عمليات إسرائيل في غزة تشعل غضب الشارع الأردني وتعيد مظاهر السلاح ودعوات الجهاد

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة
تقرير هديل غبون
عمليات إسرائيل في غزة تشعل غضب الشارع الأردني وتعيد مظاهر السلاح ودعوات الجهاد
مشاركون في مظاهرة لنصرة غزة في العاصمة الأردنية عمان يهتفون بشعارات لطرد السفير الأسرائيلي، الجمعة 1 أغسطس/ آب 2014 Credit: KHALIL MAZRAAWI/AFP/Getty Image

عمان، الأردن (CNN)-- شهدت العاصمة الأردنية عمان احتجاجات شعبية واسعة، الجمعة، على العمليات الاسرائيلية في قطاع غزة، تخللها مطالبات بفتح الحدود الأردنية للجهاد وإعلان إسقاط اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية "وادي عربة" ، فيما شهدت العاصمة، الخميس مسيرة هي الأولى من نوعها تبنتها قبيلة بني عبّاد الأردنية في موكب سيارات شارك به ملثمون محملون بالأسلحة

وخرجت الجمعة مسيرات عمت أرجاء محافظات الأردن، من بينها مسيرتان مركزيتان إحداهما انطلقت من مجمع النقابات المهنية في العاصمة، إلى مقر رئاسة الوزراء الأردنية، وشاركت بها قوى يسارية وقومية ، فيما خرجت مسيرة أخرى بالالاف من منطقة وسط البلد من أمام الجامع الحسيني دعت إليها جماعة الإخوان المسلمين . 

وعلق مصدر رسمي رفيع في الحكومة الأردنية الجمعة للموقع بشأن أي خطوات تصعيدية محتملة بالقول "إن أية "مداولات بخصوص التمثيل الدبلوماسي بين الأردن وإسرائيل يتم الإعلان عنها بحسب مقتضى الحال، وبحسب ما ترتأيه الجهات المعنية". 

مسيرة قبيلة بني عبّاد ثاني كبرى القبائل الأردنية في البلاد بعد قبيلة بني حسن، حفلت بها مواقع التواصل الاجتماعي لما حملته من مظاهر مسلحة في بدايتها، و اعتبرها مراقبون "محطة" للمراجعة السياسية الرسمية لايجب تجاوزها.

وقال ياسر المعادات أحد المشاركين في المسيرة، لـ CNN بالعربية، إنها مسيرة "عفوية من شباب القبيلة احتجاجا على الحرب الوحشية التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة"، فيما أكد أن المسيرة لم تتبناها " أي نخب سياسية أو شيوخ عشائر أو وجهاء للقبيلة."

وكانت "حي على الجهاد" و"مسيرة شباب عباد لنصرة غزة"  بعض العبارات التي كتبت على واجهات السيارات التي قدر عددها بالمائة بحسب المعادات،  لافتا إلى أن عائلات شاركت بالمسيرة التي خرجت من بلدية بدر الجديدة الواقعة إلى الغرب من العاصمة، عدا عن الهتافات التي دعت إلى فتح باب الجهاد إلى فلسطين. 

ولفتت الأنظار بروز بعض المظاهر المسلحة بشكل غير مسبوق في المسيرة، حيث حمل عدد من الشبان الملثمون "رشاشات" قدر عددها بأقل من عشرة قطع سلاح، وقاموا بإطلاق عدة رصاصات في الهواء مع بداية المسيرة، وهو ما أكده مصدر أمني أردني للموقع. 

وعن ذلك أوضح المعادات :" إطلاق الرصاص جاء في بداية المسيرة عند انطلاقها من منطقة بدر لتكون رسالة بأن مجاميع المشاركين مستعدون للجهاد ضد الاحتلال الاسرائيلي وبعدها تم التوافق على  مواصلة المسيرة  دون أية مظاهر مسلحة..كانت مجرد رسالة." 

من جانبه قال الأمين العام لحزب الشورى الأردني وأحد الداعين للمسيرة الدكتور فراس العبادي، إن المسيرة حملت رسالة بالدرجة الأولى "للعدو الاسرائيلي" وبأن هناك لحمة وطنية أردنية فلسطينية لا يمكن التشكيك بها. 

