(CNN) -- قال دبلوماسيون في منطقة الشرق الأوسط وحلفاء للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، في تصريحات لشبكة CNN، إن جاريد كوشنر صهر ترامب، يُنظر إليه على أنه عنصر محوري في جهود الإدارة القادمة في الشرق الأوسط، رغم أنه من غير المرجح أن يتولى وظيفة رسمية فيها.
بدأ فريق ترامب في الشرق الأوسط يتشكل هذا الأسبوع بعد أن اختار حاكمًا جمهوريًا سابقًا وصديقًا مقربًا ومطورًا عقاريًا لتولي أدوار رئيسية في المنطقة. لكن مصادر قالت لشبكة CNN إن العلاقات الوثيقة التي طورها كوشنر مع قادة المنطقة خلال السنوات الأربع لولاية ترامب الأولى، والتي حافظ عليها في السنوات الأخيرة، سيكون من الصعب تكرارها.
ويشير بعض الدبلوماسيين السابقين ومنتقدي إدارة ترامب إلى أن لكوشنر مصالح مالية كبيرة في المنطقة، لكن العديد من الدبلوماسيين في المنطقة يدركون قيمة العلاقات العميقة التي شكلها.
وقال دبلوماسي إقليمي عمل مع كوشنر خلال فترة وجوده في البيت الأبيض: "لا أحد في الفريق القادم لديه ما يمتلكه جاريد، وهي الثقة. لقد حصل جاريد عليها، ولم يكن يملكها في البداية. لقد حصل عليها، ويستغرق بناء ذلك وقتًا"، مشيرًا إلى أن كوشنر لم يكن معروفًا نسبيًا لمعظم اللاعبين في المنطقة قبل أن يصبح كبير مفاوضي الشرق الأوسط في إدارة ترامب الأولى.
هذه المشاعر منتشرة على نطاق واسع
قال مصدر إسرائيلي تعامل مع إدارة ترامب الأولى: "الصداقات دائمة في المنطقة"، وتحدث عن العلاقات الشخصية العميقة التي طورها كوشنر – وحافظ عليها – مع القادة في جميع أنحاء المنطقة، قائلا: "وافتراضي هو أن دوره أكبر بكثير من أي شخص آخر".
وذكر مصدران مطلعان على تفكيره الحالي أنه من غير المرجح أن يتولى كوشنر دورًا رسميًا في إدارة ترامب الثانية، لكنه من المرجح أن يعمل كمستشار خارجي. وتواصلت CNN مع كوشنر للتعليق دون رد بعد.
ويرغب كل من كوشنر وترامب في رؤية استمرار جهود تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية الأخرى في أعقاب الاتفاقيات الإبراهيمية، وهي الاتفاقيات التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة وعدد من الدول العربية خلال فترة ولاية ترامب الأولى - وهو جهد أصبح أكثر تعقيدًا نظرًا للحروب المستمرة في غزة ولبنان.
ومنذ أن ترك ترامب منصبه في عام 2021، انتقل كوشنر وزوجته إيفانكا ترامب إلى ميامي وخرجا من عالم السياسة إلى حد كبير. وقد أسس كوشنر صندوقًا استثماريًا باسم Affinity Partners، بعد وقت قصير من مغادرته واشنطن بدعم كبير من صناديق الثروة السيادية في الخليج.
كما حافظ كوشنر على علاقاته مع اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسؤولين الإسرائيليين والقادة في الخليج العربي. وعلى وجه الخصوص، ظل على اتصال مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
قرب كوشنر من ولي العهد السعودي
وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، أصبح كوشنر قريبًا بدرجة كافية من الأمير محمد بن سلمان لدرجة أن الرجلين تواصلا عبر الرسائل النصية – مما أدى إلى إحباط مسؤولي الأمن القومي في بعض الأحيان، الذين لم يتطلعوا على جوهر المحادثات.
وفي رحلة ترامب الأولى الخارجية إلى المملكة العربية السعودية في عام 2017، تم استقبال كوشنر وإيفانكا ترامب بحفاوة إلى جانب الرئيس في سلسلة من الاحتفالات والفعاليات. وفي وقت لاحق، كان كوشنر يسافر في زيارات منفصلة إلى المملكة لإجراء مناقشات مع محمد بن سلمان استمرت حتى وقت متأخر من الليل.
لكن دور كوشنر المحتمل هذه المرة يأتي مصحوبًا بطبقة تعقيدات جديدة: ففي السنوات الأخيرة، تلقى صندوقه تمويلًا بقيمة ملياري دولار من صندوق الاستثمار العامة السعودي. ومن شأن هذه العلاقة الاقتصادية أن تزيد من التدقيق في دور كوشنر المحتمل بإدارة ترامب.
ويشعر بعض الدبلوماسيين الأمريكيين بالقلق بالفعل بشأن احتمال اتباع ترامب مسارًا يعطي الأولوية للمصالح المالية لعائلته على المصلحة الوطنية.
وقال دبلوماسي أمريكي حالي، يتذكر السرية التي أحاطت أدوار كوشنر خلال ولاية ترامب الأولى، وهو ما خلق ارتباكا: " إن إعطاء الأولوية لرخاء المملكة العربية السعودية لأنه يمكن أن يساعد عائلة ترامب هو مصدر قلق كبير للدبلوماسيين الأمريكيين".
ومع ذلك، قد يُنظر إلى دور كوشنر على أنه ضروري إذا أراد ترامب أن يتحرك بالسرعة التي وعد بها بإنهاء الحروب في المنطقة. ففي وقت سابق من العام الجاري، قال ترامب إن على إسرائيل "إنهاء ما بدأته" في غزة و"الانتهاء منه بسرعة".
