الجزائر (CNN)-- اجتاح هوس الترشح لمنصب رئيس الجمهورية في الجزائر مواطنين بسطاء، تجار وحرفيين، فضلا على مدراء صحف ورؤساء أحزاب مجهرية، ينافسون الشخصيات السياسية المتمرسة ورؤساء حكومات أعلنوا عن ترشحهم للانتخابات الرئاسية، لدرجة وصل فيها عدد الذين سحبوا استمارة الترشح من المجلس الدستوري إلى 106 مترشح، لم يبق منهم سوى 12 من نجحوا في جمع النصاب القانوني من التوقيعات والمقدرة حسب القانون 60 ألف توقيع.
كما يبدو على المشهد السياسي في الجزائر ولعبة الترشح للرئاسة أنه تحول إلى فلكلور من خلال الوجوه التي عبرت عن رغبتها في الترشح، وما أثرته بعدها من مواقف طريفة، فالترشح إلى رئاسيات الجزائر حسب الدستور، حق لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية، لهذا أقدم السيد عياش حفايفة عن إعلان ترشحه، وهو حرفي متواضع بدأ مشواره بائعا متجولا للخضر والفواكه بأسواق "باب الواد" بالعاصمة، قبل أن يؤسس جمعية محلية لحماية المستهلك، ليقدم بعدها بالترشح للانتخابات الرئاسية وينافس عبد العزيز بوتفليقة ووجوه سياسية كبيرة على كرسي الرئاسة، مع الإشارة أن عياش حفايفة سبق له أن أعلن ترشحه في مناسبتين سابقتين عامي 2004 و2009.
مسعود غواط حلم في المنام أنه خليفة بوتفليقة فترشح
ومن بين المرشحين الذين حيروا المتتبعين بترشحهم ونزولهم إلى ساحة الرئاسيات، كان مسعود غواط الذي يمتهن التجار وقال في تصريحاته لموقع CNN بالعربية: "حلمت في منامي أنني سأكون خليفة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فأعلنت ترشحي للانتخابات الرئاسية"، هذا التصريح كان قبل فشله في جمع التوقيعات اللازمة، لينسحب وهو في قمة الحسرة، وأمثال غواط كثيرون أصبحوا مصدرا للتنكيت والسخرية في الشارع الجزائري.
وفي هذا الشأن قال المحامي والناشط السياسي عبد الرحمن حديبي في الحركة التي شهدتها الساحة الجزائرية مع ترشح من أمثال غواط وحفايفة في حديث لموقع CNN بالعربية أن: "معظم مرشحي انتخابات أبريل/ نيسان 2014 يفتقدون إلى المفاتيح التي تساعد على فتح اللعبة الانتخابية المغلقة بإحكام، فلا تجذر شعبي لهم، ولا قواعد نضالية تدعمهم، كما أنهم يفتقدون لرصيد سياسي يكون مقياسا للحكم على أدائهم أو تجاربهم، بل وفوق هذا تجدهم مواطنون بسطاء من حقهم الحلم، ولكن ليس على حساب الجزائر".
نكاز يقع في موقف محرج جدا بسبب النشيد الوطني وزغدود يحدد سعر البطاطا بـ350 دولار
ومع المقاطعة التي شنتها عدة أحزاب سياسية لها ثقل في المشهد السياسي الجزائري تنديدا بتحيز الإدارة وميلها الفاضح لمرشح النظام عبد العزيز بوتفليقة، فإن أحلام البسطاء من باقي المترشحين بقيت قائمة، وهذا ما جعلهم هدفا لرواد شبكات التواصل الاجتماعي الذين يتصيدون عثراتهم في صورة الموقف المحرج الذي تعرض له رشيد نكاز، حينما طلب منه إنشاد المقطع الاول من النشيد الوطني الجزائري فردد قائلا: "قسما بالنازلات ترن.. ترن..ترن" مكتفيا في ذلك بترديد الكلمات الأولى للنشيد بينما باقي الكلمات عوضها بترديد الألحان، وهو المقطع الذي وجد نسبة كبيرة من المتابعة على "يوتوب". كما لم تعرض أيضا المترشح علي زغدود، رئيس حزب التجمع الجزائري، لموقف محرج حينما تم سؤاله عن سعر كيلوغرام البطاطا فأجاب بان سعرها خمسة ملايين سنتيم (ما يفوق 350 دولار)، هذا دون الحديث عن مترشح أكد أنه في حال وصوله إلى الحكم فإنه يعد الجزائريين باحتضانها لنهائيات كأس العالم.
صالح سواكر يقود حملته بالسروال القصير ويلوم المشرع الجزائري
كما لم تختلف الأمور مع المترشح صالح سواكر الذي ظهر في لوحاته الدعائية بسروال قصير، ما يعرف في الجزائر باسم "بونتاكور"، بات يعرف عند الجزائريين باسم "مرشح البونتاكور"، والتي اعتبرها البعض مشاهد مضحكة ولا تليق بمترشح لمنصب الرئيس. صالح سواكر – يشتغل مسير مخزن بشركة سوناطراك البترولية في الجزائر- دافع عن خيار ترشحه.
