تونس(CNN)-- استلم رئيس الحكومة التونسية الجديدة مهدي جمعة مهامه من سلفه رئيس الحكومة المستقيلة علي العريض الأربعاء، في مقر الحكومة بالقصبة، وسط العاصمة التونسية.
وجرى ذلك بعد أن نالت الحكومة الجديدة في ساعة متأخرة من الثلاثاء ثقة نواب المجلس الوطني التأسيسي بأغلبية 149 صوتا. وشاب عملية التصويت على الثقة جدل واسع بشأن أربعة وزراء أبرزهم وزيرة السياحة الجديدة آمال كربول.
وطالت الانتقادات أولا وزير الشؤون الدينية الجديد منير التليلي حيث اتهمه نواب بكونه ينتمي لحركة النهضة مما ينفي صفة الاستقلالية عنه. علما أنّ التليلي كان مساعدا لوزير الشؤون الدينية السابق المثير للجدل نور الدين الخادمي كما أنه كان إماما في مقر المجلس التأسيسي التونسي.
كما طال الجدل وزير الدولة للشؤون الخارجية، فيصل قويعة حيث اتهمته صفحات للتواصل الاجتماعي بكونه كان سفيرا أثناء حكم بن علي، في دول شرق آسيا، "كانت مهمته الأساسية شراء القردة لصهر الرئيس السابق صخر الماطري الذي كان تزايد نفوده من أبرز أسباب الانتفاضة" التي أطاحت الرئيس الأسبق.
وطال سيل الاتهامات وزير العدل حافظ بن صالح واتهمه نواب بكونه تعاون مع نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي أطاحت به الثورة في 14 كانون الثاني/يناير 2011، من خلال تعيينه عضوا في هيئة الانتخابات التي استند الرئيس الأسبق عليها في "إضفاء الشرعية على انتخابه رئيسا عام 2009."
أما الهجوم الأعنف فقد طال وزيرة السياحة آمال كربول (41 عاما) التي تقيم في ألمانيا والتي تتضمن سيرتها الذاتة على موقعها الرسمي أنه سبق لها أن زارت سنة 2006 إسرائيل التي لا تقيم معها تونس علاقات دبلوماسية.
تعتبر آمال كربول وزيرة السياحة الجديدة في حكومة الكفاءات التونسية برئاسة مهدي جمعة، من الكفاءات الشابة المهاجرة في ألمانيا حيث تلقت تكوينها الأكاديمي. وهي خبيرة في استراتيجيات إدارة الأعمال وناشطة في المجتمع المدني.
وردّ مهدي جمعة بأن كربول سافرت سنة 2006 من مطار فرانكفورت بألمانيا إلى مطار تل أبيب بإسرائيل على أن تتوجه منه إلى الأراضي الفلسطينية -- مهدي جمعة"في نطاق برنامج ممول من الأمم المتحدة لتدريب شبان فلسطينيين". وأضاف أنها تعرضت في المطار الإسرائيلي إلى مضايقات استمرت 6 ساعات كاملة لأنها "عربية مسلمة تونسية" وأنها بقيت يوما واحدا في إسرائيل وبعد ذلك "رجعت (إلى ألمانيا) ورفضت إكمال هذه المهمة، حتى ولو كان فيها تكوين لفلسطينيين."
ورغم أنّ الكثيرين اقتنعوا برواية جمعة، وأنشأوا صفحة تضامن مع الوزيرة، ومن ضمنهم من اعتبر أن الأمر لا يهم سواء زارت إسرائيل أو لم تزر، شكّك آخرون في تصريحات جمعة، متسائلين عن السبب الذي يجعلها تضع زيارتها لإسرائيل في سيرتها الذاتية رغم أن الزيارة استمرت بضع ساعات.
ووفقا لآخرين، فإنّ الأخطر من زيارة الوزيرة لإسرائيل، هو علاقة القرابة التي تجمع عددا مهما من الوزراء الحاليين بوزراء ومسؤولين سابقين في نظامي الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
وقال الناشط في المجتمع المدني التونسي فوزي فرحاني إنّه "لم يكن ممكنا أن تعبّر أي حكومة أخرى على نجاح الانقلاب واستعادة المسؤولين السابقين لزمام الأمور بالوراثة أكثر من حكومة مهدي جمعة--فوزي فرحاني. وزير الدولة المكلف بالأمن سبق له أن كان مكلفا بأمن بورقيبة، ووزير الصحة الجديد ليس سوى ابن لمسؤول أمني سابق. أما وزير الشؤون الاجتماعية عمار الينباعي فعمل مع بن علي، وكذلك وزير العدل الحالي، ووزير الدولة للشؤون الخارجية."
وأضاف "هناك أيضا معطى مهم يشير إلى أن الحكومة لا تعبر عن واقع تونس اليوم. فغالبية الوزراء من جهة الساحل التي كانت تشكل العمود الفقري لحكومات بورقيبة وبن علي. والأكثر مدعاة للسخرية أنّ أهم الوزراء لهم علاقات قرابة بوزراء سابقين نعرفهم. وأبرز مثال على ذلك رئيس الحكومة نفسه وهو على حد علمي ابن أخت وزير الخارجية السابق محمد المصمودي المقيم في الإمارات العربية المتحدة. أما وزيرة التجارة فليست سوى ابنة وزير المالية والاقتصاد الأسبق منصور معلى. أما وزير التعليم العالي فهو شقيق قائد سابق لجيش البر تحت حكم بن علي. أما وزيرة السياحة فليست سوى ابنة سفير بن علي الأسبق في ألمانيا."
لكنّ محللين آخرين، من ضمنهم علي عرفاوي فأوضحوا أنّ "ذلك لا يهم الآن وفكرة الحكومة الجديدة هي أن تعمل على إنقاذ الوضع الاقتصادي وغالبية الوزراء الجدد تربطهم علاقات واسعة ووطيدة بدوائر المال والأعمال في أوروبا والعالم."
لكن نفس النقطة الأخيرة كانت أيضا من أبرز الأسباب التي دفعت الكتل اليسارية في المجلس التأسيسي التونسي إلى التصويت بعدم منح الثقة للحكومة الجديدة.