بقلم غوردون براون مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالتعليم العالمي ورئيس الوزراء البريطاني السابق. (ما يرد في المقال يعبر حصرا عن رأي كاتبه)
إنه هبوط نحو الهمجية. فالخطط التي أعلن عنها البرلمان العراقي، هذا الشهر، لخفض سن زواج الفتيات للتاسعة من العمر، تأتي بعد طلب تقدم به المجلس الإسلامي في باكستان الشهر الماضي لإزالة كل القيود القانونية المنظمة لزواج الأطفال، وكذلك الكشف عن كون الفتيات اللاجئات السوريات يجري بيعهن ضمن صفقات زواج ضدّ رغباتهن، وكذلك زيادة الضغوط في عدة دول إفريقية لتليين القيود على بيع الفتيات كعرائس--غوردون براون-مبعوث الأمم المتحدة الخاص للتعليم العالمي .
وباعتباري واحدا من الذين آمنوا أنّ الاشمئزاز الدولي بشأن زواج الأطفال سينتهي مع جيلنا، فإنني أجد نفسي اليوم مضطرا للقول إنّ التقدم المحرز على هذا الصعيد قد توقف. ففي الشهور القليلة الماضية، قاومت موريتانيا، التي تستهدفها حملة انتقادات بوجود ممارسات لتغيير بنية وأعضاء الفتاة الصغيرة حتى يكون تزويجها وهي في سن الثامنة والتاسعة أمرا ممكنا، جهودا لحملها على إقرار سن قانونية للزواج.
كما فشلت نفس الجهود في اليمن وحتى نيجيريا فإنها تدرس خفض سن الزواج.
وفي الهند، دفع تنامي ظاهرة اغتصاب الفتيات الملايين إلى الخروج للشوارع للتظاهر وباتت الظاهرة قضية وطنية في البلد التي تنفرد بما لا يقل عن 40 بالمائة من نسبة زواج الأطفال.
وتقول الأمم المتحدة إنّ واحدة من كل تسع فتيات يتم تزويجها وهي لم تبلغ الخامسة عشرة وأنه في غضون عام 2020، 142 مليون طفلة-أي واحدة من كل ثلاث فتيات في الدول النامية- سيتم تزويجها قبل سن الثامنة عشرة. ومثال ذلك أنّ في 60 بالمائة منهن في أفغانستان يتم تزويجهن قبل أن يبلغن 16 سنة من العمر وفي النيجر فإنّ نحو ثلاثة أرباع الفتيات يتزوجن قبل أن يبلغن 18 من العمر.
ولحسن الحظّ، فإنّ جهود الحكومات من أجل إنهاء الانتهاكات قد حققت أهدافا لعبت الفتيات أنفسهن دورا مهما في ذلك. فغضبهن ولّد الآن حركة حقوق مدنية كونية لإنقاذ الأطفال من الاستغلال وضمان حقهم في التعليم.
وإلى جانب شبكة النساء العراقيات اللائي أعلنّ اليوم العالمي للمرأة الشهر الماضي، يوما عراقيا للحزن، تحرك "المنتدى النيبالي من أجل حرية كاملاري" و"أندية حماية الطفولة الأوغندية" و"منظمة نادي الطفولة الغانية" و"مجموعة دعم الطفولة غروبوغان في إندونيسيا."
وربما لا تعدّ هذه المجموعات ذات شهرة دولية، ولكنها تستعير التكتيكات التي تدعو لها حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، من خلال تحدي أولياء الأطفال والسلطات وكل من يحاول تزويج الأطفال وهم في سن الثامنة أو التاسعة أو العاشرة رغما عنهم.
وتشهد شبه القارة الهندية تنامي ظاهرة "مناطق خالية من زواج الأطفال" وهي تجمعات لبنات يرفضن الزواج غصبا عنهن وكثيرا من يتحدين رغبات أسرهنّ. وقد انطلقت الفكرة من باكستان. وفي بنغلادش توجد الآن الكثر من المناطق وستشهد مالاوي قريبا نفس الفكرة. والكثير من هذه المنظمات على علاقة بالحركة الكونية المتنامية "بنات لا عرائس."
وواحد من الأساليب الآمنة لمنع زواج الأطفال، وعمل الأطفال والتجارة بهم والتمييز ضد الفتيات، هو التأكد من التمكين وتفعيل حق كل طفل في أن يكون في مدرسة.
وفي العاشرة أبريل/نيسان، أطلق تحالف عالمي طارئ من أجل التعليم يعكس هذه الجهود. وتستند رؤية التحالف على عدة أفكار أبرزها طفلة بحد أدنى من التعليم، لن تتزوج فقط في الثامنة أو التاسعة أو العاشرة، بل إن احتمال أن تتزوج قبل الثامنة عشرة أقل بنحو ستّ مرات.
ودعا التحالف إلى أربعة أصفار هي صفر زواج أطفال وصفر عمل أطفال وصفر تمييز ضد الفتيات وصفر إقصاء من التعليم.
ويمثل ذلك الفرصة الأخيرة للعالم لتحقيق أهداف خطة ألفية الأمم المتحدة التي توقفت بعد أن حققت إنجازات من ضمنها توفير التعليم لأربعين مليون طفل.
والآن فإنّ 57 مليون من ضمن الطفولة المهمشة، والأطفال العمال والمتاجر بهم وعرائس التسع سنوات وأطفال الشوارع، لا يجدون دعما إلى جانبهم حتى يتم إلحاقهم بالمدارس.
ولكن انتهاك حقوق الأطفال، يمكن أن ينتهي بضمان تعليم كوني. إنه التعليم الذي لا يفتح فقط قابلية التعلم لدى الطفل، ولكن أيضا تحسين الصحة وقابلية الحصول على وظيفة والفرص ومعايير حياة أعلى.