(الشهر الماضي كتبت مديرة مركز روبرت كنيدي، كيري كنيدي، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، مقالا لموقع CNN عنونته بـ"مأساة حقوقيَّة منسية"، دعت فيه إلى ضرورة رفع مستوى البعثة العاملة على موضوع الصحراء إلى المقاييس الدولية في مجال حقوق الانسان المطبقة على جميع عمليات حفظ السلام الأخرى منذ 1991-- كيري كنيدي-مديرة مركز كنيدي..وردا على المقال، كتب وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى خلفي مقالا ننشره مع تعقيب المحرر بشأن بعض ما ورد فيه. علما أنّ المقال يعبّر فقط عن رأي كاتبه ولا يعكس وجهة نظر CNN.)
أعاد مقال كيري كنيدي "مأساة حقوقية منسية" الشهر الماضي إنتاج ادعاءات مشوهة وقديمة ومشكوك فيها، واتهامات بشأن وضع حقوق الإنسان في الصحراء المغربية. كما غفل المقال عن مناقشة انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف تم تأكيدها من قبل العديد من المنظمات الدولية-- مصطفى الخلفي-وزير الاتصال المغربي.
أولا، وبشأن حماية حقوق الإنسان في إقليم الصحراء، تحقق المملكة المغربية تقدما مهما، ففي عام 2011، أنشأ المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو هيئة مستقلة تهتم بوضع حقوق الإنسان على الصعيد الوطني ولها سلطات تحقيقية تم تعزيزها، لجنتين إقليميتين في الصحراء المغربية، في الداخلة والعيون، تقومان بمراقبة وضع حقوق الإنسان هناك وتحقق في الشكاوى وتصدر تقارير خاصة.
في هذا الشأن، رحب مجلس الأمن الدولي، عبر قراره رقم 2044 عام 2012، إنشاء هاتين اللجنتين، ولم ير أنه من الملائم إنشاء أي آلية أخرى لمراقبة حقوق الإنسان، لأنه اعترف بالخطوات التي قطعها المغرب، وكذلك المبادرات المتعلقة بالتنمية البشرية والإصلاحات الملموسة التي تم اتخاذها على عدة أصعدة.
ويعد انتخاب المغرب في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في نوفمبر/تشرين الثاني، بعد تصويت من قبل 163 دولة أعضاء في الجمعية العمومية، اعترافا دوليا آخر بالجهود التي بذلتها المملكة في مجال نشر وحماية حقوق الإنسان.
ثانيا، الإشارة إلى كون بعثة "مينورسو" هي بعثة حفظ السلام الوحيدة التي لا تملك تفويض مراقبة حقوق الإنسان، هو تأكيد خاطئ. فقبل "مينورسو" هناك خمس من 14 بعثة تابعة للأمم المتحدة لا تملك تفويضا يتعلق بحقوق الإنسان. ومن ضمنها بعثة "يونموجيب" التي تم إنشاؤها بين الهند وباكستان، و"يونفيسيب" في قبرص، و"يوندوف" في هضبة الجولان، و"يونيفيل" في لبنان و"يونيسفا" في أبيي بالسودان.
(تعقيب المحرر: لقد أشار مقال كنيدي إلى بعثات حفظ السلام "الحديثة" داعيا بالخصوص الأمم المتحدة إلى رفع مستوى البعثة العاملة على موضوع الصحراء إلى المقاييس الدولية في مجال حقوق الانسان المطبقة على جميع عمليات حفظ السلام الأخرى منذ 1991. وتم إنشاء "يونيسفا" مؤخرا رغم أنّ أن قرار مجلس الأمن رقم 2014 لعام 2013 شدد على الحاجة لمراقبة فعالة لحقوق الإنسان.)
كما ادعى المقال أن الصحراء المغربية مغلقة أمام الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان. والمعطيات تنفي هذه الادعاءات، فمنذ 2000، حلّ بالمغرب 14 وفدا، أربعة في 2012 و2013، من ضمنها وفد مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة حول الاعتقال التعسفي عام 2013، وكذلك زيارة المقرر الخاص حول التعذيب عام 2012. وفي تقريره، أشار إلى أن المغرب يشهد "تناميا لثقافة حقوق الإنسان" كما نظّمت IWMF زيارتين للصحفيات للمنطقة.
