إعداد: هديل غبون
الرويشد، الأردن (CNN)-- لا تعتبر تلك الجلبة التي أحدثها تدفق ما يزيد عن ألفي لاجئ سوري مساء الاثنين، عبر أحد منافذ بلدة الحدلات على الحدودية الأردنية شمالا مع سوريا والتابعة لبلدية الرويشد، سوى سطر واحد في حكاية رحلة اللجوء التي تتجدد يوميا، مصحوبة بالشقاء والجوع والخوف من جهة، وبتفاوت الحظوظ بين اللاجئين حتى في ضمان "لجوء" لا تزيد أيامه عن الثلاثة.
ذلك ما لم يحظ به عشرات اللاجئين القادمين من ريف حلب حيث استقبلتهم قوات حرس الحدود الأردنية مع أفواج أخرى لجأوا من مناطق مختلفة، وتفاوتت أيام لجوئهم من الداخل السوري بين الأيام الثلاثة والعشرة.
ويبدو أن محنة العبور قد تضاعفت أعباؤها، على الشاب أحمد الذي وصل حاملا بين ذراعيه شقيقه المعاق 12 عاما، قادما من ريف حلب في رحلة عمرها عشرة أيام، لكنها لم تقل شقاء عن رحلة سيدة مع أطفالها الرضع، قائلة إنها "اضطرت لاستخدام فوط أطفالها لإشعالها للتدفئة خلال أيام مكوثهم قرب الساتر الترابي الحدودي مع الأردن قبل السماح لهم بالعبور.
وقالت لموقع CNN بالعربية: "برد طيلة الليل صرنا نجيب فوط الأطفال نشعلها وأي أحد معه حذاء انقطع بالطريق استخدمناه للتدفئة... أما الأكل فتافيت خبز خلال أيام الانتظار."
لاجئ آخر رافق مجموعة ريف حلب، أكد خلال حديثه لوسائل الإعلام، أنه دفع ما يعادل مليون ليرة سوري على نحو 73 فردا لاجئا، حتى استطاعوا اللجوء إلى المملكة، قائلا إن تجار السيارات هم من أوصلوهم إلى الحدود.
وقال: "جينا وصلنا نصيب لقينا سيارات وقالوا لنا نأخدكم على عربة.. وبيتونا فيها أربعة أيام بدون سقف."
وتطابقت عدة روايات للاجئين سوريين خلال مقابلات لموقع CNN بالعربية لهم في الموقع، على أن هناك صعوبات بالغة في اللجوء من المنافذ الجنوبية السورية المقابلة لمدينة الرمثا شمال الأردن، خاصة عبر معابر تل شهاب ونصيب، ما يضطرهم إلى الالتفاف عبر منافذ أبعد ممتدة على الشروط الحدودي الذي يبلغ 378 كيلومترا.
ووسط توفر نحو 45 منفذا غير شرعي على الشريط الحدودي، أشار لاجئون إلى أنهم مكثوا أياما قرب الساتر الترابي بالقرب من الحد الأردني، وأن هناك بعض مناطق التجمعات التي "يوصلها" إليها تجار السيارات، من بينها "ريف السويداء" كواحدة من نقاط التجمع.
وعن ذلك قال أحد اللاجئين المسنين القادم من درعا: "صرلي خمسة أيام مع أسرتي في الطريق.. الجانب الأردني رجعونا من تل شهاب قابلنا رئيس الحاجز وطلب منا مراجعته بعد 15 يوم على أن ينقل طلبنا للقيادة.. مشينا 250 كيلومتر حتى وصلنا."
وعن دخول لاجئين أمامه من النقطة المقابلة لبلدة تل الشهاب قال: "لا لم نر أحد يجتاز الحدود أمامنا."
من جانب آخر، يعتبر التصدي لمواجهة الجماعات المسلحة المتسللة ومحاولات التهريب من سوريا إلى الأردن، من أبرز التحديات أمام قوات حرس الحدود الأردنية، بحسب قائدها العميد الركن حسين الزيود الذي وصف "الحدود الأردنية السورية مشتعلة." قائد قوات حرس الحدود الأردنية، حسين الزيود
وفيما وصف الزيود بأن "تهديدات الجماعات المسلحة الإرهابية" هو الأخطر الأبرز بالنسبة لقوات حرس الحدود الأردنية، أكد أن هناك تعليمات واضحة بمنع دخول أي متسلل "بطرق غير شرعية".
وقال: "لا نسمح باجتياز حدودنا بطرق غير شرعية للأفراد أو للجماعات.. حدودنا خط أحمر."
وبين الزيود خلال زيارة ميدانية لوفد برلماني وصحفي إلى الواجهة الشمالية الشرقية الحدودية الاثنين، بتسجيل أرقاما عالية نسبيا لحالات التهريب والتسلل فقط في شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط من العام الجاري 2014، خاصة فيما يتعلق بالذخائر بمختلف أنواعها.
وقال الزيود: "إن عدد حالات التسلل لعام 2014 قد بلغ 22 حالة تورط فيها 53 شخصا، مقابل ضبط خمسة حالات تهريب تضمنت ضبط 500 قطعة سلاح من فئة ’بومب أكشن‘ و96 مسدسا ونحو عشرة آلاف ذخيرة مختلفة الأنواع." حسين الزيود، قائد قوات حرس الحدود الأردنية
وكشف المسؤول العسكري، عن بعض حالات لاستغلال اللاجئين السوريين في تنفيذ عمليات تهريب من سوريا إلى الأردن، قائلا: "إن إحدى العمليات التي تخللها لجوء عائلتين تم ضبط فيها ما مقداره ثلاثة شوالات من المسدسات الأوتوماتيكية."
ولفت الزيود في هذا السياق إلى أن حالات التهريب التي سجلت في 2013، بلغت 99 حالة، تخللها ضبط 724 قطعة سلاح من فئة "بومب آكشن،" و33 قنبلة يدوية و45 جهاز اتصال لاسلكي، إضافة إلى 3 أجهزة تفجير عن بعد إضافة إلى معدات أخرى.
وعلق قائلا على أرقام 2014 بالقول: "هذه أرقام عالية جدا."
وحتى صباح الاثنين الثالث من آذار الجاري، أكد الزيود على أن عدد اللاجئين السوريين الإجمالي الذين دخلوا الأراضي الأردنية وجميعهم عبر المنافذ غير الشرعية، قد بلغوا "462" ألف لاجئ و538 بين مدني وعسكري.
إلى ذلك، قال العميد حسن الهياجنة قائد لواء حرس الحدود في المنطقة الشمالية: "إن هناك حالة استقرار على طول الشريط الحدودي مع كل من العراق والسعودية."
وبين الهياجنة في حديث خلال الجولة: "إن هناك نشاط قليل شهدته حدود الأردن مع العراق على الجانب العراقي مؤخرا،" مشيرا إلى إنه لا يوجد تهريب للاجئين، فيما علق الزيود على وضع الحدود السعودية الأردنية بالقول: "الوضع الأمني اعتيادي وضمن ما هو معروف."
وبتعد بلدة الحدلات عن بلدية الرويشد نحو 90 كيلومتر، فيما تبعد الأخيرة عن العاصمة عمان نحو 350 كيلومترا.