(ملاحظة المحرر: هذا المقال كتبه، فهد ناظر، خبير في شؤون الإرهاب والمحلل الساسي السابق في السفارة السعودية بالعاصمة الأمريكية، واشنطن، ويعبر عن رأيه الشخصي ولا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.)
نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)—في الوقت الذي مازال فيه المجتمع الدولي منقسما حيال ما يدور في سوريا، وعاجزا عن اتخاذ قرار حاسم ينهي الصراع في هذه الدولة التي مزقها القتل والتهجير، نلقي الضوء على ما يدور في خُلد بشار الأسد، إلى جانب الخطوة الجريئة التي من الممكن أن يقدم عليها كحل أخير وكيفية تمكنه من البقاء في السلطة حتى الآن.
وعلى الدول التي تمانع اتخاذ اجراءات لمعاقبة بشار الأسد أن تأخذ بعين الاعتبار الاحتمال القوي بأنها قد تكون مجبرة على مواجهته في موعد بالمستقبل القريب عندما يتحدى الأسد قوانين العلاقات الدولية ويشن حربا على دولة يُحملها مسؤولية ما يحصل في بلاده من أزمة، وفي هذه الحالة فإن المرشح الأكبر هو المملكة العربية السعودية.
من يتبنون فكرة أن بقاء الأسد في السلطة باعتبار أنه أقل الشرين مقارنة مع وصول المتشددين إلى السلطة، عليهم أن لا يخضعوا لوهم أن هذا الخيار هو انتقاء نظام "فاشي،" حيث أن هدف القضاء على الأعداء الداخليين والخارجيين مستمر ولن يهدأ الصراع من أجله.
من يستبعدون قيام الأسد بمثل هذه الخطوة عليهم السماع مرة أخرى لتصريحات الرئيس السوري الأخيرة حول "الوهابية،" وضرورة "اقتلاعها من جذورها،" وإصراره على إطلاق مصطلح "الإرهاب" على خصومه -- فهد ناظر، الخبير بشؤون الإرهاب، مستغلا بذلك التوجه الدولي نحو محاربته، انظروا إلى ما فعله نظام صدام حسين البعثي السابق في العراق، وما قام به من حرب ضد إيران باعتبار أنها سبب كل المصائب ثم عاد ليشن هجوما على الكويت فيما بعدها.
فاجأ صدام حسين العالم عندما قام بمهاجمة إيران والكويت، ومع أن نظام الأسد لم يقم بمثل هذه المغامرة العسكرية، فإن السنوات الثلاث الماضية من عمر الثورة السورية تكشف القناع عن نظام الأسد الفاشي الذي وفي سبيل استعادة السيطرة على سوريا فإنه قد يشن هذا الهجوم على أحد خصومه، في خطوة جريئة تهدف إلى تعزيز ثقة مناصريه وإعادة البعض الآخر من المعتدلين إلى رايته باستخدام شعار الوطنية.
عقيدة الدولة الفاشية تتلخص في الحفاظ على أمن الدولة واستقرارها ووحدتها ضد الأعداء سواء في الداخل أو الخارج، وأن الاعتداء على "القائد" يعتبر اعتداء على الدولة، وبالنظر إلى قيام الجيش السوري بقتل عشرات الآلاف والآلاف الآخرين ممن لم يحسبوا إلى جانب تشريد الملايين من السوريين وتسوية عشرات المدن بالأرض، وتقليص حجم الاقتصاد السوري إلى جزء بسيط مما كان عليه في السابق وتحويل البلاد إلى مقصد للمتشددين الإسلاميين، وكل ذلك في سبيل الحفاظ على شخص في السلطة.. هنا لابد لمن يفكر بفتح صفحة جديدة مع الأسد بعد هذه المعلومات أن يتوقف للحظة ويعيد النظر.
مثل صدام حسين، يقوم بشار الأسد بلعب دور الأمن الداخلي وتقديمه على باقي الأولويات وخلق ثقافة الخوف وحالة عدم اليقين وانعدام الثقة بين أفراد الشعب السوري، في سبيل السيطرة على المواطنين نفسيا من خلال أجهزة الاستخبارات والأمن وفرق التجسس.
مثل صدام حسين وغرف التعذيب التي تم اكتشافها بعد إسقاط نظامه في العام 2003 فإن المعلومات والصور والوثائق حول قيام الأسد بما هو أفظع من ذلك يتم اكتشافها بشكل يومي ولعل أبرزها الصورة المسربة حول حالة السجناء والمعتقلين المزرية، حيث أعادت هذه الصور ذاكرة أسوء نظام فاشي عرفه التاريخ "ألمانيا النازية."
ولكن كيف يفعل الأسد ذلك؟ كيف يتحكم بولاء جيشه؟ والإجابة على ذلك تأتي وفقا للقوانين المعمول بها في الأنظمة الفاشية، حيث أن الأسد يسيطر على وسائل الإعلام والمناهج المدرسية ويلعب على وتر "الوطنية والقومية،" من جهة وتنمية مشاعر البغض لكل أعداء سوريا.
ومن خلال هذا الأسلوب فإن مواليي الأسد يقومون بخطف آلاف الأطفال من داخل بيوتهم والقيام بتعذيبهم إلى جانب استخدامه للأسلحة الكيماوية وكل ذلك في سبيل الأمن الداخلي.
(ملاحظة المحرر: هذا المقال كتبه، فهد ناظر، خبير في شؤون الإرهاب والمحلل الساسي السابق في السفارة السعودية بالعاصمة الأمريكية، واشنطن، ويعبر عن رأيه الشخصي ولا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.)