(تعقيب المحرر: لم يقل التعليق إنّ الصحراء المغربية مغلقة أمام الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان. لقد قال إن المنطقة "يتم إغلاقها دوريا" أمامهم. وهذا يعني أنها مفتوحة من وقت لآخر.)
لقد فشل المقال في تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف. وفي تقرير نشرته عام 2008، انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش، استمرار أنشطة الاستعباد، وحظر حرية التعبير والتجمع والتنظم وحق العودة للمنشقين عن بوليساريو. ونشير إلى حالة الزعيم السابق لجبهة بوليساريو، مصطفى ولد سالمة الذي مازال محروما من حق العودة لأطفاله وعائلته في المخيمات. كما هناك حالة الفنان الصحراوي علال نجم القارح الذي تم تعذيبه وحرمانه من الالتقاء بالمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، كريستوفر روس. وهذان مثالان من الحالات التي لم يدافع عنها مركز كنيدي.
كما نشير إلى حالة الوفاة المشبوهة لأربعة شبان صغار من الأقاليم الجنوبية بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول 2013، في سجن آيت ملول. وفي الواقع فإنّ الوفيات تتعلق بشابين صغيرين صحراويين، حدثتا في مستشفى الحسن الثاني في أغادير، وليس في السجن. وقد توفيا نتيجة تعقيدات صحية على خلاف ما ورد في مقال كنيدي. وإضافة لذلك لم تكن هناك أي صلة بين الوفاتين. كما أشارت كنيدي إلى العثور على بقايا ثمانية مختفين في منطقة الصحراء. وفي الواقع فإنّ CNDH أشارت أيضا في سبتمبر/أيلول 2013 إلى أن هذه الحالات تم التعامل معها من قبل لجنة العدالة والمصالحة، التي عقدت العديد من حصص الاستماع العلنية وقامت بخمس تحقيقات ميدانية بشأنهم. كما اشار تقرير تلك اللجنة إلى أنّه جرى تبادل اتصالات بشأن هذا الموضوع بين الحكومة المغربية ومنظمات دولية من ضمنها لجنة الصليب الأحمر التي قامت بثماني زيارات إلى المغرب.
وخلال هذا العمل، تمّ تحديد المواقع التي جرى فيها دفن الجثث. وتم تعويض أسرهم. كما أنّ IER التي تم إنشاؤها عام 2004، تلقت وتعاملت مع نحو 5000 طلب من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بين 1956 و1999، وخصصت 72 مليون دولار للمدعين والبرامج الاجتماعية الموجهة للضحايا.
كما أن المقال شوّه الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية المؤرخ في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1975، والذي أكّد أن "المواد والمعلومات المعروضة أمام المحكمة تظهر وجود علاقات قانونية، زمن الاستعمار الإسباني، بين سلطان المغرب وبعض القبائل التي تعيش في أراضي الصحراء الغربية."
(تعقيب المحرر: المقال أيضا أشار إلى أنّ إسبانيا اعتبرت بدرجة ثانية أن الأسئلة الموجهة للمحكمة كانت أكاديمية ليس لها هدف أو تداعيات عملية، على تلك التي سبق للأمم المتحدة أن أنشأت آلية لتطبيقها من أجل إنهاء استعمار الصحراء الغربية، وبالاسم استشارة السكان الأصليين عبر وسائل استفتاء تقوم به إسبانيا تحت رعاية الأمم المتحدة. وتفحص المحكمة القرارات التي يتم تبنيها من قبل الجمعية العمومية بهذا الشأن... (و) تستخلص أن عملية إنهاء الاستعمار المقترحة من قبل الجمعية العمومية، هي عملية ستحترم حقّ سكان الصحراء الغربية في تحديد وضعهم السياسي المستقبلي عبر رغبتهم المعبّر عنها بحرية.)
وأخيرا فإنّ خطة المغرب لحكم ذاتي واسع تحت السيادة المغربية، باعتبارها حلا سياسيا لهذا النزاع، تلقت دعما متناميا يرى فيها حلا موثوقا وجديا وواقعيا-- مصطفى الخلفي.
ما ورد في المقال يعبّر فقط عن وجهة نظر كاتبه ولا يعكس رأي CNN