بقلم هدا سرحان ، صحفية أردنية - عمان
من هنا، من أخفض بقعة في العالم، من قلب البحر الميت في الاردن، ستنطلق رحلة الأمل في مسيرة طويلة، لا تتوقف إلا ببلوغ أعلى قمة لجبال كليمنجارو في أفريقيا.
ففي الاول من شباط / فبراير المقبل، يبدأ 24 مشاركا من الشبان والشابات الأردنيين والعرب، رحلتهم من البحر الميت إلى أعلى قمة لجبل كليمنجارو في تنزانيا، التي يبلغ ارتفاعها 5,895 متراً عن سطح البحر، حاملين معهم الأمل لمرضى السرطان في مركز الحسين للسرطان في عمان، هدف الرحلة هو جمع التبرعات لمشروع التوسعة في مركز الحسين، لمجابهة التحديات التي يواجهها المركز، الذي يعمل تحت ضغط شديد بسبب تزايد أعداد المرضى من شتى بقاع العالم، والذين يحصلون على العلاج فيه على مدار السنة.
وفي مقدمة المشاركين في هذه الرحلة سيكون الأمير مرعد بن رعد، والأميرة دينا مرعد، بالإضافة إلى مجموعة من الشابات والشبان، الذين تكبدوا عناء الرحلة بالإضافة إلى نفقاتها، ومعظمهم جاؤا من مؤسسات كبرى تعمل على دعم مركز الحسين للسرطان، الذي بات يمثل نبع الأمل لكل مريض يحلم بالشفاء، أو طفل أفقده المرض ابتسامته البريئة، خصوصا أن المركز حقق نسبة شفاء عالية بين المصابين، وأعاد الحياة والأمل للكثيرين من الأطفال والفئات العمرية الأخرى من مختلف الدول العربية.
وإذا كانت الرحلة التي يتجاوز طولها تقريبا 4324 كيلومترا شاقة ومتعبة بتحدياتها الكبيرة، فالأهداف النبيلة تجعلها ممكنة وسهلة، لأنها تحمل الأمل الكبير للكثيرين. بحسب أحد المشاركين المتحمسين، المستشار القانوني في البنك العربي إياد الشريف الذي يؤكد أنه قبل هذا التحدي من أجل الوقوف إلى جانب مرضى السرطان، "الذين هم أهلنا وأصدقاؤنا وأناس يحتاجون وجودنا الى جانبهم. وهدفنا من الرحلة نشر الوعي حول مرض السرطان والوقاية منه، إضافة إلى جمع التبرعات لصالح مشروع توسعة المستشفى، الذي سيساهم في استقبال حوالي 5500 حالة سنويا إياد الشريف ."
وأوضح الشريف، أن تكاليف سفر الفريق مغطاة بالكامل من أعضاء الفريق، وعليه فإن المبالغ التي سيتم جمعها ستكون لصالح مشروع التوسعة، وسنسعى إلى جمع مليون دولار من الجهات الداعمة والتبرعات الشخصية لتحقيق هذا الهدف النبيل. وبذلك نكون قد زرعنا الأمل شفاء وحياة .. ومن أجل كل ذلك، قبلت هذا التحدي بما يحمله من تحديات وعناء ومخاطر.
ويذكر أن المركز يتعامل سنويا مع 3500 مريض جديد، من المتوقع أن يصل عددهم إلى 9000 مريض مع انتهاء التوسعة الجديدة للمركز سنة 2016،
حيث سيلبي الحاجة الملحة لتطوير خدمات المركز في مواجهة الأعداد
المتزايدة من المراجعين.
وتصل كلفة المشروع الجديد الذي باشر المركز العمل في بنائه بصيف 2011،
إلى 120 مليون دينار أردني، ومن المتوقع أن يتم افتتاح التوسعة
الجديدة في العام 2016، وتبلغ نسبة الأردنيين ممن يتعامل معهم
المركز 70 %، وغير الأردنيين 30% ، فيما يبلغ عدد حالات الإدخال
للمركز7 آلاف حالة.
وتفيد المعلومات الصادرة عن مركز الحسين أن أعلى نسبة للإصابات
محليا بين الإناث تتمثل بسرطان الثدي، ويشكل أكثر من ثلث حالات
السرطان المكتشفة الجديدة بين الاردنيين والبالغة 4849 إصابة وفقا
للسجل الوطني للسرطان للعام 2010، يليه سرطان القولون 11.5%،
أما عند الرجال فسرطان القولون والرئة هما الأكثر انتشاراً، حيث بلغت
نسبة الإصابة بسرطان القولون لدى الرجال 14.2%، وسرطان الرئة
13.3%.
من هذا الواقع المحزن يتبين لنا مدى أهمية المهمة الإنسانية التي يقوم
بها الفريق الأردني في رحلته الطويلة الشاقة، تحت شعار "من أخفض بقعة
إلى أعلى قمة" من أجل جمع التبرعات لدعم مركز الحسين للسرطان، بيت
الشفاء الذي يفتح قلبه وذراعيه أمام المتعبين المعذبين، والذي يؤدي
دوراً علاجيا إنسانيا كبيراً، ليس في الأردن فحسب، بل يستقبل المرضى
من كل البلاد العربية، خصوصا إذا علمنا أن تكلفة علاج المريض الواحد
تصل إلى عشرة آلاف دينار سنويا .
أخيرا نقول إن في المركز أطفالاً ينتظرون من يمسح الدموع عن وجناتهم، ويعيد البسمة إلى شفاههم، ومرضى ينتظرون من يساعدهم للعودة إلى الحياة.
المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبته، هدا سرحان، الكاتبة والصحفية الأردنية، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN