كيف يمكن الخروج بذكاء من المواجهة بين غزة وإسرائيل؟

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
كيف يمكن الخروج بذكاء من المواجهة بين غزة وإسرائيل؟
رجال فلسطينيون يتفقدون منزلهم بعد هدمه على إثر غارة جوية إسرائيلية لقطاع غزة في 15 يوليو/تموزCredit: THOMAS COEX/AFP/Getty Images

كاتب المقال: مايكل أوين، يترأس منصباً رفيعاً في مركز " Interdisciplinary" الدولي بمنطقة هرتسليا، جنوب تل أبيب، وعمل بمنصب سفير مقيم في المجلس الأطلسي، وكان سفيراً سابقاً لإسرائيل في أمريكا. (الآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر صاحبها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر CNN)

إن لاعبي كرة القاعدة المحترفين، يمكنهم أن يميزوا الحركات الأفضل للتفوق في اللعبة، وهكذا هو الحال أيضاً في الأزمات العالمية، إذ يمكنها أن توفر فرصاً رائعة، والصراع القائم الآن بين إسرائيل وقطاع غزة يمكنه ان يوفر احتمالات لتغيير قواعد اللعبة.

فخلال الستة أيام التي مضت، قام مسلحون من حماس ومن ميليشات مسلحة أخرى بإطلاق ما يقارب 800 صاروخاً على مدن وقرى إسرائيلية، وبالمقابل قام سلاح لجو الإسرائيلي بالقيام بـ 1200 غارة جوية ضد أهداف بحماس، ورغم تحذيرها المدنيين من هجمات محتملة، إلا أن جرحى مدنيين سقطوا على إثرها.

والآن، يقف الجيش الإسرائيلي مهيئاً للدخول إلى غزة واقتلاع حركة حماس بالقوة في قطاع غزة، ويتوقع بأن يحل دمار بليغ بالمدى ذاته الذي نشهده بالمواجهات بين الطرفين، إذ يتوقع أن يخرج الآلاف من منازلهم، وسيتراكم عدد الجرحى من المدنيين، ومع مواجهة جميع الإسرائيليين تقريباً للقصف لن تملك إلا خيار غزو القطاع.

 إن الحل الواضح يمكن أن يتمثل في وقف إطلاق النار الذي وجهته مصر من قبل عام 2008 و 2010 وساندتها فيهما الولايات المتحدة الأمريكية، مثل هذا الوقف لإطلاق النار يعمل ولكنه لن يستمر طويلاً، وتوقف غير مشروط لإطلاق النار بين الجانبين، يمكنه أن يساعد حركة حماس في إعادة التسلح لتعمل على إشعال فتيل الأزمة في الوقت الذي تراه مناسباً.

أما مصر فتركز الآن تحدياتها المحلية، وتحاول الابتعاد عن الخوض في الصراعات الإقليمية، كما أن السياسة الأمريكية الخارجية قد أضعفت بعد فشلها في عملية السلام، ومقاومة أمريكا التدخل في الحربين السورية والعراقية.

وليزيد الطين بلة، فإن الحكومة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي قد شهتد علاقات متوترة مع الحكومة الأمريكية التي قطبت حاجبيها بوصوله غير الديمقارطي للسلطة، وبمفهوم كرة الفاعدة، فإن الأزمة التي يشهدها قطاع غزة يشكل كرة سريعة يصعب دفعها بالمضرب.

ولكن وفي الوقت ذاته فإن التهديد الناجم عن كم الخطر الذي تحتويه المباشرة المواجهة بين الطرفين، هو بذاته ما يشكل الدفة الأساسية في توجيه الطرفين للوصول إلى حل للوضع، ومع وعود لبدايات جديدة مع واشنطن، فإن هنالك أمل بأن يعود المصريون مجدداً للتواسط بين حماس وإسرائيل، ويمكن لأمريكا أن تعود لدورها التقليدي بالقيادة، إذ يمكن الحصول على وقف لإطلاق النار والصواريخ بين الطرفين، لكنها ستكون الخطوة الأولى في مسرحية دبلوماسية متعددة الفصول.

المرحلة التالية لوقف إيقاف النار، ستشابه ما اتخذته أمريكا وروسيا من إجراءات للتخلص من الأسلحة الكيماوية في سوريا، إذ يمكن للمفتشين الأمريكيين أن يبحثوا عن مخازن الصواريخ لحركة حماس ونقلها بعداً ليتم تدميرها.

وفي الوقت ذاته سيحصل سكان قطاع غزة المساعدات الدولية التي يحتاجونها بعد الدمار الذي أوقعته الحرب، وتنمية اقتصادهم، الذي كان يترنح لسنوات عدة، وأخيراً وعند التخلص من الصواريخ، يمكن لإسرائيل أن ترفع الحصار عن القطاع، ويمكن أن تصبح حياة الفلسطينيين أسهل، وبالتالي ستفقد حماس أحد أهم أسبابها لمهاجمة إسرائيل.

كما أن هذه الأزمة يمكنها أن توفر فرصة لتقوية التيار المعتدل من الفلسطينيين، إذ يمكن لقوات شرطة موالين للضفة الغربية وللسلطة الفلسطينية أن تعمل على حراسة الحدود بين غزة وإسرائيل، وبشكل مماثل يمكن لهذه القوات أن تتوزع عند المعابر الحدودية بين غزة ومصر، والتي أغلقتها مصر من قبل وقد تنوي إعادة فتحها.

وبالشكل الأمثل، فإن السلطة الفلسطينية يمكنها أن تستبدل حماس بفرض سيطرتها على غزة، وهذا هدف يمكن تحقيقه بسرعة ودون اللجوء إلى العنف، بل يمكن أن ينجم عن هذا الوضع قوة أكثر استقرارً وأقل قابلية للانهيار.

وعند أخذ العامل العسكري، فإنه يمكن لغزة أن تتوقف عن كونها أساساً للصراع المستمر، باقتصاد قوي وبدور أوسع للفلسطينيين للمضي قدماً نحو عملية السلام، ويمكن لإدارة أوباما أن تتفاخر بدورها الدبلوماسي الناجح، ويمكن لمصر أن تعيد فرض قوتها في المنطقة، ويمكن لإسرائيل والسلطة الفلسطينية الوصول إلى قاعدة مشتركة يمكنهم فيها إعادة تقييم عملية السلام.

لا شك بأن كلاً من الفلسطينيين والإسرائيليين يواجهون بالفعل وضعاً معقداً وخطيراً، ولكن وكما يعرف كل لاعبي الكرة، بأنه وكلما زادت سرعة ضرب الكرة فإنها ستهرع بعيداً عن المضرب، ومع كل الألم والصدمة التي نجمت عن هذا الصراع، إلا أن الأزمة في قطاع غزة، يمكنها أن توفر لجميع الأحزاب في غزة، فرصة لضربة قوية، وقد ينجح فريقهم في الوصول إلى الهدف الذي يحلمون به.