انسوا إطاحة الأسد.. لهذه الأسباب لن يسقط

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
معاناة السوريين تستمر في 2014
OZAN KOSE/AFP/Getty Images
12/12معاناة السوريين تستمر في 2014

لاجئون سوريون يصلون إلى تركيا بعد عبورهم الحدود في 15 يناير/ كانون ثاني.

بقلم قابيل كوميريدي – كاتب هندي مختص بشؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشرق أوروبا

(ما يرد في المقال يعبّر فقط عن موقف كاتبه ولا يعكس بأي حال من الأحوال وجهة نظر CNN)

(CNN)-- قال لي أحد الدبلوماسيين الأجانب في سوريا صيف 2012، إنّه ليس لدى "الفرنسيين والبريطانيين والأمريكيين أي فهم بشأن ما يحدث هنا."

في ذلك الوقت كان من الممكن لأجنبي مثلي كان قد وصل مؤخرا إلى دمشق قادما من لندن، أن يتخيل رحيلا مؤكدا للأسد رغم أن الإدارة الأمريكية وقتها أيضا نأت بنفسها عن اعتبار نظامه "ميتا يتحرك."

ولكن لم يكن الأمر كذلك بالنسبة إلى أي دبلوماسي قضّى سنوات في سوريا. فقد رفض جميعهم التسليم بتقارير الإعلام الأمريكي التي تتحدث عن سقوط النظام البعثي.

فبالنسبة إليهم، يتمتع الأسد بشعبية جارفة لدى الأقليات كما أنّ إخلاص الجيش له يبدو تقريبا مطلقا.

واليوم يبدو الأسد أقوى مما كان عليه قبل 15 شهرا -- قابيل كوميريدي فآلة حزب البعث مازالت الهيكل الوحيد الذي يعمل في البلاد، كما أن الحياة اليومية في دمشق، معقل الأسد، تستمر في الغالب كما كانت من قبل. كما أنه لم تكن هناك انشقاقات جديرة بالاهتمام والجزء الأغلب من الجيش العربي السوري، رغم فقدانه لأكثر من 30 ألف عسكري، مازال مخلصا له، وخلال الشهرين الماضين استعاد أراض من المعارضة خارج دمشق.

والآن بدلا من إدخال بعض التوازن على موقفها، مازالت واشنطن لا تتزحزح بشأن ضرورة تنحي بشار. وفي تقديري فإنّ ذلك أمر غير واقعي بالمرة، فبغض الطرف عن صعوبة إطاحته، فإنّ ذلك لو تحقق سيزيد من اضطرام نار العنف ويطيل من أمده.

و"بيان جنيف" الذي يشكل المبادئ الأساسية لمطالب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، لا يدعو واقعيا لإطاحة الأسد الذي لن يستسلم، على الأرجح، من دون تهديد ذي مصداقية من الولايات المتحدة.

وادعى كيري أنّ التهديد مازال "على الطاولة" وفي الحقيقة فإنّ خيارات بلاده تبدو محدودة لمجرد أنّ المعارضة التي جاءت إلى سويسرا لا تملك أرضية قوية داخل سوريا. وربما ليس لها سوى شعبية أكثر بقليل من المجاهدين الذي يقاتلون النظام.

وغالبية الأراضي التي لا تسيطر عليها القوات الحكومية، واقعة تحت قبضة جماعات على علاقة بتنظيم القاعدة الذي يرفض محادثات السلام ويعرف أنه سيكون المستفيد الأول من أي محاولة يقوم بها الغرب لإطاحة بشار الأسد.

وحتى العناصر "المعتدلة" في المعارضة تبدو خارج سيطرة الولايات المتحدة وماجرى بشأن دعوة إيران للمحادثات دليل على ذلك لاسيما أن كيري عمل شهورا لضمان مقعد لطهران.

فقد عارضت تلك العناصر "المعتدلة" حضور طهران بضغط من المملكة العربية السعودية التي ترى في أي حضور لغريمها في المنطقة انتصارا خسارة لها.

وباعتبارها الداعم الرئيس للمعارضة، لعبت المملكة العربية السعودية دورا حيويا في تحويل سوريا إلى ملجئ للجهاديين الأجانب الذي تجمعهم نفس عقيدة منفذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

لكن كان أيضا غباء إيران بعد أن ألحق موقفها ضررا بمصالحها برفضها الالتزام بشروط مسبقة، قد تؤدي إلى ظهور حكومة انتقالية تابعة للملكة العربية السعودية، وذلك حتى قبل بداية المحادثات، مما أدى إلى استبعادها وبالتالي إعلان نصر دبلوماسي سعودي.

لهذه الأسباب لم يكن مستغربا أن يعتبر الأسد، رغم أنه رئيس للبلاد في خضم مجازر طالت الكثير من السوريين، المفاوضات "نكتة." ولم يكن قراره إرسال وفد لسويسرا سوى محاباة لروسيا التي جنبته عملية عسكرية عندما شددت على أهمية العمل الدبلوماسي. ولذلك سارع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى اعتبار التقاء أطراف النزاع نجاحا.

لكن إطار العمل الذي تم تحديده سابقا للمفاوضين يبدو في خبر كان وحتى من وضعه، الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، غادر منصبه في تعبير واضح عن إحباطه.

وبالنسبة إلى السوري العادي فإنّ لقاء المفاوضين ليس سوى استعراض عديم المعنى -- قابيل كوميريدي. في هذه الأثناء، يرفض الأسد الرحيل شعورا منه بالنصر، والمعارضة ترفض تخفيض سقف مطالبها، والغرب عاجز عن التدخل العسكري وعن التأثير دبلوماسيا فيما القاعدة تفتح عينيها انتظارا.

في كل تلك الأثناء، باتت سوريا مسرحا لمجازر وقودها حرب غير مباشرة بين المملكة العربية السعودية وإيران، الغريمين اللذين يتزعمان كل على حدة طائفته، السنية والشيعية. والحوار بين الرياض وطهران سيكون أكثر فعالية لوقف دائرة العنف من التفاوض بين الأسد ومنافسيه الذين ينشطون في الخارج -- قابيل كوميريدي. وسيكون من الأفضل لو وجهت واشنطن جهودها لجمع الغريمين السعودي والإيراني.

وبصفة عاجلة، ينبغي أن يتركز طموح واشنطن على إنهاء العنف. وبدلا من الدفع صوب رحيل الأسد، فسينبغي عليها أن تعمل على الحصول على اتفاق براغماتي يقسم السلطة على أساس المصالحة لا تغيير النظام. كما أنه عليها الضغط على حليفيها في المملكة العربية السعودية وقطر لوقف دعمهما للإسلاميين المتشددين. وإذا لم يتم ذلك، فإنّ ألسنة اللهب التي تكوي سوريا ستنتقل هبوبها قريبا إلى الغرب.

(ما ورد في المقال يعبّر فقط عن موقف كاتبه ولا يعكس بأي حال من الأحوال وجهة نظر CNN)