(CNN)-- تعتزم الحكومة المصرية الجديدة، زيادة أسعار الكهرباء والوقود تدريجيًا حتى نهاية العام الحالي، لسد الفجوة الكبيرة بين تكلفة الإنتاج وسعر الخدمات المقدمة للمواطنين، حسب تصريحات لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الثلاثاء.
يأتي هذا بعد أيام قليلة من أكبر تعديل شمل 26 حقيبة وزارية، وتقدم الحكومة ببرنامج عمل للبرلمان. وبينما قال خبراء اقتصاد إنه على الرغم من أن زيادة أسعار الطاقة هدفها خفض فاتورة دعم الموازنة، فإنهم توقعوا عودة معدلات التضخم للارتفاع مجددًا نتيجة لذلك.
وفي تصريحات صحفية، أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أنه لا سبيل أمام الدولة في طريقها لإصلاح المنظومة الاقتصادية والمالية، سوى التحرك التدريجي في أسعار بعض الخدمات، فيما أكد أن حل مشكلة الكهرباء وخدمات أخرى يشكو منها المواطن، على رأس أولويات الحكومة.
وذكر مدبولي أن سبب زيادة أسعار الخدمات يعود إلى سد الفجوة بين تكلفة الإنتاج وسعر الخدمة المقدمة للمواطنين، قائلا إن الموازنة العامة "تتكبد أعباءً عديدة للغاية بسبب هذه الفجوة". وقال إن "سعر السولار يباع مقابل 10 جنيهات للتر في حين تبلغ تكلفة إنتاجه 20 جنيهًا"، مؤكدًا أنه سيتم زيادة الأسعار تدريجيًا وعلى مدى زمني ليس بالقصير لتعويض جزء من الدعم الكبير الموجود حاليًا للوصول لقيمة معقولة بالنسبة للدولة، حسب قوله.
وتوقعت رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، آية زهير، أن "تتم زيادة الأسعار بصورة تدريجية حتى لا تؤثر على القوى الشرائية للمواطنين، كما ستتم الزيادة بصورة غير متوازية من خلال رفع سعر البنزين مع استقرار سعر السولار الذي يؤثر على أسعار السلع بسبب استخدامه في نقل البضائع، وأن ترفع أسعار الكهرباء على الشرائح الأكثر استهلاكًا لحماية محدودي الدخل"، حسب قوله.
حسب الموازنة العامة، زادت فاتورة الدعم من 532.8 مليار جنيه (11.1 مليار دولار) خلال السنة المالية الماضية 2023/2024 إلى 635.9 مليار جنيه (13.2 مليار دولار) خلال السنة المالية الحالية 2024/2025 بنسبة زيادة 19.3%، بسبب ارتفاع تكلفة دعم المواد البترولية بقيمة 35.1 مليار جنيه (731.3 مليون دولار) لتصل إلى 154.5 مليار جنيه (3.2 مليار دولار)، والسلع التموينية بقيمة 6.45 مليار جنيه (134.4 مليون دولار) لتصل إلى 134.15 مليار جنيه (2.8 مليار دولار).
وقالت زهير، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إن زيادة أسعار بعض الخدمات سينعكس على ارتفاع معدل التضخم خلال قراءة الشهرين المقبلين "ولكن ليس بنسبة مرتفعة، خاصة أن الحكومة ستحرص على أن تتم زيادة الأسعار بصورة تدريجية بشكل لا يؤثر على ارتفاع التضخم بشكل لافت"، حسب توقعها.
وواصلت معدلات التضخم في مصر تباطؤها للشهر الرابع على التوالي في يونيو/حزيران، وسجّل معدل التضخم العام للحضر 27.5% في الشهر الماضي مقابل 28.1% في مايو/أيار من العام الحالي، فيما بلغ معدل التضخم الأساسي 26.6% مقابل 27.1% خلال نفس الفترة الزمنية.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة، إن الحكومة المصرية ستحرك أسعار الخدمات خلال الفترة المقبلة، ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، لخفض تكلفة الدعم لنسب معقولة على أن تتحرك في المستقبل نحو التحول للدعم النقدي، لافتًا أن الحكومة تتجه مع كل زيادة في أسعار الخدمات إلى رفع رواتب العاملين بالحكومة من خلال توجيه تكلفة الدعم إلى رواتب الموظفين.
وأجّل المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، المراجعة الثالثة لقرض صندوق النقد الدولي من 9 يوليو/تموز إلى 29 من الشهر نفسه. وكان من المقرر أن يتخذ الصندوق - بعد اجتماعه - قرارًا بصرف 820 مليون دولار شريحة جديدة من القرض المقدم لمصر بقيمة 8 مليارات دولار.
وأضاف بدرة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن زيادة أسعار الخدمات سيدفع معدل التضخم للارتفاع مجددًا بنفس النسب المرتبطة بأسعار الخدمات، خاصة أن سعر الفائدة مازال مرتفعًا لمستويات تضغط على عجز الموازنة. وأشار إلى اتجاه البنك المركزي المصري لسحب السيولة أسبوعيًا من البنوك للسيطرة على معدل التضخم من خلال تحجيم السيولة.
في نفس السياق، عقدت اللجنة البرلمانية الخاصة بدراسة برنامج الحكومة الجديدة، التي تضم في عضويتها 42 نائبًا يمثلون كل الأحزاب، أول اجتماعاتها الأربعاء، بمشاركة 7 وزراء أغلبهم من المجموعة الاقتصادية، وذلك تطبيقًا لأحكام المادة 126 من لائحة مجلس النواب، التي تقضى بأن يقدم رئيس مجلس الوزراء المكلف برنامج الحكومة خلال 20 يومًا من تاريخ تشكيلها إلى مجلس النواب.
في الوقت نفسه، اجتمع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي مع وزيري الكهرباء والبترول، للتأكد من الالتزام بوضع الخطة الخاصة بوقف تخفيف الأحمال خلال الأسبوع الثالث من الشهر الحالي حتى انتهاء فصل الصيف، ووقف تخفيف الأحمال تمامًا بحلول نهاية عام 2024، وكذلك التأكد من توافر احتياجات الكهرباء من الغاز والوقود، والعمل على زيادة إنتاجية قطاع البترول من مختلف المنتجات من خلال سداد مستحقات الشركات الأجنبية، بما يدفع جهود البحث والاستكشاف، حسب بيان رسمي.