عمّان، الأردن (CNN)-- أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، مهند مبيضين، بأن "الموقف الأردني ثابت من الحرب على غزة، و يتناسب مع التصعيد والإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في القطاع والتضييق الذي يتم في مناطق الضفة الغربية باعتباره مسارا موازيا لسياسات إسرائيل المتعسفة والمتوحشة تجاه الأهل في فلسطين عموما"، مجددا التذكير باستناد هذا الموقف إلى 3 أهداف رئيسية هي؛ وقف الحرب وإيصال المساعدات واستعادة المسار السياسي القائم على حل الدولتين الذي ينتهي إلى دولة فلسطينية عاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران.
وتحدث مبيضين الذي يشغل أيضا موقع وزير الاتصال الحكومي في الحكومة الأردنية منذ أواخر سبتمبر/ أيلول من هذا العام، حول ما وصفه بضرورة "التصدي" لسياسات إسرائيل في المنطقة"، قائلا إن إسرائيل هي من "تتحدث عن مواجهات مع الأردن وهي التي تقوض السلام مع الأردن"، معتبرا أن "السلام مهم بالنسبة لها أكثر مما هو مهم بالنسبة للأردن".
ورأى مبيضين في مقابلة مع موقع CNN بالعربية، أن مسألة دعم الفلسطينيين "ليست بندا على أجندة السياسة الأردنية، إنما هي قضية أردنية مهمة كما هي القضية الفلسطينية بالنسبة للأردنيين وهذا الأمر ينعكس أيضا من خلال المواقف الشعبية الأردنية".
وفي السياق، قال مبيضين حول مساعي المملكة منذ اليوم الأول للحرب على غزة، في كسب التأييد لموقفها وأن "التطور الأردني يقوم بإمكانية خلق تحالفات دولية فيما يتعلق الإمدادات الغذائية، وهذا ما طرحه جلالة الملك بالرياض في القمة العربية الإسلامية من خلال الخطاب الأردني أمام الجهد العربي المشترك المتضامنين معه والذي قاد إلى قرارين في الجمعية العامة للأمم المتحدة واضح".
وأكد أن الأردن سعى إلى "خلق رواية معاكسة لما حاولت إسرائيل أن تصدره للعالم، بأنها تقوم بعمليات دفاع عن النفس وهذا أمر لا يمكن القبول به". وأضاف: "الأردن استثمر كل المنابر وفي قمة المناخ أيضا الأردن استثمرها عبر خطاب جلالة الملك في الإشارة إلى الهشاشة التي أصبح يعاني منها الشعب الفلسطيني جراء هذه الحرب المستعرة ".
المعيقات أمام إيصال المساعدات
أما عن المعيقات من الجانب الإسرائيلي أمام مسار إيصال المساعدات إلى غزة والضفة الغربية برا أو جوا، أوضح مبيضين بالقول إن "العالم كله تنبه إلى ما تقوم به إسرائيل من سياسات وإجراءات تعقّد أو تحول دون وصول المساعدات،" وأضاف: "كان هذا مطلبا أردنيا وعربيا وأصبح فيما بعد، مطلبا أمميا، جميع الدول تعرف أن إسرائيل تضع العوائق أمام إيصال المساعدات، الأردن حاول أن يقوم بكل الإجراءات الممكنة لإيصال المساعدات سواء طبية أو إغاثية من طعام ومؤن بكافة الوسائل المتاحة، سواء بالإنزالات الجوية التي تمت على المستشفى الميداني الأردني في غزة\ 76 القائم منذ 2009، أو غيرها".
وأشار مبيضين إلى حادثة تعرض محيط المستشفى إلى القصف، موضحا بالقول: "هذا مستشفى قصف محيطه وأبناؤنا من منتسبي الخدمات الطبية الملكية تعرضوا للإصابات وهناك المستشفى الأردني الخاص غزة\ 2 الموجود بجانب مجمع ناصر في خانيونس، هذا أيضا جزء من الدعم الأردني الإغاثي وهناك المستشفى الأردني في نابلس في الضفة الغربية وهناك مسار طويل من هذا الجانب الإغاثي من قبل الحرب ومنذ قبل 15 عاما".
