عمان، الأردن (CNN)-- يتجه علماء من المسلمين والمسيحيين يشاركون حاليا في المؤتمر الإقليمي "الطريق إلى القدس" المنعقد في العاصمة الأردنية، عمان، إلى إصدار فتوى دينية جديدة "تجيز زيارة الأقصى" لغير الفلسطينيين دون اعتبارها "تطبيعا مع الاحتلال الإسرائيلي،" على حد قولهم، وسط جدل محتدم شهدته مناقشات المؤتمر الذي يختتم أعماله الأربعاء.
وتباينت وجهات نظر العلماء ورجال دين مسلمين ومسيحيين، بين من رفض بالمطلق إصدار فتوى تسمح لغير الفلسطينيين من الزيارة، وبين من دعا إلى إصدار فتوى تسمح للمسلمين والمسيحيين من غير الفلسطينيين بزيارة الأقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس وبيت لحم، بإشراف الحكومة الأردنية والسلطة الوطنية الفلسطينية.
فيما حذر حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في الأردن، من صدور أي فتوى دون طرحها على المرجعيات الفقهية الإسلامية.
ويعتبر التوجه نحو إصدار تلك الفتوى، بحسب مراقبين، مخالفا لفتوى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يرأسه يوسف القرضاوي، ويقضي بتحريم زيارة القدس وهي تحت الاحتلال لغير الفلسطينيين.
من جانبه، تحفظ الأمين العام للاتحاد، الدكتور علي محي الدين القرة داغي، المشارك في المؤتمر في تصريح مقتضب لموقع CNN بالعربية، على صدور أي فتوى تروج "للزيارات السياحية" للأقصى.
وقال: "أي فتوى ستصدر لا بد أن تكون فتوى معتدلة لا يمكن أن تكون مجيزة بالمطلق ولا مانعة بالمطلق .. ونحن أجزنا للفلسطينيين من قبل مهما كانت جنسياتهم زيارة الأقصى، وما عدا ذلك أنا أخالف هذا الرأي، وأني أرى للآن أن هناك توجهان في هذا المؤتمر أحدهما يجيز الزيارات والآخر لا يجيزها." الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي محي الدين القرة داغي
وكان داغي قد علق على القضية في مداخلة له خلال الجلسات بحسب وكالة الأنباء الأردنية، بأن زيارة القدس ليست قضية جزئية يفتي بها بعض الافراد؛ بل قضية كلية تحتاج الى فتاوي جامعة تمثل علماء الامة الاسلامية، فيقررون فيها بالإجماع أو الغالبية، منوها الى عدد من الفتاوي بحرمة زيارة غير الفلسطينيين للأقصى.
وحاول موقع CNN بالعربية الحصول على تعليق من مفتي عام المملكة، عبد الكريم الخصاونة خلال المؤتمر على قضية الفتوى، إلا أنه اعتذار عن التعليق، قائلا إن موقفه "ليس رفضا للتعليق بل لأن أعمال المؤتمر لم تنته بعد."
كما امتنع الداعية الإسلامي السعودي المعروف محمد العريفي المشارك في المؤتمر عن التعليق خلال جلسة ناقشت القضية بحضوره، كما امتنع عن التعليق لوسائل الاعلام عن ذلك.
واكتفى العريفي بإنهاء الجلسة بالدعاء "للمرابطين" في القدس، فيما قال في سياق المناقشات إن الدفاع عن القدس والمقدسات فرض عين على كل مسلم، وأشاد بما وصفه بروح التآلف التي تجمع المسلمين والمسيحيين واجماعهما على تعظيم هذا الموضع الذي عظمته كل الانبياء.
بالمقابل، قال وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني، هايل داوود، إن أحد محاور المؤتمر هو مناقشة حجم المساهمة التي قد تنطوي على فتح باب الزيارات للقدس، من دعم للمقدسيين ودعم صمودهم تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وكشف داوود عن خطة تعمل عليها وزارة الأوقاف، بالتنسيق مع عدد من الدول العربية والاسلامية، التي تسمح أنظمتها بتنظيم رحلات "سياحة دينية" إلى القدس، وفق برنامج متفق عليه.
وقال داوود في تصريحات لموقع CNN بالعربية: "وجهة نظري الشخصية أن الذهاب إلى القدس فيها من المصالح المتحققة ما هو أكبر من المفاسد لأنني لا أذهب لاحتضان الاسرائيلي.. أما نحن كحكومة أردنية فندعو إلى زيارة الأقصى والقدس عبر رحلات سياحية دينية محددة وقمنا بالتنسيق مع عدد من العربي لإحضار سياح إلى الأردن للإقامة أيام ومن ثم التوجه إلى القدس فقط والعودة دون زيارة أي مواقع أخرى في الداخل."
وأشار داوود إلى غالبية المشاركين في المؤتمر أيدوا السماح بالقيام بزيارات للأقصى خاصة من الفلسطينيين والمقدسيين، فيما أكد أن القرار النهائي بإصدار فتوى مرده إلى موقف اللجان التحضيرية للمؤتمر خلال ختام أعماله الأربعاء.
أما بشأن بيان الإخوان المسلمين التحذيري من إصدار الفتوى، علق قائلا: "لا نعتقد أن هذا له علاقة بمصطلح ’التطبيع‘... لم اطلع على البيان ولكن مصطلح يحذرون ليس هم في مقام من يحذرون ولا يجوز لهم مثل هذا السلوك منهم لا مستند اليوم ولا هناك دليل شرعي بفتوى التحريم، وهذا رأيهم يخصهم وهم ليسوا في مقام التحذير."
من جانبه، قال مفتي عام القدس والديار الفلسطينية محمد حسين، خلال إحدى الجلسات، إن هناك فتوى نبوية تدعو إلى شد "الرحال إلى القدس"، قائلا إنه لا يوجد ما يمنع شرعا من زيارة المدينة المقدسة وأنه من المهم الالتزام بضوابط تقضي بتجنب أي إجراء يصب في مصلحة "تطبيع العلاقات مع الاحتلال."
أما نائب رئيس مجلس الإفتاء السويدي، حسان موسى، فقال من جهته إن هناك دعوات لإباحة زيارة المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس "للمسلمين والمسيحيين" من غير الفلسطينيين المتواجدين في الخارج.
وقال موسى إن هناك مقترحات عديدة، منها ما يدعو للمنع المطلق، ومنها ما يدعو للسماح للمسلمين والمسيحيين من غير الفلسطينيين بزيارات محددة وفق ضوابط تمنع التعامل مع المحتل.
وبين موسى في تصريحات لموقع CNN بالعربية: "ما تزال الآراء قيد البحث والتشاور وهناك حديث عن ضوابط للزيارات لغير الفلسطينيين على أن تضمن التعامل مع المؤسسات المقدسية العربية فقط بيعا وشراء ونقدا وأن تتم الزيارات من خلال المملكة الأردنية الهاشمية والسلطة الفلسطينية وليس للتعامل مع المحتل."