وقال في حديث لموقع CNN بالعربية: "أنا مثلت الطبقة البسيطة، وما استغربه هو انتقاداتي من طرف البسطاء الذين يسخروا من ترشحي رغم علمي الدقيق بمعاناتهم"، وأضاف: "كان على من انتقدني أن ينتقد المشرع الجزائري والدستور لأنه هو من سمح بترشح مواطن بسيط ولم يشترط لا مستوى مهني أو دراسي للمترشح".
كمال كوسة يعلن انسحابه من مقبرة
كما سبق لموقع CNN بالعربية أن أشار في تقرير سابق إلى إعلان كمال بن كوسة انسحابه من السباق الانتخابي ولم يكن ذلك في ندوة صحفية ولا في قاعة اجتماعات ولا حتى أمام تجمع له، بل إعلان انسحابه كان خلال وقفة نظمها في المقبرة الرسمية قال فيها: "أمثل أمامكم اليوم للإعلان عن انسحابي الرسمي من سباق الرئاسيات، الذي حدد سلفا الفائز بها".
ملكة جمال مهاجرة تدخل سباق الرئاسة دون علمها
ومن بين المفارقات التي عاشتها الجزائر في الفترة الماضية قبل إعلان المجلس الدستوري لاستقباله لـ12 مترشح استوفى الشروط القانونية، كانت هناك ملكة جمال مهاجرة واسمها سيليا سعدي، طبيبة مختصة في أمراض القلب وهي بنت المعارض السياسي سعيد سعدي، الأمين العام السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والتي وجدت نفسها تدخل سباق الرئاسة دون علمها، حيث روج مجموعة من رواد شبكة التواصل الاجتماعي حملتها الانتخابية، قبل أن تتدخل وتعلن أنها لم تنو ترشحها إطلاقا.
الكاتبة أحلام مستغانمي مطلوبة لتحقيق أحلام الجزائريين
كما لم يختلف الأمر مع الكاتبة والروائية الجزائرية، أحلام مستغانمي التي طالبها عدد كبير من محبيها بسحب استمارة ترشحها من وزارة الداخلية، لتحقق أحلام الجزائريين، إلا أن أحلام مستغانمي رفضت الخوض في السياسة مفضلة تركها لأصحابها. وعلى خلاف أحلام مستغانمي فإن مرشح آخر سؤل عن مساحة الجزائر فبدل أن يحسبها بالمتر المربع حسبها بالمتر المكعب ولما سؤل عن السبب قال لا فرق بين المكعب والمربع المهم وصوله إلى قصر المرادية وفوزهم بالانتخابات الرئاسية.
عدد كبير بحث عن الدعاية الإعلامية وسارع لمباركة ترشح بوتفليقة
وبالنظر إلى الحركية التي شهدتها الجزائر، فإن المختص في علم الاجتماع السياسي والأستاذ في كلية العلوم السياسية والإعلام، الدكتور عبد العالي رزاقي قال في تصريح لموقع CNN بالعربية إن الترشح في مختلف المواعيد السياسية كان مرتبط بالانتماء الحزبي، مضيفا: "هذا الأمر خلق نوعا من الانغلاق ومنع مختلف الناشطين السياسيين من المشاركة في الانتخابات الرئاسية"، ما جعل حسبه الممارسة السياسية ذات مدلول رمزي فقط، مؤكدا في نفس الوقت "أن كل من ترشح للانتخابات خاصة البسطاء منهم بحثوا عن الدعاية الإعلامية قبل أن يسارعوا لمباركة ترشح بوتفليقة".
الإسلاميون خارج السرب والمعارضة تكتفي بالحياد
وفي المشهد السياسي الذي تعرفه الجزائر، فإن الملاحظ أن الاحزاب الإسلامية ابتعدت هذه المرة عن الساحة، وكان الاستثناء مع إمام سابق في مسجد بالعاصمة، عبد الفتاح حمداش زراوي، كشف عن نيته في الترشح للانتخابات الرئاسية، وسعى إلى تأسيس حزب سلفي، لكن السلطات لم تسمه له بالنشاط لصلته بالحزب المنحل، الجبهة الإسلامية للإنقاذ. أما الأحزاب المعارضة ومن أبرزها حزب القوى الاشتراكية فقد أعلن صراحة مساء الجمعة إلى التزامه الحياد، حسب ما صرح به الأمين العام للحزب.
فشل المرشحون في جمع التوقيعات جعلهم فلكلور سياسي
كما وصف مراقبون أن المرشحين الذين سحبوا استمارات ترشحهم للانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة يوم 17 أبريل/ نيسان القادم بـ"الفلكلور السياسي"، وقال في هذا الشأن الباحث في التاريخ، والأستاذ الجامعي سعيد تريعة لموقع CNN بالعربية "إن الترشيحات كانت غير جدية، بدليل أن كل من ترشح فشل في جمع التوقيعات المطلوبة دستوريا، ولكنه في مقابلها فاز بدعاية لم يكن ينتظرها في حياته." الأستاذ الجامعي، سعيد تريعة