وقال :" بالطبع هناك رسالة للحكومة الأردنية لأن موقفها ضعيف جدا ومخز .. ظهور السلاح ليس غريبا على الساحة الأردنية خاصة في الأفراح بالنسبة لنا كعشائر، ولكننا أردنا أن نقول أننا مبتهجون بالشهداء ومستعدون للجهاد في فلسطين كعشائر قبل المخيمات ." 

وفي الإطار، رأى الكاتب والصحفي الأردني راكان السعايدة،  أن المسيرة تشكل "محطة غير مسبوقة " في أنماط الحراك الأردني الداخلي، خاصة من قبيلة تعتبر ثاني أكبلر القبائل الأردنية ، قائلا إنها حملت رسالة سياسية واضحة للنظام الأردني لإعادة النظر في سياساته المتعلقة بالقضايا العربية والوطنية.

وقال السعايدة لـ CNN بالعربية:"  قبيلة بني عباد تعتبر تاريخيا متماهية مع النظام السياسي، وما شاهدناه غير مسبوق ورسالة قوية من جيل شباب  داخل القبيلة يرفض الإملاءات العشائرية من النخب السياسية والشيوخ، ويقول إننا لسنا متماهين إلى أقصى الحدود مع النظام ...لقد درجت العادة أن يخرج أبناء بني عبّاد في مسيرات التأييد للنظام والحكومة ."

وفي هذا السياق، يحذر السعايدة من تجاوز مراكز القرار في البلاد من استقراء المسيرة ودلالاتها السياسية، وأردف بالقول :" الخطورة ان تتجاوز هذا الحدث، هناك رمزية مسلحة حملتها المسيرة في إشارة إلى الرغبة في الانخراط في المقاومة الفلسطينية، ما جرى وعي سياسي جديد في الوقت الذي نشهد فيه التباس في الموقف الرسمي نوعا ما من أحداث غزة ." 

لكن السعايدة عبر عن خشيته من استيعاب المسيرة رسميا باللجوء إلى العقلية الأمنية والملاحقات القضائية، بدلا من إعادة تقييم ما وصفه "بالرافعة الاجتماعية  الممتدة من عشرات السنين" التي تم التعامل بموجبها مع القبائل الأردنية. 

وعلمت الـ CNN بالعربية من مصدر أمني مسؤول،  أن ثلاثة من الشبان المسلحين الذين شاركوا في المسيرة سلموا أنفسهم طواعية إلى السلطات المحلية، حيث يجري التحقيق معهم على خلفية إطلاق الأعيرة النارية قبل انطلاق المسيرة. 

ونشر المعارض الأردني المهندس ليث شبيلات على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، رسالة إشادة بقبيلة بني عباد بمسيرتها، قائلا :" الله يحيي بني عباد ! لله دركم ذكرتمونا بأخلاق الأردنيين الأوائل. ايذبح إخوتنا وأخواتنا ونبقى كدكة الموتى لا تهتز لنا نخوة. قد رددتم الحياة لمجتمع يوشك أن يموت. لكم الأولى! لكم الأولى ! فمن ينافس على الثانية.؟ ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) صدق الله العظيم."

ولم تعلق اي جهات رسمية على المسيرة . 

ودبلوماسيا،  تكثف الحكومة الأردنية مشاورتها الداخلية بشأن تداعيات التصعيد الاسرائيلي في قطاع غزة بحسب ما أكدت مصدر رسمي للموقع، فيما ما تزال ملفات كاستدعاء السفير الاسرائيلي لدى المملكة محط بحث وتشاور  مستمرين . 

ودفع الأردن مجلس الأمن الدولي إلى إصدار بيان رئاسي بالاجماع بشأن غزة الاحد الماضي، تضمن دعوة موحدة لوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط لأغراض إنسانية، بهدف تقديم المساعدة اللازمة والعاجلة للأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، وتنفيذه بشكل كامل خلال فترة العيد وما بعدها، وكذلك دعم الجهود الرامية الى التوصل الى وقف دائم لإطلاق النار واحترامه بشكل كامل استنادا للمبادرة المصرية.

وأكدت مصادر حزبية أردنية للموقع التقت برئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور الأسبوع الماضي، أشارته إلى استبعاد اتخاذ إجراءات  دبلوماسية تصعيدية ضد اسرائيل في الوقت الراهن، مقابل تكثيف الجهود الدبلوماسية .