(CNN) -- يحذر المدافعون عن المناخ من أن مسودة الاتفاق النهائي لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" قد تكون على وشك الفشل بعد أن أزالت المسودة الدعوة المتعلقة بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وهو المحرك الرئيسي لأزمة المناخ.
وبدلا من ذلك، استخدمت المسودة، التي تم نشرها، الاثنين، بعد أكثر من 6 ساعات من الموعد المتوقع، لغة مخففة بشأن الوقود الأحفوري في تنازل واضح للدول المنتجة للنفط التي عارضت هذا الإجراء.
ودعت المستودة الدول إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من التلوث الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحراري، والتي "يمكن" أن تشمل الحد من استهلاك وإنتاج النفط والفحم والغاز.
وانتقد العديد من خبراء ومراقبي المناخ المسودة بسبب لغتها الغامضة ــ بما في ذلك استخدام كلمة "يمكن" غير المحددة ــ والافتقار إلى جداول زمنية محددة.
وحضر أكثر من 100 دولة إلى المحادثات التي عقدت في دبي لدعم التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، ومن المرجح أن يعرب العديد منها عن معارضتهم في الجلسات المقبلة.
وقد تحاول دول أخرى، مثل السعودية، التي ضغطت ضد إدراج أي إشارة إلى الوقود الأحفوري، تخفيف النص بشكل أكبر.
وإذا لم تحصل المسودة الحالية على دعم واسع النطاق، فقد يحتاج المفاوضون إلى العودة إلى المناقشة.
وتضمنت المسودات السابقة عدة خيارات تدعو الدول إلى التخلص التدريجي من النفط والغاز والفحم الملوث للمناخ، وهو ما قال المراقبون إنه علامة مشجعة على أن اتفاق القمة هذا العام سيكون أقوى من السنوات السابقة.
وقال المدافع عن المناخ ونائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور، على منصة "إكس"، إن القمة "الآن على وشك الفشل التام"، وأضاف: "العالم بحاجة ماسة إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في أسرع وقت ممكن، ولكن هذه المسودة المذلة تبدو كما لو أن منظمة أوبك أملتها عليها حرفيا"، وتابع: "الأمر أسوأ مما كان يخشاه الكثيرون."
ودعا الأمين العام لمنظمة أوبك المنتجة للنفط، هيثم الغيص، الأسبوع الماضي، الأعضاء والحلفاء إلى "الرفض الاستباقي" لأي لغة تستهدف الوقود الأحفوري بدلا من الانبعاثات.
وأشارت الرسالة، التي كتبت قبل نشر المسودة الأخيرة، إلى الخيار السابق المتمثل في "التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري"، وقالت إنه "سيكون من غير المقبول أن تعرض الحملات ذات الدوافع السياسية ازدهار شعبنا ومستقبله للخطر".
وتدعو المسودة الجديدة البلدان إلى اتخاذ إجراءات للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، مع قائمة من الخيارات التي يمكن أن تشمل "تقليل استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة لتحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050 أو قبله"، وتتضمن أيضا خيارا "لمضاعفة قدرة الطاقة المتجددة على مستوى العالم ثلاث مرات".
وقال رئيس مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب 28"، سلطان الجابر، الاثنين، في جلسة القمة: لقد أحرزنا تقدما لكن لا يزال أمامنا الكثير لنفعله، أنتم تعرفون ما الذي لا يزال يتعين الاتفاق عليه، وأنتم تعلمون أنني أريدكم أن تحققوا أعلى الطموح في جميع البنود، بما في ذلك الوقود الأحفوري".
"شهادة وفاتنا"
وجاءت المسودة الجديدة بعد مفاوضات ماراثونية وتم نشرها بعد أكثر من ست ساعات من الموعد المتوقع.
ومن المقرر أن ينتهي المؤتمر يوم الثلاثاء، لكن المسودة الجديدة - التي هي بعيدة كل البعد عن ما دعت إليه العديد من الدول في دبي - يمكن أن تطيل أمد أحد أكثر المؤتمرات إثارة للجدل والأكثر خطورة في تاريخه الذي يقارب ثلاثة عقود.
