لندن، بريطانيا (CNN) -- قال خبير بالقانون الدولي إن بوسع الفلسطينيين تقديم إسرائيل للمحاكمة الدولية بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" إذا قاموا بالتوقيع على اتفاقية المحكمة بصفتهم دولة، مضيفا أن التحقيق قد يطال الولايات المتحدة، التي تزود إسرائيل بالسلاح، ولكنه قد يطال الجانب الفلسطيني أيضا، الذي تتهمه إسرائيل باستهداف المدنيين.
فقد وجهت الأمم المتحدة أصابع الاتهام إلى إسرائيل في الهجوم الذي استهدف إحدى مدارسها، ولم تقدم إسرائيلي توضيحات مباشرة حول ذلك، ولكنها قالت إن العديد من الصواريخ التي أطلقتها حركتها حماس باتجاه إسرائيل أخطأت طريقها وسقطت داخل قطاع غزة، كما اتهمت الحركة بإطلاق النار من مناطق مكتظة بالسكان المدنيين.
وقد شددت وكالة الأونروا لللاجئين الفلسطينيين على أنها أرسلت إحداثيات المدرسة 17 مرة إلى إسرائيل من أجل ضمان سلامتها. وتقول إسرائيل من جانبها أنها توجه نيرانها بشكل دقيق، ولكن مع تزايد استخدام الأسلحة البرية، كالمدافع والدبابات، تتراجع دقة الأسلحة مقارنة بالصواريخ الذكية التي تطلقها الطائرات.
ويقول جيوفري نايس، أحد أبرز المدعين الدوليين بقضايا جرائم الحرب، والذي سبق له ملاحقة الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش، في مقابلة مع CNN: "بالطبع يمكن أن تواجه إسرائيل جرائم حرب. من الممكن للفلسطينيين الدفع بهم إلى القضاء الدولي إذا وقعوا على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية بصفتهم دولة."
وتابع نايس بالقول: "إذا وقع الفلسطينيون على الاتفاقية فسيتاح لهم رفع قضية أمام مدعي عام المحكمة، على أن ذلك قد يعني فتح الباب للتحقيق مع الفلسطينيين أيضا" وتنبع أهمية ملاحظة نايس من واقع أن إسرائيل تصر على وصف حركة حماس بأنها "منظمة إرهابية" تستدف المدنيين الإسرائيليين عبر صواريخها.
ولفت نيس إلى أن إسرائيل "قد يكون لديها حق الدفاع عن النفس، شرط أن تكون قد قدمت أدلة على أنها اتخذت الخطوات المناسبة لتجنب وقوع أضرار جانبية كبيرة" ولكنه شدد بالمقابل على أن المدنيين والأماكن المدنية مثل المدارس والمعابد الدينية محمية بموجب العديد من الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك معاهدة جنيف، ما يعرض أي طرف يستهدفها للملاحقة.
وتابع بالقول: "الأمر الجيد في هذه القضية – إذا ما كان هناك بالفعل شيء إيجابي يمكن أن ينجم عنها – هو أننا نتجه إلى مرحلة يرفض معها البشر حول العالم مرور ما يمكن أن تعتبر جرائم حرب دون ملاحقة الفاعل."
ويلفت نيس إلى أن العديد من الدول الكبرى، بما فيها أمريكا وروسيا والصين، إلى جانب إسرائيل، لم توقع بعد على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية، ما يجعلها نسبيا بمنأى عن الملاحقة، ولكن الأمور بدأت تتغير على هذا الصعيد، إذ في حالة السفينة "مرمرة" التي قتل على متنها عدد من الناشطين الأتراك عام 2010 خلال محاولتهم كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، نظرت المحكمة الجنائية بالقضية باعتبار السفينة مسجلة في جزر القمر الموقعة على المعاهدة.
وبحسب المحللين، فإن نقل القضية إلى القضاء الدولي قد يمس بالولايات المتحدة نفسها، إذ أنها المورّد الرئيسي للأسلحة إلى إسرائيل، وقد وافق الكونغرس قبل أيام على إمداد الجيش الإسرائيلي بكميات إضافية من الذخيرة والقذائف، ويشرح نايس قائلا: "إذا جرى التحقيق بالقضية، فقد يمتد إلى الدول التي قامت عن علم بتقديم الأسلحة، للتأكد ما إذا كانت تعلم بوجود إمكانية ارتكاب جرائم حرب بالأسلحة التي قدمتها."