رنا الحسيني.. الصحفية الأردنية التي قالت "لا لقتل النساء وجرائم الشرف"

الشرق الأوسط
نشر
رنا الحسيني.. الصحفية الأردنية التي قالت "لا لقتل النساء وجرائم الشرف"

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) --  نشرت رنا الحسيني، الصحفية والناشطة الأردنية في مجال حقوق المرأة، كتابها الثاني مؤخرًا بعنوان "سنوات من النضال: الحركة النسوية في الأردن"، بعد أن لقي كتابها الأول "الجريمة باسم الشرف"، الذي نشر عام 2009 صدى واسعا، لتناوله قضية جرائم الشرف، التي شكلت نقطة تحول في مسيرة رنا الحسيني المهنية.

وحول الكتاب الجديد، الذي نشر بالإنجليزية، وسترى نسخته العربية النور قريبا، تقول رنا الحسيني في حديثها لموقع CNN بالعربية: "يقدم هذا الكتاب رحلة الانتصارات والمكاسب والخسائر والتحديات المستمرة التي عاشتها النساء في نضالاتهن. كما أنه يعطي لمحة من الأمل للأجيال القادمة من النساء في الأردن بأن حقوقهن الكاملة والمتساوية ستعطى لهن في نهاية المطاف".

ولطالما كانت قضايا المرأة والحديث عنها من أولويات رنا. فبعد أن عادت إلى بلدها الأردن عقب تخرجها من جامعة أوكلاهوما في الولايات المتحدة، بدأت عملها مسيرتها المهنية في صحيفة "جوردان تايمز"، وعينت وقتها في قسم تقارير الجرائم في الصحيفة.

تقول رنا: "مثل أي خريج جديد، قبلت العمل في إعداد تقارير حول الجرائم لكي أبدأ مهنتي كصحفية. كنت دائما أريد الكتابة عن قضايا المرأة، و لكن فكرت أنني مع الوقت سوف أجد طريقي إلى ما أحلم به".

بعد ستة أشهر من تعيينها في قسم تقارير الجرائم، عملت رنا على قصة سيدة اسمها كفاية، وكانت هذه القصة نقطة تحول في حياة رنا المهنية. هذه الشابة، تعرضت في السادسة عشر من عمرها للاغتصاب من قبل شقيقها أكثر من مرة. وعندما حملت كفاية من أخيها قررت الاعتراف لأهلها عن أفعاله. لكن ردة فعل الأهل كانت صادمة، فقد لاموا ابنتهم بدلا من الوقوف معها.

بعدها، تعرضت كفاية للكثير من العنف الجسدي من أهلها رغم أنها كانت الضحية. حول تلك القصة، تقول رنا: "زوجوها إلى رجل يكبرها بأكثر من 30 عاما، وعندما حصلت على الطلاق، قتلوها بدم بارد".

فكانت تلك بداية توجه رنا الحسيني للكتابة والتركيز على جرائم القتل باسم الشرف في الأردن.

تحدثت إلينا رنا عن بعض ردود الأفعال التي تلقتها بعد نشر قصة كفاية: "بعد نشر هذه القصة، تلقى رئيس التحرير مكالمة من سيدة تشغل منصبا مهما في الأردن والتي طالبت حينها بإيقافي عن العمل. كنت مصدومة أن رد الفعل هذا أتى من سيدة". استغربت رنا من هذه المكالمة لأنها كانت تتوقع الدعم من النساء بدلا من التصدي لجهودها، وحجتها كانت "هذه القصص لا تمثل الأردن".

كان الحديث عن هذا النوع من القصص يعتبر من المحرمات في الأردن والعديد المجتمعات العربية، لذلك لم يكن من الغريب أن تواجه رنا انتقادات من البعض.

تضيف رنا: "كان هذا الانتقاد حافزا لي أن أكتب عن كل قضية مثل قضية كفاية".

بدأت رنا في التوجه الى المحاكم لتبحث أكثر في هذا النوع من القضايا. وحول تلك الفترة، تقول: "علمت وقتها أن الجناة يفلتون من العقاب بأحكام قصيرة من ثلاثة أشهر إلى سنة في الأردن، وهي قضايا قتل عمد".

وفي 1995، قررت رنا أن تكتب قصة عن النساء في السجون، إذ تقول إنها اكتشفت أن هناك مجموعة من النساء يقضين حياتهن في السجن لحمايتهن من أهلهن، بدلا من حبس من يهددهن بالقتل.

في تلك الفترة، كانت صحيفة "جوردان تايمز" تحظى بشعبية كبيرة في الأردن، ومن ضمن قرائها العائلة المالكة، فكان إصرار رنا الحسيني على نشر هذا النوع من القصص قادرا على إحداث بعض التغيير في قضايا كان يعتقد أن تغييرها مستحيل.

تقول رنا: "عندما تعمل الصحافة على دفع الحكومة لإدراك أن هناك مشكلة، يقع على عاتقها حلها".

وكتبت رنا الحسيني في كتابها قائلة: "أبرز التغييرات كانت إصدار مجلس النواب قرارين مهمين، الأول هو إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات التي كانت تسمح لمرتكبي الجرائم الجنسية الإفلات من العقاب اذا تزوجوا من ضحاياهم"، و"تعديل المادة 98 في قانون العقوبات والتي كانت تسمح بـ التساهل مع مرتكبي و مرتكبات جرائم الشرف."

وكما تؤكد رنا الحسيني، لا تزال هناك أمور كثيرة يجب أن تتغير في الأردن، وتضيف: "يجب أن نستمر في النقاش، ورفع الوعي حول أن المرأة ليست مجرد جسد. المرأة لها عقل وفكر وكيان. هي كائن له شخصية وكينونة ويمكنها اتخاذ القرارات".

وخلال حديثنا، تطرقت رنا إلى أهمية إعادة تشكيل مفهوم الشرف في مجتمعاتنا، فالشرف مرتبط بالأخلاق والتعامل، وليس له علاقة بجسد المرأة. وتؤكد أن هذه المفاهيم وتغيرها يتعلق بإعادة تشكيل المنظومة التعليمية، لأن ما يدرس للأطفال هو "صور نمطية بحتة عن المرأة". كما تؤكد على أهمية الوثوق في الحركة النسوية، وعدم تخوينها واتهامها بنشر الأفكار الغربية، وتضيف "نحن لسنا بحاجة للغرب لكي ندرك حقوقنا".

وبعد أن ركزت في عملها لما يزيد عن 20 عاما على قضايا العنف ضد المرأة وجرائم القتل باسم الشرف، تقول رنا إن هناك تحسنا كبيرا في المملكة. ورغم قسوة القصص التي كتبت عنها رنا، كان يسعدها أن تلعب دورا في إنقاذ حياة بعض النساء وترك الأثر في حياة البعض الآخر.

تقول رنا: "لا يزال أمامنا الكثير لجعل حياة النساء أفضل، وهذا يتطلب جهودا جماعية من الناس من أجل نشر الوعي بشكل مستمر".

  • نورا احمد الشنطي