لماذا تبرأت القاعدة من داعش ولم تتبرأ من النصرة؟

الشرق الأوسط
نشر
3 دقائق قراءة

كاتب هذا المقال هو بيتر بيرغين محلل الأمن القومي لـCNN ومدير مؤسسة أمريكا الجديدة ومؤلف كتاب "مانهانت" الذي يتحدث عن عشر سنوات من البحث عن أسامة بن لادن، ويعبر هذا المقال عن رأي صاحبه ولا يعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.

 

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)—بعد الضجة الكبيرة التي أثيرت حول قيام تنظيم القاعدة بالتبرؤ من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، تبرز عدد من التساؤلات حول الأمر الذي يجري خلف الكواليس؟

عندما تتبرأ القاعدة منك بسبب كونك عنيفا فإن ذلك يعني أنك بالفعل عنيف، وقيام القاعدة بالتبرؤ من "داعش" يعتبر أول خطوة من نوعها تتخلى فيها القاعدة عن إحدى المنظمات التابعة لها منذ نحو ربع قرن، فلماذا حصل ذلك؟

بدايات هذه الأزمة تعود إلى إصدار داعش بيانا توحدها مع جبهة النصرة في سوريا، في الوقت الذي رفض فيه زعيم جبهة النصرة هذا الاتحاد، قام زعيم القاعدة، أيمن الظواهري بإلغاء هذا الاتحاد، -- محلل شؤون الأمن القومي لـCNN، بيتر بيرغن ليقوم بعدها تنظيم داعش برد هذا الإلغاء ورفضه، وهذا بالضبط ما وصفه فرويد بـ"النرجسية في الاختلافات البسيطة."

ما يظهر بوضوح هو أن الظواهري سئم من الرفض المستمر لأوامره ولقيادته تنظيم القاعدة، إلى جانب قلقه من الطريقة التي همشت فيها داعش السوريين العاديين من خلال حملات قطع الرأس العلنية للخصوم وفرض طريقة الحكم الطالبانية على المناطق التي يسيطرون عليها حيث يمنع التدخين وسماع الموسيقى إلى جانب فرض ارتداء المرأة لحجابها في العلن.

قيادة تنظيم القاعدة قد رأت في وقت سابق نتائج مثل هذا التوجه في غرب العراق في العام 2006 عندما قام تنظيم القاعدة في العراق، الذي يعتبر التنظيم الأم لداعش، بفرض نمط حركة طالبان في الحكم على المناطق التي تسيطر عليها الأمر الذي دفع بقادة العشائر السنية إلى الانتفاض في حركة عُرفت باسم "الصحوة السنية،" والتي تمكنت ومن خلال مساعدة عسكرية أمريكية إلى خسارة القاعدة للعديد من مناطقها بحلول العام 2008.

على ما يبدو أن جبهة النصرة تعلمت من أخطاء تنظيم القاعدة في العراق من خلال عدم فرض نظام الحكم الطالباني في المناطق السورية وبدلا عن ذلك قامت باتباع نمط حزب الله اللبناني من خلال تقديم المساعدات الخدمية كتوفير الخبز والكهرباء.

وتقوم جبهة النصرة ببناء تحالفات لم تقدر القاعدة على بناءها في وقت سابق وذلك بسبب عدم رغبتها بتقديم تنازلات عن معتقداتهم التي أعطاهم إياها الله، في المقابل قامت النصرة بإقامة تحالفات مع جماعات أكثر اعتدالا من المعارضة السورية في سبيل قتال داعش خلال الأسابيع القليلة الماضية.

ومع هذه الخلافات فإن التنظيمات الموالية للقاعدة في سوريا وتلك التي في العراق تسيطر على مساحة جغرافية في العالم العربي أكثر من أي وقت مضى في تاريخها، أي ما يقدر بـ400 ميل (نحو 644 كيلومتر) من شرق سوريا إلى غرب العراق.