وشدد مبيضين على أن "المعادلة الكبرى" اليوم هي أن "تفتح إسرائيل معبر رفح، ويتمكن الأشقاء المصريون من تمرير الشاحنات الموجودة على امتداد خط إيصال الشاحنات التي تنتظر على معبر رفح وطال انتظارها وتشهد معيقات كبيرة"، بحسبه.
ونوه مبيضين، إلى أن مسألة تقديم المساعدات للفلسطينيين، ليست "مسألة إعلانية تقوم بها الدولة"، مردفا: "هي جزء من السياسة الأردنية والوجدان الأردني والواجب الأردني الواضح بأن خط إمدادات الدعم للأشقاء الفلسطينيين في فلسطين يجب ألا ينقطع حتى في ظل ميزانية اقتصادية أردنية ربما تكون مثقلة وفي ظرف اقتصادي صعب".
وتطرق مبيضين إلى حجم المساعدات المرسلة خلال الأسابيع الماضية للضفة الغربية، ومن بينها 45 طنا من القمح والحبوب إضافة إلى الأدوية. وقال: "هذا جزء من الموازنة الأردنية أكثر من 20 مليون دينار أردني أصبحت كلفة الدعم وأكثر، وهناك الدعم الذي قدم للأونروا في بداية الحرب".
عمليات الإجلاء للأردنيين من قطاع غزة
وفيما يتعلق بعمليات إجلاء الأردنيين من قطاع غزة، التي بدأتها الحكومة الأردنية منذ بدء الحرب على غزة، قال مبيضين إن "كل الدول واجهت صعوبة في بداية الحرب في عمليات الاجلاء لرعاياها".
وبين أن الأردن، نفذ عمليات الاجلاء على دفعات، وقال: "أجليّت مجموعات كبيرة.. تقريبا أكثر من 600 مواطن أردني تم إجلاؤهم والأعداد تتزايد لأن بعض الناس غير مسجلّين وقد يزيدون ويسجلون في الأيام القادمة".
وأشار إلى أن عدد الذين سجلوا أو ثبّتوا وجودهم في قطاع غزة تقريبا أكثر من 1014 أردنيا (إلى قبل نحو أسبوع)، وأضاف: "هؤلاء تم إجلاء أكثر من 600 منهم كما قلت، ويتم التنسيق مع إخواننا المصريين وبجهود أيضا من السفارة الأردنية في القاهرة".
الحراك الشعبي الأردني
وعلق مبيضين على الحراك الاحتجاجي في الشارع الأردني المتضامن مع غزة، بما في ذلك الموقف الشعبي الداعم "للمقاومة"، قائلا: "الشارع الأردني موقفه ليس داعما ومنحازا فقط. الشارع الأردني يعتبر القضية الفلسطينية قضيته كما أن القيادة الأردنية تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها كما أن الأمر مرتبط بمسألة الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية".
واستطرد: "المسألة الفلسطينية والقضية الفلسطينية في الأردن ليست مسألة مثل بقية الدول،" فيما اعتبر أن أكثر "دولة فيها حيوية سياسية وتعبير سياسي من مختلف القوى السياسية وحتى القوى الاقتصادية المتضامنة في الأردن".
وأضاف في هذا الصدد "مستوى الرأي العام الذي يصنع في الأردن هو الأكثر تأثيرا وكثافة، وحتى التفاعل على مستوى الأخبار التي تم رصدها عبر شبكات التواصل الاجتماعي على مستوى العالم ربما في المنطقة كان في الأردن، الكل الأردني متفاعل مع القضية الفلسطينية وتتناغم معها. إذا ذهبت إلى أي مكان في شوارع عمان أو أي متجر بسيط ستجدين متابعة أخبار غزة، حتى في البيوت حتى في المدارس ورياض الأطفال ورأينا بعض الفعاليات والبعض قال إن هذه مسألة تربوية قد تخضع لمزاج ومقاسات التربويين. نحن لا نتوقف عند هذا".
ورأى مبيضين، إن من أهمية الوعي بمجريات الحرب على غزة بحسبه، أنها "أعادت حضور القضية الفلسطينية عند الجيل الناشئة وعند جيل الشباب الذي كان الناس يعتقدون، أنهم لا يعرفون شيئا عن هذه القضية ولا يهتمون بها".