وأشار تحالف الدول الجزرية الصغيرة (AOSIS)، وهو منظمة حكومية دولية، بالفعل إلى أن أعضائه لن يوافقوا على الاتفاقية في شكلها الحالي وانتقد المفاوضات باعتبارها "تفتقر إلى الشفافية والشمولية".
وقال سيدريك شوستر، وهو سياسي من ساموا ورئيس تحالف الدول الجزرية الصغيرة، في بيان: "لن نوقع على شهادة وفاتنا، ولا يمكننا التوقيع على نص لا يتضمن التزامات قوية بشأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري."
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان، إن المسودة "تسعى إلى تحقيق التوازن بين مجموعة متنوعة من المصالح"، لكنها لا تزال "بحاجة إلى تعزيزها بشكل كبير"، ووصف كبار المفاوضين عن الاتحاد الأوروبي المسودة بأنها "غير كافية".
وقال فوبكه هوكسترا مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون المناخ، للصحفيين: "لا أستطيع أن أخفي عنكم حقيقة أن النص بصيغته الحالية مخيب للآمال هناك بعض الأشياء الجيدة هناك، ولكن بشكل عام، من الواضح أنها غير كافية وغير كافية لمعالجة المشكلة التي نحن هنا لمعالجتها."
وأضاف هوكسترا أن الاتحاد الأوروبي متمسك بموقفه، داعيا إلى التخلص التدريجي من الفحم والنفط والغاز، والسماح فقط باستخدام الوقود الأحفوري في القطاعات التي يصعب فيها توظيف مصادر الطاقة المتجددة، فالصناعات الثقيلة مثل صناعة الصلب، على سبيل المثال، لا يمكنها استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وقال ألوك شارما، عضو البرلمان البريطاني ورئيس مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP26) في غلاسكو قبل عامين، عبر منصة "إكس"، إنه "من الصعب أن نرى كيف سيساعد هذا النص في تحقيق الخفض العميق والسريع في الانبعاثات التي نحتاجها بحلول عام 2030".
وأضاف: "مع دعم العديد من البلدان للغة الواضحة بشأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، من الذي يخدمه هذا النص في الواقع؟".
وقال هارجيت سينغ، رئيس الاستراتيجية السياسية العالمية في شبكة العمل المناخي الدولية، إن المسودة الأخيرة كانت بمثابة "تراجع كبير" عن الإصدارات السابقة.
وأضاف سينغ لشبكة CNN: "من المثير للدهشة أنها تخلت عن لغة صريحة بشأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، واختارت بدلا من ذلك التزاما غامضا بتقليل الاستهلاك والإنتاج بحلول عام 2050".
وتابع: "هذا مؤشر واضح على قوة الضغط التي تتمتع بها صناعة الوقود الأحفوري، والتأثير على السياسات العالمية لصالح استخدام الوقود الأحفوري لفترة طويلة."
وقالت راشيل كليتوس، مديرة السياسات والخبيرة الاقتصادية في برنامج المناخ والطاقة في اتحاد العلماء المعنيين، إن مسودة الاتفاقية كانت "مخيبة للآمال للغاية، ومقلقة، ولا تقترب بأي حال من مستوى الطموح الذي يستحقه الناس في جميع أنحاء العالم".
وأضافت، في بيان: " المسودة تحتوي على قائمة طويلة من الإجراءات المليئة بالثغرات الصارخة، بما في ذلك الافتقار إلى جداول زمنية ذات معنى".
وكان بعض الخبراء أكثر تفاؤلا، وقال محمد أدو، مدير مركز باور شيفت إفريكا للأبحاث المناخية، في بيان: "نحن نعد وجبة خالية من الوقود الأحفوري هنا في دبي، وسوف يتجادل الناس حول ما إذا كانت هذه هي الوصفة الصحيحة، ولكن الشيء الرئيسي هو أن جميع المكونات الصحيحة موجودة".