هذا المقال بقلم أيمن عقيل، رئيس مؤسسة "ماعت" للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، وهو ضمن سلسلة مقالات ينشرها موقع CNNبالعربية بمناسبة الانتخابات الرئاسية المصرية. كما أنه يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.
أيام قليلة تفصل المصريين عن الذهاب لصندوق الاقتراع للمرة الثانية في أقل من عامين لاختيار رئيس جديد للبلاد ، وممارسة " الاستحقاق " الثاني من استحقاقات خارطة الطريق التي توافقت عليها القوى الوطنية في 3 يوليو 2013 في استجابة للموجة الثورية العاتية التي "امتلأت بها ميادين مصر في 30 يونيو 2013 مطالبة بعزل الرئيس السابق محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ."
خلال 10 شهور من عمر خارطة الطريق " ذات الاستحقاقات الثلاث" أنجز المصريون دستورا توافقيا في استفتاء توافرت فيه معايير الحرية والنزاهة وفقا لشهادات المتابعين والخبراء، وهاهم يقفون على أعتاب الانتخابات الرئاسية التي يسعى الجميع لأن تكون بنفس درجة حرية ونزاهة الاستفتاء على الدستور، لذا فإن خطوات مثل فتح الباب أمام المتابعة الدولية للانتخابات سواء من قبل منظمات المجتمع المدني ( 6 منظمات حصلت على موافقة رسمية)، أو المنظمات الدولية الحكومية ( الاتحاد الأوروبي – جامعة الدول العربية )، تعد خطوات تقدمية على هذا الطريق .
رغم ذلك تبقى ممارسات العنف والإرهاب تحديا كبيرا أمام هذا الاستحقاق، فمنذ انطلقت مجريات العملية الانتخابية في 31 مارس الماضي وحتى بدايات مرحلة الدعاية الانتخابية سقط عدد من القتلى -- أيمن عقيل في أكثر من تفجير إرهابي في عدة مناطق متفرقة، فضلا عن ذلك فإن الأجهزة الأمنية المعنية أعلنت قيامها بإبطال عدد أخر من العبوات الناسفة في محافظات مختلفة.
إن تواتر حوادث العنف والتفجير يدلل على " منهجيتها " من جهة، وارتباطها بالعملية الانتخابية من جهة ثانية -- أيمن عقيل فالهدف الواضح من ورائها هو إشاعة مناخ من التشكيك في معدلات تأمين الانتخابات وبث الشعور بعدم الأمان ومن ثم التأثير على معدلات التصويت بالسلب، وأيضا تحويل الاهتمام "الشعبي" من الانتخابات ومرشحيها وبرامجهم وأفكارهم لمستقبل هذا الوطن، إلى الاهتمام بالقتلى والجرحى الذين تخلفهم تلك الممارسات .
المتابع للمشهد المصري في الشهور العشرة الأخيرة التي أعقبت الموجة الثورية في 30 يونيو 2013 يكتشف بسهولة إن وتيرة العنف تتزايد كلما اقترب موعد استحقاق من الاستحقاقات الرئيسية الثلاث للمرحلة الانتقالية ( الاستفتاء على الدستور، انتخابات رئاسة الجمهورية، انتخابات البرلمان)، وهو ما يؤكد بصورة أو بأخرى أن "أطرافا" لها مصلحة في إفشال استحقاقات ما بعد 30 يونيو هي من تقف وراء هذا العنف وتغذيه وتموله وتوفر الغطاء السياسي لتبريره.
لذا فإنه لن يكون منطقيا أو مقبولا أن يتم تجاهل هذه الأحداث وسياقاتها في أي تقييم موضوعي لعملية الانتخابات الرئاسية -- أيمن عقيل الجارية الآن، فالعنف والإرهاب وتأثيرهما على الانتخابات يجب أن يكونا حاضرين كبعدين رئيسيين من أبعاد تحليل أمين ينصب على الانتخابات الرئاسية المصرية.
ومن ثم فإن المنظمات المحلية والدولية التي تعد عدتها الآن لانطلاق عمليات المتابعة سيكون عليها أن تجيب بموضوعية وحياد وتجرد في تقاريرها التي ستعلنها للرأي العام المصري والعالمي، وستقدمها لآليات الإشراف على إدارة العملية الانتخابية في مصر، على سؤال نراه محوريا ، ألا وهو: إلى أي مدى كان العنف والإرهاب مؤثرا في سير العملية الانتخابية ؟؟؟؟