرار على أن يتناول السجناء المفرج عنهم والدبلوماسيين من كافة الأطراف، وجبة الغداء في مطار طهران قبل المغادرة لكن المسؤولين القطريين، في مناورة دبلوماسية، ردوا بأنهم سيشعرون بالإهانة إذا لم يتناول الجميع الطعام أثناء وجودهم على متن الطائرة القطرية، وتم تجنب محاولة التأخير.
وبعد أن اجتازت سلسلة العقبات المتأخرة، أقلعت الطائرة القطرية التي تقل سياماك نمازي، ومراد طهباز، وعماد شرقي، واثنين من المعتقلين المفرج عنهم الآخرين الذين لم تُعرف أسماؤهم علنًا، بالإضافة إلى والدة سياماك إيفي وزوجة مراد فيدا، من طهران الساعة 9 صباحا بالتوقيت الشرقي يوم الاثنين.
وعندما هبطوا في الدوحة، تم استقبال الأمريكيين، ومنحوا هواتف محمولة للاتصال بأفراد عائلاتهم، الذين كانت أرقامهم موجودة بالفعل في الهواتف.
كما تلقوا مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي تحدث مع كل منهم على حدة لأكثر من 10 دقائق، وقال بلينكن يوم الاثنين إنها كانت "محادثات عاطفية".
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية أعطت أفراد أسر السجناء تنبيها في أواخر الأسبوع الماضي بأنه ينبغي عليهم التوجه إلى واشنطن، دون تقديم الكثير من التفاصيل أو محاولة رفع آمالهم بشكل كبير، وكانت على اتصال منتظم مع العائلات بعد ذلك، واتصل بهم الرئيس الأمريكي جو بايدن صباح الاثنين بعد إطلاق سراح السجناء.
وبعد ظهر يوم الاثنين، بعد وقت قصير من الساعة الواحدة بعد الظهر بالتوقيت الشرقي، غادرت الطائرة الأمريكية التي تقل السجناء ومسؤولين أمريكيين آخرين، الدوحة في طريقها إلى الولايات المتحدة.