دخلت الكارثة السورية عامها الدموي الرابع (بدأت في آذار 2011) مخلفة وراءها 150 ألف قتيل وملايين المشردين وواعدة بالمزيد على ضوء معلومات تفيد بتصعيد الدعم للمتقاتلين السوريين و"الأممين" على أرض سوريا المنكوبة من الاطراف التي تخوض حروبها وتصفياتها على الأرض السورية بالوكالة، أميركا، روسيا، إيران، الصين، السعودية، الإمارات، قطر، العراق، حزب الله، القاعدة، الأخوان المسلمون،... الخ.
والذي يدعو الى الغرابة والدهشة هو أن هناك اجماعاً على استحالة الحل العسكري للكارثة السورية وانطباق القاعدة اللبنانية الشهيرة على هذا الصراع العبثي: "لا غالب ولا مغلوب". ورغم ذلك فالكل – القوات النظامية السورية والمعارضة بأعلامها المتعددة الكثيرة- ما يزال شاكي السلاح لا بل ويطلب أو يضخ المزيد من الأسلحة المتطورة التي تسرب قسم منها الى العصابات الارهابية.
فقد أكرهت كل القوى المتصارعة على الجلوس الى طاولة المفاوضات في جنيف-1 ( حزيران 2012 ) واستمرت تلك القوى في حروبها الضروس الى ان أكرهت على الجلوس الى طاولة المفاوضات مرة أخرى في جنيف-2 ( كانون الثاني 2014 ) ولقد شاركت نحو 40 دولة في مؤتمر جنيف حول سوريا بطبعتيه 1 و 2 في اعتراف شامل لم يشذ عنه أحد باستحالة الحل العسكري لهذه الأزمة الفريدة المعقدة.
ما دام الحل حلاً سياسياً لا غير، فلماذا تسريب أن الرئيس الأمريكي -اثر زيارته الى السعودية- قرر دعم المعارضة السورية "المعتدلة" عسكريا وسياسيا ومالياً -- محمد داودية ؟
لماذا يحافظ الجميع على ادامة هذه الحلقة الدموية الجهنمية وعلى دورانها وهي لا تخلف الا دماء ودماراً للشعب السوري ومقدراته وبنى دولته العريقة. هل بالمزيد من الدماء والدمار يتم تحسين شروط التفاوض؟ وهل في القتل اعتدال ؟
ان فائض القوة وفائض السلاح وفائض التنظيمات وتوازن القوى والقوة وصعوبة الحركة في الميدان والاتفاق -غير الجنتلمان - بين النظام السوري والقوى الارهابية على التنفس و تصدير كرات النار وقذفها من يديها الى أية جهة مجاورة، كل هذا يدعو الى التنبه لما أسميه " فوضى الحدود الأردنية – السورية " التي بدأت تشهد محاولة تصدير السلاح والارهاب من سوريا الى الأردن -- محمد داودية كما تم يوم الاحد 30 آذار 2014 عندما أحبطت قوات حرس الحدود الأردنية عملية دخول خمس سيارات من الحدود السورية الى الأردن دمرت منها اثنتين وسيطرت على السيارات الثلاث الاخرى التي تبين أنها محملة بالأسلحة والذخائر المتنوعة !! لم تكن الاولى ولن تكون الاخيرة !! وهي أسلحة موجهة بالتاكيد الى شوارع الاردن وفنادقه ومساجده وكنائسه ومولاته وأسواقه الشعبية التي تكتظ بالأبرياء.
حسن، اعتراف عالمي بعبث القتال وعقم الحل العسكري. واعتراف شامل بأحادية الحل السياسي. ومع ذلك يتم اغراق سوريا بالمزيد من الاسلحة الى درجة ان المتقاتلين لا يحتاجونها لا بل أنهم يبيعونها ويصدرونها الى الأردن حيث لا اعداء ولا خطر.
ان الاستمرار في هذا القتال العبثي في سوريا لن يضعف الخصوم فحسب، بل سوف يقود الى كارثة -- محمد داودية انفلات الجني من القمقم وارتداده الى حيث لم يحتسب احد، كما حصل في ليبيا وامتداد السلاح المتدفق منها الى سيناء ولاحقا الى تونس والسودان وتشاد ومالي !!
إن الطرف الأقرب من الجحيم والأكثر تضرراً من استمرار الكارثة السورية وتفاقمها والمضي في تسليح اطرافها، علاوة على الأضرار الجسيمة المتمثلة في تدفق نحو مليون ونصف المليون سوري الى أراضيه، هو الأردن الذي لولا تميزه بالقدرة الامنية والاستخبارية والعسكرية والتقنية الكبرى، لحصلت مصائب وكوارث لا يعلم الا الله مداها.
ترفع الأطراف المتصارعة على جزء من الأرض السورية – استحالة السيطرة على كل سوريا- أهدافا كبرى لا تخدع أحداً بل تخدع تلك الاطراف ان كانت لا ترى ان تقسيم سوريا وتمزيقها هو الذي يمكن أن يكون أقرب من اسقاط النظام الاستبدادي أو طرد قوات المعارضة المنضبطة والعصابات المنفلتة التي يكسب النظام كل يوم من جرائمها الارهابية.
المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.