خاص لـCNN- بقلم تيم ليستر
(CNN)-- في إعلان صارخ لنواياه، أعلن تنظيم "داعش" ادعاءه قيادة الحركة الإسلامية الكونية، داعيا كل المسلمين عبر أرجاء الكرة الأرضية إلى إعلان الولاء والبيعة لقائده أبوبكر البغدادي.
ويشير ذلك إلى رغبة التنظيم في وضع "تنظيم القاعدة" وزعيمه أيمن الظواهري طيّ التاريخ، فيما يعدّ أكبر منعرج في تاريخ نشاط الجماعات الجهادية منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ولكن ليس ذلك فقط، فتنظيم "داعش" يدعي الآن أنه يمثل 1.5 مليار مسلم وأنّ العالم أجمع، وليس فقط صحاري سوريا والعراق، هدف له.
ويعني إعلان منظّر تنظيم "داعش" أبو محمد العدناني الشامي تغيير اسم التنظيم إلى "الدولة الإسلامية" تغييرا للحدود التي كان يحملها الاسم المعروف به التنظيم وهو "الدولة الإسلامية في العراق والشام" والذي يسيطر على أراض في العراق وسوريا. كما أن ذلك يعني أنّ التنظيم يهدف إلى فرض حكمه وسلطاته، و"إمامة أمير المؤمنين" أميره الذي لم يشاهد حتى الساعة في صفوفه أبوبكر البغدادي، حتى على الأماكن الإسلامية المقدسة.
وأضاف الشامي أنه لا شرعية لجميع الدول والمؤسسات التي تقع داخل الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم وأنّ الحدود الموروثة عن الاستعمار لم تعد قائمة. وبدلا من ذلك، تم إعلان الخلافة تأسيسا على التقدم الذي أحرزته داعش في الآونة الأخيرة.
وأظهر فيديو الأحد إزالة نقطة حدودية بين الحسكة في سوريا ونينوى في العراق، كما أظهر فيديو آخر احتفالات في "الرقة" بإعلان الخلافة.
ويعدّ إعلان الخلافة الحلم الأسمى لتنظيم القاعدة للزعيم التاريخي لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن، لكن تنظيم "داعش" سيطر على أراض أوسع ومدن أكثر من مما أنجزه أي تنظيم على علاقة بتنظيم القاعدة الذي سبق له أن سيطر، لفترة وجيزة، على بعض القرى في جنوب اليمن بداية 2012 ولكن تم دحره منها لاحقا خلال ذلك العام.
وأدت أساليبه الوحشية ورفضه تقديم الولاء لأيمن الظواهري، إلى قطيعة بين "داعش" و"القاعدة." ولكن انتصارات "داعش" الميدانية غيّرت من موازين القوى، وفي لهجة مستفزة لتنظيمي "جبهة النصرة" و"القاعدة" قال الشامي "لم يعترفا بالمرة بالدولة الإسلامية رغم أنّ أمريكا وفرنسا وبريطانيا اعترفت بوجودها فهل علينا أن نأخذ بمشورة أولئك الذين تخلوا عنا وخانونا وحرضوا علينا."
ويقول الباحث في مركز الدوحة من مؤسسة بروكينغز شارلز ليستر إن تداعيات الإعلان ستكون كونية لأنّه سيتعين الآن على الجماعات المرتبطة بالقاعدة والجهاديين المستقلين أن يقرروا ما إذا سيدعمون "الدولة الإسلامية وينضمون إليها أو سيعارضونها -- شارلز ليستر-باحث في مركز الدوحة من مؤسسة بروكينغز ."
وأضاف "رغم أنه الآن لا مناص أن أعضاء وأنصارا بارزين للقاعدة والجماعات المرتبطة بها سيسارعون إلى التنديد بالبغدادي إلا أن الأمر سيكون على المدى الطويل--شارلز ليستر-باحث في مركز الدوحة من مؤسسة بروكينغز ."
ودفع تراجع تنظيم القاعدة في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان، وموت زعيمه أسامة بن لادن وتشرذم أعضائه إلى تنظيمات خارجية شبه مستقلة بذاتها، إلى ظهور جيل جديد من الجهاديين يشعر بالحاجة إلى "موئل روحي" وساحة معركة. وهو ما توفره "داعش" كما أنها لها آلة دعائية مبهرة بفيديوهاتها ذات الجودة العالية وحضورها على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن شارلز ليستر يقول إنّ تنظيم القاعدة سيبقى محتفظا بدعم مهم وشيئا فشيئا سنكون إزاء جماعتين تحملان نفس الهدف والعقيدة الجهادية ومتنافستان ومختلفتان من حيث الأسلوب: "القاعدة" بتركيزها على العمل المحلي والتدرج في تحقيق النجاح و"الدولة الإسلامية بتسميتها التي اختارتها" أي "تنظيم داعش" وشغفه بتحقيق الانتصارات السريعة ورفضه أي منافسة."
لكن بالنسبة إلى الباحث الرئيس في "المركز من أجل الدراسات الدولية والاستراتيجية" آرام نرغيزيان فإنّ السؤال هو "كيف يمكنهم أن ينشئوا بنى حكم وإدارة لا تتعارض كليا مع التشكيل الاجتماعي لتلك المدن؟--آرام نرغيزيان-باحث في المركز من أجل الدراسات الاستراتيجية "
ونجحت "داعش" في ضمّ مئات وربما الآلاف من المقاتلين من مختلف الدول العربية وأوروبا، وربما سيتعين عليها إعادة تنظيمهم داخل قوة فعالة في مواجهة جيش عراقي يفوقهم عددا وعدة. كما أن أداء "داعش" مرتبط بالعشائر السنية القوية غرب وشمال بغداد باعتبارها تستضيفهم وتشاركهم في العمليات. وإذا اعتبرت تلك العشائر سلوكيات "داعش" قمعية وأن "الدولة الإسلامية" ستهمشهم فإنّ تسامحها مع التنظيم، على أساس توحيد الجهود ضدّ عدو مشترك، سيختفي بأسرع ما يمكن.