القاهرة، مصر (CNN) -- أصدرت مؤسسات دولية، خلال الأيام القليلة الماضية، تقارير غير إيجابية عن الاقتصاد المصري أبرزها خفض وكالة موديز التصنيف الائتماني لمصر درجة واحدة، وكذلك خفض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد بمقدار 0.3 نقطة ليصل إلى 3.7% خلال العام المالي الحالي، يأتي هذا مع قرب انعقاد الانتخابات الرئاسية خلال شهر ديسمبر المقبل، فيما يرى خبراء أن أزمة ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، ونقص النقد الأجنبي أبرز التحديات التي تواجه المسؤولين في البلاد، مما يتطلب ضرورة تحركها في اتجاهات عدة حتى تستطع سداد التزاماتها الدولية.
وبنهاية الأسبوع الماضي، أصدرت وكالة التصنيف الائتماني "موديز"، قرارًا بخفض التصنيف الائتماني السيادي لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية من درجة B3 إلى درجة Caa1 مع نظرة مستقبلية مستقرة، وبعده بساعات قليلة خفض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد في مصر إلى 3.7% في العام المالي الحالي من 4.2% متوقعة خلال العام السابق.
قال الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع، إن تقارير المؤسسات الدولية غير المتفائلة بشأن الاقتصاد المصري تأتي نتيجة عدة أسباب أهمها تأجيل مراجعة صندوق النقد الدولي للشريحة الثانية من القرض المقدم لمصر، وتباطؤ مسار تخارج الدولة من بعض القطاعات الاقتصادية التي سبق أن أعلنت عزمها التخارج منها عبر بيع أصول حكومية للقطاع الخاص، وتأخير اتخاذ أية قرارات بشأن تحريك سعر صرف الجنيه أمام الدولار للقضاء على السوق الموازية، وتسببت هذه العوامل في خفض التصنيف الائتماني لمصر من قبل وكالة "موديز" لنفس التصنيف الذي كانت عليه مصر عام 2013.
وأجل صندوق النقد الدولي مراجعته الأولى للقرض الذي وافق عليه لمصر بقيمة 3 مليارات دولار، والتي كانت مقررة في مارس الماضي، ونقل تقرير حكومي، عن اتفاق مصر مع صندوق النقد على دمج المراجعتين الأولى والثانية خلال الربع الأول من العام المقبل.
وأضاف نافع، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية أن الحكومة المصرية تواجه تحديات اقتصادية صعبة خلال الفترة الحالية أبرزها التغلب على نقص النقد الأجنبي ووجود سعرين لسعر الصرف، والتزام مصر بسداد التزاماتها من أقساط الديون وفوائدها خلال العامين المقبلين، واستمرار ارتفاع عجز الموازنة وميزان المدفوعات مما يزيد من الضغط على موارد النقد الأجنبي، إضافة إلى قرب انعقاد الانتخابات الرئاسية مما يؤدي لتأجيل مراجعة صندوق النقد.
وتابع غير أن المجموعة الاقتصادية الوزارية يجب عليها أن تتعامل مع التحديات الحالية وخاصة مرونة دخول وخروج الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة للتغلب عليها، وتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد.
وتواجه مصر أزمة نقص في النقد الأجنبي منذ مارس من العام الماضي نتيجة تداعيات الحرب الأوكرانية، وارتفاع أسعار الفائدة عالميًا مما أدى إلى خروج أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وارتفاع فاتورة الواردات، وانخفاض تحويلات المصريين بالخارج بسبب وجود سعرين للصرف، وحاولت الحكومة التغلب على هذه الأزمة بتعزيز مصادرها من الدولار.
وذكر مدحت نافع، أن تغلب الحكومة على التحديات السابق ذكرها سيؤدي بالتبعية إلى تحسن التصنيف الائتماني لمصر، وهو ليس هدفًا في حد ذاته، والأهم تجاوز مصر الأزمة الاقتصادية الحالية، مشيرًا لأهمية اتخاذ حلول جديدة لسداد التزامات مصر من أقساط وفوائد الديون، والذي وصل إلى مستوى 165 مليار دولار.
وتلتزم مصر بسداد 29.2 مليار دولار ديون وأقساط دين خارجية خلال العام المقبل، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إن كل التقارير المحلية والدولية تؤكد أن الاقتصاد المصري يعاني جراء أزمة نقص النقد الأجنبي، والتي كانت نتيجة عوامل خارجية بشكل أساسي مثل موجة التضخم العالمي والحرب الأوكرانية، غير أنه أشار إلى خفض التصنيف الائتماني لمصر قرارًا غير موفق من وكالة "موديز"، والتي كان يستوجب عليها انتظار صدور تقرير أداء الاقتصاد المصري خلال الربع الأول، خاصة في ظل صدور بيانات حكومية تؤكد سداد مصر كل التزاماتها الدولية خلال الفترة الماضية، وبالنسبة لتوقعات البنك الدولي لمعدل نمو الاقتصاد المصري فهي تقترب من المستهدف الحكومي عند 4% خلال العام المالي الحالي.
وفي بيان رسمي لوزير المالية تعليقًا على قرار "موديز" بخفض التصنيف الائتماني لمصر، أكد الوزير أن الحكومة المصرية اتخذت مؤخرًا إصلاحات هيكلية مهمة ومحفزة للاستثمار وداعمة لتحسين بيئة الأعمال وتمكين القطاع الخاص، لتعزيز دوره وزيادة مساهماته في النمو الاقتصادي.
أضاف "بدرة"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن الاقتصاد المصري يواجه تحديات أبرزها أولًا ارتفاع سعر الفائدة سواء خارجيًا مما يؤثر على استقطاب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة أو داخليًا مما يؤثر على ارتفاع معدل عجز الموازنة، وثانيًا استمرار أزمة نقص النقد الأجنبي، متابعًا أن استمرار الوضع العالمي من زيادة سعر الفائدة سيبقي على أزمة سعر الصرف دون تغيير مهما التزمت مصر بتطبيق برنامج صندوق النقد الدولي، مشددًا على ضرورة أن تتخذ الحكومة آليات متنوعة حتى تستطع سداد التزاماتها الدولية سواء عبر الإسراع في برنامج الطروحات الحكومية، وجدولة الديون قصيرة الأجل