الموقف من حكومة نتنياهو وإسرائيل
ورأى مبيضين أن إسرائيل هي "التي دفعت المنطقة إلى هذه الحرب وإلى هذا الانفجار،" وأن سياساتها التي أدت إلى هذا الطوفان الذي أطلق عليه أهلنا في غزة طوفان الأقصى، لأن سياساتها عبر 17 عاما هي التي أدت إلى نتيجة حتمية عندما تحوّل المكان من 360 كيلومترا إلى سجن كبير هذه هي النتيجة الحتمية بعد التجاهل وازدراء مطالب الناس وحق الناس في الحياة".
وقال مبيضين إن "على إسرائيل أن تتقدم بشكل أفضل نحو السلام لحاجتها له"، معلقا على تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حول "إيقافه لحلم الدولة الفلسطينية" بالقول: "هذا هو شكل اسرائيل المتطرفة في ظل هذه الحكومة أمامهم فرصة أن يغيروا العالم وأن يغيروا صورتهم باستعادة مسار السلام وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم هذا ما نقوله. والأردن رفع هذا الشعار استعادة المسار السياسي لموضوع التفاوض وإعادة الحقوق الفلسطينية والدولة الفلسطينية".
وأردف: "إذا أراد الاحتلال الاسرائيلي وأرادت إسرائيل أن ترى المنطقة بشكل أفضل، عليها أن تتقدم بشكل أفضل نحو السلام، هذه الحكومة الموجودة في إسرائيل حكومة متطرفة وحكومة يمينية اتخذت قرارات على مستوى الكنيست بعدم عودة العمال الفلسطينيين إلى الخط الأخضر أو مناطق 1948. هؤلاء أكثر من 175 ألف عامل فلسطيني يؤثرون على الحياة في الضفة الغربية ويشكلون قوة اقتصاد كبرى ومعدل أجورهم تقريبا 400 مليون دولار. هؤلاء ينشلون الاقتصاد الفلسطيني في الدورة الشهرية".
وشدد على أنه "عندما تتجه إسرائيل بهذا كله وبهذا الشكل من الحرب وبهذه الصورة الوحشية، معناها أن المنطقة كلها يجب أن تتصدى إلى هذه السياسات وإلى هذا الشكل من المواجهات".
وبشأن تقويض إسرائيل لعملية السلام، علق مبيضين: "إسرائيل هي تتحدث عن مواجهات مع الأردن وهي التي تقوض السلام مع الأردن.. السلام مهم بالنسبة لها أكثر مما هو مهم بالنسبة للأردن. الأردن خياره الاستراتيجي كان السلام ومازال لكن إسرائيل هي التي تعمل على نقض هذا السلام ووأده".
حملات تشويه ضد الأردن
أوضح مبيضين موقف حكومة بلاده مما أسماه "حملات تشويه مقصودة وممنهجة"، بالقول: "من الطبيعي عندما يقوم الأردن بهذه الأدوار المتعددة والمختلفة على مستوى الدبلوماسية التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني والتأثير الذي ألقته جلالة الملكة رانيا، وأيضا مشاركة ولي العهد والأميرة سلمى في عملية الإنزال، بالإضافة إلى القوى السياسية وتصريحات دولة رئيس الوزراء ووزير الخارجية أيمن الصفدي. هذه الحيوية أيضا لدى المجتمع الأردني وهو صانع تأثير في هذا المزاج العالمي والمؤثر تجاه القضية الفلسطينية".
ويعتقد مبيضين أن ما يجري هو "جزء من النضال الفلسطيني في سبيل الوصول إلى حقوقه". وأضاف: "هذه الحقوق تم قضمها وإنهائها وتم التعامل معها بشكل سلبي وبشكل وحشي وبشكل ممنهج في التدمير والقضاء على الأمل للناس".
وعن جانب الإشاعات حول ما يمر بالأردن، علّق بالقول: "أول مرة قالوا عن الطائرات التي تأتي من الولايات المتحدة عبر مطارات أردنية ثم الحديث عن النقل (الجسر البري) ثم عن الإنزال وأن الأردن ينزل أجهزة تجسس. هناك من هو كاره أن الأردن يعمل، ولا يريد أن يتضامن مع فلسطين ويريد أن ندخل حرب حسابات هو يريدها. وهناك من لا يريد للأردن أن يكون مستقرا".