ولم يتحدث كوشنر نفسه بشكل مكثف عن الوضع في الشرق الأوسط مؤخرًا، لكن التعليقات التي أدلى بها خلال مقابلة في جامعة هارفارد العام الجاري تصدرت عناوين الأخبار.
وقال كوشنر في مارس/أذار: "يمكن أن تكون العقارات الواقعة على الواجهة البحرية في غزة ذات قيمة كبيرة... إذا ركز الناس على توفير سبل العيش".
وأضاف صهر ترامب آنذاك: "إنه وضع مؤسف إلى حد ما هناك، ولكن من وجهة نظر إسرائيل سأبذل قصارى جهدي لنقل الناس ثم إجراء تنظيف"، وأردف: "لكنني لا أعتقد أن إسرائيل صرحت بأنها لا تريد أن يعود الناس إلى هناك بعد ذلك".
وأثارت هذه التعليقات غضب الكثيرين في المنطقة، خاصة في ظل الخسائر الفادحة التي خلفتها الحرب على الشعب الفلسطيني.
وتحدث ترامب الأسبوع الماضي مع الأمير محمد بن سلمان بعد فوزه في الانتخابات. وكانت هذه هي مكالمته الثانية في المنطقة بعد محادثته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في إشارة إلى أنه سيعطي الأولوية للعلاقة الأمريكية-السعودية.
كوشنر مقرب أيضًا من المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك نتنياهو، الذي يعرفه منذ أن كان صغيرًا. وظهرت حكاية خلال فترة رئاسة ترامب الأولى مفادها أنه عندما كان مراهقًا، تخلى كوشنر عن غرفة نومه لليلة واحدة حتى يتمكن نتنياهو من الحصول على مكان للنوم أثناء زيارته لمنزل عائلة كوشنر في نيوجيرسي.
اشتعال الحروب
ومع ذلك، فإن كيفية استمرار الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية في ظل احتدام الحرب في غزة وبينما يستمر الصراع بين إسرائيل وحزب الله في التعمق، يظل سؤالًا مفتوحًا، على الرغم من أن حلفاء ترامب الرئيسيين واثقون من أن إطار عمل كوشنر لا يزال ناجحًا.
وقال بريان هوك، أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية خلال فترة ولاية ترامب الأولى: "إذا نظرت إلى الخطة التي طرحها جاريد خلال الولاية الأولى، فستجد أنها تحتوي على جميع العناصر" التي يسعى إليها القادة في المنطقة.
وأضاف هوك، الذي يقود جهود ترامب الانتقالية في وزارة الخارجية، الأسبوع الماضي لـCNN: "أنا واثق من أن هذا النوع من التفكير والعمل مع الفلسطينيين والإسرائيليين، بقدر ما تسمح به الظروف، سيحقق الكثير".
وبينما يتساءل البعض في دائرة كوشنر عن مدى الاعتماد عليه، هناك اتفاق - بين دبلوماسيين إقليميين، ودبلوماسيين أمريكيين عملوا في المنطقة، وأشخاص في دائرة ترامب، ومسؤولين سابقين في إدارة ترامب - على أن كوشنر سيكون له يد في نهج الإدارة القادم تجاه الشرق الأوسط سواء كان يشغل منصبا رسميا في الإدارة أم لا.
وقال مسؤول سابق في إدارة ترامب: "إن وجود تواصل عبر الرسائل نصية مع محمد بن سلمان أثبت أنه مثمر خلال فترة الولاية الأولى"، وتابع: "من الصعب أن نرى كيف يمكن ألا يتم استخدام هذه القناة في المستقبل".
وهناك توقع بأن علاقات كوشنر يمكن أن تكون محورية عبر الارتباطات السرية لدفع أهداف ترامب في إنهاء الصراعات ودفع التطبيع بين الولايات المتحدة والسعودية.
وقال الدبلوماسي الأول، في إشارة على وجه التحديد إلى التواصل المحتمل بين كوشنر ومحمد بن سلمان: "أستطيع أن أرى عالماً يقول فيه ترامب: هل يمكنك مقابلة فلان وفلان"، وأردف: "ويمكن إرسال كوشنر في مهمات أو وظائف معينة".
ووصل كل من حاكم ولاية أركنساس السابق مايك هاكابي، الذي اختاره ترامب سفيرا إلى إسرائيل، وستيف ويتكوف، الذي سيقود الجهود الإقليمية الشاملة، إلى منصبيهما بعلاقات خاصة بهما. ومع ذلك، فإن كيفية عملهما معًا - ومع كوشنر - تظل سؤالًا مفتوحًا.
وطرح آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، هذا السؤال الرئيسي: "هل لدى ويتكوف غرور؟"، في إشارة إلى صديق ترامب القديم والمطور العقاري الذي سيكون بمثابة مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط. وتابع ميلر: "إذا أراد النجاح دون أن يقيم علاقة عمل مع كوشنر وروبيو (مرشح ترامب لوزارة الخارجية) فهو يرتكب خطأً فادحاً".
وأوضحت مصادر متعددة أن ويتكوف تواصل بالفعل مع العديد من دول المنطقة بشأن ترتيب زيارات، قائلًا إن توقيت تلك الاجتماعات لا يزال قيد التحديد. وفي الأسابيع الأخيرة قبل إعلان ترامب عن تعيين ويتكوف لهذا المنصب، عقد اجتماعًا مهمًا لمراجعة الملفات والمرشحين مع كوشنر.