ساروا عبر الأنقاض تحت تهديد السلاح إلى المباني المفخخة المحتملة وإلى الأنفاق المظلمة.
كان بعضهم مراهقين، مثل محمد البالغ من العمر 17 عامًا. وكان آخرون، مثل أبو علي ياسين، أجدادًا.
يقول 5 فلسطينيين، جميعهم مدنيون، إن الجيش الإسرائيلي احتجزهم واستخدمهم كدروع بشرية في غزة.
والآن لأول مرة أمام الكاميرا، يتقدم جندي إسرائيلي بروايته الخاصة، ويصف كيف استخدمت وحدته المشاة فلسطينيين اثنين كدروع بشرية.
يقول الجندي: "أخبرناهم بالدخول إلى المبنى قبلنا. إذا كان هناك أي أفخاخ مفخخة، فسوف ينفجرون وليس نحن".
قدمت "كسر الصمت"، مجموعة مراقبة تتحقق من شهادات الجنود، صورًا وساعدت في إجراء المقابلة.
يقول الجندي إنه تم إحضار صبي يبلغ من العمر 16 عامًا ورجل يبلغ من العمر 20 عامًا إلى وحدته هذا الربيع.
أشار إلى أن "أيديهما كانت مقيدة خلف ظهرهما وكانا معصوبا العينين".
كانت التعليمات من ضابط الاستخبارات الذي سلمهما واضحة، حيث قال الجندي: "أمرني بأخذهما في الهجوم التالي واستخدامهما كدرع بشري. أخبرني أن لديهما صلة بحماس".
لمدة يومين، اتبعت وحدته هذه الأوامر. ترصد صورة مخيفة المشهد، ظل رجل فلسطيني محاط بجنديين يأمرانه بالتقدم.
يقول الجندي إنه "عندما ذهبنا إلى مكان الهجوم، قبل أن يدخلوا المبنى، رفعنا القماش حتى يتمكنوا من الرؤية. برفقتي كان أحد الجنود ممن يتحدثون العربية. صرخ بالعربية: افتحوا الباب، امشوا إلى هذا المبنى أو ذاك".
أكد الجندي أنهم كانوا يستخدمونهما لاعتقادهم أن المبنى قد يكون مفخخًا، مضيفًا: "لم يعجب هذا جنودي على الإطلاق، ورفضوا القيام بذلك بعدها".
قرر الجنود نقل مخاوفهم إلى قائدهم ، وأخبروه أنهم يعتقدون أنهم ينتهكون القانون الدولي.
وأكد الجندي أن "القائد أخبر هذا الرجل: الجندي البسيط لا يحتاج إلى التفكير في القانون الدولي".
في النهاية، رضخ القائد، وأخبر جنوده أنهم يستطيعون إطلاق سراح الفلسطينيين.
في بيان له، قال الجيش الإسرائيلي إن توجيهات وإرشادات الجيش تحظر بشدة استخدام المدنيين المعتقلين من غزة في العمليات العسكرية.
يتم توضيح البروتوكولات والتعليمات ذات الصلة بشكل روتيني للجنود في الميدان أثناء الصراع.
ولكن يبدو أن استخدام الجيش الإسرائيلي للدروع البشرية في غزة كان منتشرًا على نطاق واسع، لدرجة أنه كان يسمى "بروتوكول البعوض".
يحظر القانون الإسرائيلي والدولي استخدام المدنيين في القتال.
كما تتهم إسرائيل حماس باستخدام المدنيين كدروع بشرية. هناك أدلة كافية على ذلك، مثل الأنفاق المحفورة تحت المنازل والصواريخ التي يتم إطلاقها من الأحياء السكنية.
يشير الجندي إلى أن "الأمر أكثر إيلامًا مع جيشي. حماس منظمة إرهابية. لا ينبغي للجيش الإسرائيلي أن يستخدم ممارسات المنظمات الإرهابية".
وعند سؤاله عما يقوله المتحدثون باسم الجيش الإسرائيلي، ومسؤولو الحكومة الإسرائيلية، بأن "الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"، رد الجندي بالقول: "هذا هراء، بالطبع لا أعتقد ذلك".
الدكتور يحيى الكيالي، الذي عمل في مستشفى الشفاء، يعرف ذلك جيدًا. بعد أشهر من قوله إن الجنود الإسرائيليين أجبروه على المخاطرة بحياته، لا يمكنه التخلص من هذه التجربة المرعبة.
يقول الدكتور يحيى إنه "طُلب مني جندي الحضور. كان يتحدث معي باللغة الإنجليزية. أخبرني: سأقتلك إذا لم تدخل هناك. كنت أفكر في أنني سأقتل أو أموت في غضون دقائق".
يعتريه الشعور بالموت، وشعور اليوم الذي كان يخشى فيه أنه لن يرى عائلته مرة أخرى أبدًا.