دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أقر البرلمان المصري قانون التأمين الموحد، متضمنًا في مادته رقم 39 حالات جديدة للتأمينات الإجبارية، أبرزها التأمين ضد مخاطر حالات الطلاق، التي تصرف للسيدة المطلقة لتأمينها ماديًا لحين استلام جميع مستحقاتها من الزوج، وأثارت المادة جدلا بين مؤيدين لحماية السيدات من أية مشاكل مالية بعد الانفصال وما بين معارض، معتبرين أن الوثيقة تشجع على حالات الطلاق المتزايدة في مصر بشكل لافت.
وانخفض عدد حالات الطلاق في مصر من 299 ألف حالة في عام 2022 إلى 238 ألف حالة في عام 2023 بنسبة تراجع 13%، وبلغت عدد حالات الخلع 8 آلاف حالة العام الماضي، وفق تصريحات تليفزيونية لرئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خيرت بركات.
وقال عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب المصري، عاطف المغاوري، إنه تقدم باعتراض خلال مناقشة قانون التأمين الموحد الجديد بسبب إدراج التأمين ضد مخاطر الطلاق ضمن التأمينات الإلزامية الواردة بالقانون، مفسرًا سبب اعتراضه بأن إقرار الوثيقة بمثابة قفزة للأمام على قانون الأحوال الشخصية الجديد، التي تعده الحكومة في الوقت الحالي لتنظيم علاقة الأسرة، ولذا كان من الأولوية بأن يتم تأجيل إقرار الوثيقة لحين مناقشة قانون الأحوال الشخصية.
وتعد الحكومة مشروعات قوانين جديدة متعلقة بالأسرة، تستهدف تحقيق التوازن بين حقوق الرجل والمرأة، والمساهمة في تحقيق الاستقرار الأسري من خلال خفض حالات الطلاق - وفق تصريحات رسمية - ولم يتم التقدم بمشروع قانون الأحوال الشخصية للبرلمان حتى الآن، وفق نواب.
أوضح المغاوري، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن وثيقة تأمين مخاطر الطلاق لها طبيعة خاصة تختلف عن وثائق تأمينات الحياة والادخار، فلا يمكن تحويل العلاقات الأسرية لوثيقة مادية، محذرًا من مخاوف الترويج الخاطئ للوثيقة لتسريع إجراءات الزواج، مذكرًا بشائعة فرض رسوم على المقبلين على الزواج مما دفع عدد كبير منهم إلى تعجيل عقد القران لعدم سداد الرسوم الجديدة.
وسبق أن نفت الحكومة في بيانات رسمية، فرض رسوم على عقود الزواج لصالح صندوق الأسرة المزمع إنشائه ضمن قانون الأحوال الشخصية الجديدة. وقبل النفي الرسمي، اتجه عدد كبير من المقبلين على الزواج لتسريع إجراءات عقد القران قبل سداد الرسوم التي ادعى البعض أنها ستصل إلى 30 ألف جنيه (641.17 دولار).
وأوضح عاطف المغاوري، تفاصيل وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق، قائلًا إن رسوم شراء الوثيقة سيتم سدادها من قبل الزوج خلال عقد القران، على أن يتم صرف التعويض للمطلقة في حالات محددة، أهمها مرور 3 سنوات على الزواج، والطلاق البائن، وسيصل حجم التعويض المنصرف للمطلقة إلى 25 ألف جنيه (534.31 دولار)، لحين حصولها على مستحقاتها المالية من الزوج.
وخلال استضافته بأحد البرامج التليفزيونية، أكد المحامي المختص في شؤون الأسرة، محمد فؤاد، أن وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق تزيد من الالتزامات على الزوج بعد الطلاق، وأنه من الأفضل تسريع إجراءات التقاضي.
من جانبها، قالت عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أمل سلامة، إن وثيقة التأمين على مخاطر الطلاق تسهم في توفير الحماية للسيدات المطلقات لحين الحصول على حقوقها المالية من الزوج، وذلك من خلال صرف مبلغ مالي يصل حده الأقصى 25 ألف جنيه (534.31 دولار) للمطلقة لإعانتها على المعيشة لحين استلام مستحقاتها من الزوج، كما تسهم في صون السيدات من ارتكاب أي أفعال خاطئة للحصول على أموال تساعدها على المعيشة، خاصة أن قضايا النفقة للمطلقات تطول لمدة طويلة تصل إلى عامين.
أضافت سلامة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن وثيقة تأمين مخاطر الطلاق تكافلية أي يتم سداد أقساطها من خلال المقبلين على الزواج مرة واحدة وليست أقساط شهرية على أن يتم صرف مبلغ مالي للمطلقة في حالة مرور ثلاث سنوات على الزواج، وأن تكون بطلقة بائنة كبرى، متابعة أنه بموجب قانون التأمين الموحد الجديد ستنشئ الهيئة العامة للرقابة المالية مجمعة تأمين إجباري على مخاطر الطلاق، وستحدد بناء على دراسة إكتوارية الرسوم الإجباري التي سيسددها الزوج عند عقد القران.
وترى أمل سلامة أن مبلغ التعويض يعتبر كافٍ لحين حصول المطلقة على حقوقها المالية من الزوج، مشددة على أن الوثيقة تحمي الأسرة من التفكك في ظل ارتفاع وتيرة حالات الطلاق، كما لن تجور على حقوق الرجال أو تزيد من الأعباء المالية عليهم، موضحة في هذا الصدد أن رسوم وثيقة التأمين على الطلاق سيتم سداها مرة واحدة عند عقد القران والطلاق وستتراوح الرسوم في حدود 100 جنيه (2.14 دولار) فقط.
فيما ترى عضو لجنة المرأة في نقابة المحامين، مها أبو بكر، أن وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق توفر إعانة مالية مؤقتة للسيدات بعد الانفصال لمساعدتهن على المعيشة، غير أنها كانت تتمنى أن تمتد مظلة الوثيقة لتشمل الأرامل اللاتي تتعرضن لنفس الظروف، وكذلك حالات الخلع، وإلغاء شرط مرور 3 سنوات على الزواج لصرف التعويض للمرأة المطلقة، موجهة الشكر للقيادة السياسية ومجلس النواب وكذلك الحكومة على جهودهم خلال الفترة الماضية لحماية المرأة المصرية.
وأشارت أبو بكر، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن الوثيقة لن تحد من ازدياد حالات الطلاق، والتي تتطلب ضرورة التوعية المجتمعية عن طريق الفن والإعلام ودور العبادة والتربية والتعليم بمخاطر الطلاق على التفكك الأسري، مطالبة بضرورة سرعة إصدار قانون الأحوال الشخصية الجديد على أن يتضمن حقوق متوازنة لصالح كل أطراف الأسرة المصرية.