(CNN)-- اعتمدت الحكومة المصرية، أضخم موازنة في تاريخها للسنة المالية المقبلة 2024/2025 بإجمالي مصروفات بلغت 6.4 تريليون جنيه (135 مليار دولار)، وإيرادات مستهدفة 5.05 تريليون جنيه (106.5 مليار دولار)، وتعتزم تقديمها للبرلمان المصري الأحد المقبل وفق الميعاد الدستوري، فيما أكد رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب أن الموازنة الجديدة تركز على ملفي التعليم والصحة، وترفع من مخصصات الدعم لتحسين معيشة المواطنين، كما تضع سقفا للاستثمارات العامة لزيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
وتطبق الحكومة المصرية لأول موازنة الحكومة العامة، والتي تشمل الموازنة العامة للجهاز الإداري للدولة وكافة الهيئات الاقتصادية، وذلك بهدف بيان القدرات الحقيقية للمالية العامة للدولة من خلال تضمين كامل إيرادات ومصروفات الدولة وهيئاتها العامة، وفق بيان رسمي.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، فخري الفقي، إن البرلمان المصري سيتسلم مشروع قانون موازنة الحكومة العامة للسنة المالية 2024/2025 الأحد المقبل، وفق الميعاد الدستوري، مضيفًا أن مشروع القانون سيتضمن الموازنة العامة للجهاز الإداري للدولة، ويضاف إليها لأول مرة موازنة الهيئات الاقتصادية.
وألزم الدستور المصري، الحكومة بعرض مشروع الموازنة العامة للدولة المصري على مجلس النواب قبل 90 يومًا على الأقل من بدء السنة المالية، والتي تبدأ يوم 1 يوليو من كل عام، وذلك وفق المادة 124 من الدستور.
أوضح الفقي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أبرز المؤشرات الأولية لمشروع قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024/2025 وأهمها زيادة الإنفاق على ملفي التعليم والصحة، ويعدان أولوية للدولة خلال الفترة المقبلة، وكذلك زيادة الإنفاق على برامج الدعم إلى 636 مليار جنيه (13.4 مليار دولار) لتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين من خلال زيادة الدعم لبنود السلع التموينية، والمواد البترولية، ومعاش تكافل وكرامة، وذلك في ظل ارتفاع التضخم.
ووفق وزير المالية، سيرتفع دعم الموازنة العامة للدولة على المواد البترولية إلى 154 مليار جنيه (3.2 مليار دولار) بسبب ارتفاع أسعار البترول عالميًا وتغير سعر الصرف، كما يرتفع دعم السلع التموينية إلى 144 مليار جنيه (3.048 مليار دولار)، وتخصيص 215 مليار جنيه (4.5 مليار دولار) للمعاشات.
وقال إن الحكومة تستهدف الوصول بعجز الموازنة إلى 6% على الأجل المتوسط، مستندة في ذلك على توقعاتها السيطرة على معدل التضخم المرتفع ليصل إلى رقم أحادي، وارتفاع الجنيه أمام الدولار لقرب مستويات 32 جنيهًا خلال السنوات الثلاث المقبلة، وكذلك تستهدف الحكومة خفض معدل الدين للناتج المحلي ليصل إلى 80% بحلول يونيو 2027 من خلال توجيه نصف إيرادات برنامج الطروحات الحكومية لخفض الدين ووضع سقف للضمانات الحكومية.
وأطلقت الحكومة، في فبراير من العام الماضي، برنامج الطروحات الحكومية لبيع جزء من حصص الحكومة بـ35 شركة للقطاع الخاص مستهدفة زيادة إيرادات الموازنة، وتطبيق خطتها لزيادة مساهمة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية، وجمعت الحكومة 5.6 مليار دولار من حصيلة التخارج من 14 شركة، وفق تصريحات رسمية لرئيس الوزراء.
وأشار فخري الفقي، إلى أن المؤشرات الأولية لمشروع قانون الموازنة العامة تكشف عن استمرار تأثير تداعيات الأوضاع الاقتصادية العالمية على الموازنة، ويظهر أثر ذلك في الارتفاع الكبير للمصروفات العامة نتيجة زيادة تكلفة سداد أقساط وفوائد الديون، بعد ارتفاع سعر الفائدة 8 نقاط أساس منذ بداية 2024، وانخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بعد تحرير سعر الصرف، مدللًا على حديثه بارتفاع تكلفة اقتراض الدولة من خلال أذون الخزانة إلى 28%.
ويكلف رفع أسعار الفائدة 100 نقطة أساس زيادة في مدفوعات الفوائد بالموازنة العامة بقيمة 70 مليار جنيه (1.5 مليار دولار)، وفقًا للبيان المالي للموازنة العامة 2023/2024.
ولفت رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إلى أهمية وضع الحكومة سقف لإجمالي الاستثمارات العامة للدولة، بهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، لتطبيق ما تم الاتفاق عليه بوثيقة سياسة ملكية الدولة، منوهًا إلى أنه لا يمكن وقف الاستثمارات العامة للدولة؛ لأنها تعمل على تهيئة البنية التحتية اللازمة للقطاع الخاص لضخ استثمارات جديدة والتوسع في الأنشطة الاقتصادية المختلفة.
من جهته قال أستاذ التمويل والاستثمار، الدكتور مصطفى بدرة، إن مشروع موازنة الحكومة العامة يستهدف وضع حد للاستثمارات العامة بغرض تحقيق هدفين الأول؛ زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وفي هذا الصدد تتوسع الحكومة في إصدار الرخص الذهبية لشركات القطاع الخاص لتسريع وتيرة إنشاء المشروعات، والتوسع في برنامج الطروحات الحكومية، الهدف الثاني خفض المصروفات العامة للسيطرة على عجز الموازنة وتحقيق فائض أولي مرتفع، وكذلك الحفاظ على السيولة الدولارية من خلال عدم البدء في أية مشروعات جديدة.
ووضعت الحكومة خطة لترشيد الإنفاق الاستثماري تضمنت عدة بنود أهمها عدم التعاقد على أي تمويل خارجي، أو البدء في أي مشروع حتى من خلال مكون محلي يترتب عليه قرض أو مكون أجنبي إضافي، وتأجيل تنفيذ المشروعات حديثة الإدراج بالخطة الاستثمارية، وعدم البدء في أية مشروعات جديدة في العام المالي الحالي، وفق قرار رسمي.
أكد "بدرة"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، صعوبة الحكومة خفض العجز الكلي إلى 6% على المدى المتوسط في ظل ارتفاع أسعار الفائدة محليًا وعالميًا، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن العائد على أذون الخزانة وصل إلى 32% لأجل عام، متوقعًا أن تحقق مصر معدل نمو يتراوح بين 3.5-3.7% خلال العام المالي الحالي المنتهي في 30 يونيو 2024، على أن يرتفع إلى 4% خلال العام المالي المقبل.