Almarai Open-Source Font Copyright 2018 Boutros International. (http://www.boutrosfonts.com) This Font Software is licensed under the SIL Open Font License, Version 1.1. This license is copied below, and is also available with a FAQ at: http://scripts.sil.org/OFL ----------------------------------------------------------- SIL OPEN FONT LICENSE Version 1.1 - 26 February 2007 ----------------------------------------------------------- PREAMBLE The goals of the Open Font License (OFL) are to stimulate worldwide development of collaborative font projects, to support the font creation efforts of academic and linguistic communities, and to provide a free and open framework in which fonts may be shared and improved in partnership with others. The OFL allows the licensed fonts to be used, studied, modified and redistributed freely as long as they are not sold by themselves. The fonts, including any derivative works, can be bundled, embedded, redistributed and/or sold with any software provided that any reserved names are not used by derivative works. The fonts and derivatives, however, cannot be released under any other type of license. The requirement for fonts to remain under this license does not apply to any document created using the fonts or their derivatives. DEFINITIONS "Font Software" refers to the set of files released by the Copyright Holder(s) under this license and clearly marked as such. This may include source files, build scripts and documentation. "Reserved Font Name" refers to any names specified as such after the copyright statement(s). "Original Version" refers to the collection of Font Software components as distributed by the Copyright Holder(s). "Modified Version" refers to any derivative made by adding to, deleting, or substituting -- in part or in whole -- any of the components of the Original Version, by changing formats or by porting the Font Software to a new environment. "Author" refers to any designer, engineer, programmer, technical writer or other person who contributed to the Font Software. PERMISSION & CONDITIONS Permission is hereby granted, free of charge, to any person obtaining a copy of the Font Software, to use, study, copy, merge, embed, modify, redistribute, and sell modified and unmodified copies of the Font Software, subject to the following conditions: 1) Neither the Font Software nor any of its individual components, in Original or Modified Versions, may be sold by itself. 2) Original or Modified Versions of the Font Software may be bundled, redistributed and/or sold with any software, provided that each copy contains the above copyright notice and this license. These can be included either as stand-alone text files, human-readable headers or in the appropriate machine-readable metadata fields within text or binary files as long as those fields can be easily viewed by the user. 3) No Modified Version of the Font Software may use the Reserved Font Name(s) unless explicit written permission is granted by the corresponding Copyright Holder. This restriction only applies to the primary font name as presented to the users. 4) The name(s) of the Copyright Holder(s) or the Author(s) of the Font Software shall not be used to promote, endorse or advertise any Modified Version, except to acknowledge the contribution(s) of the Copyright Holder(s) and the Author(s) or with their explicit written permission. 5) The Font Software, modified or unmodified, in part or in whole, must be distributed entirely under this license, and must not be distributed under any other license. The requirement for fonts to remain under this license does not apply to any document created using the Font Software. TERMINATION This license becomes null and void if any of the above conditions are not met. DISCLAIMER THE FONT SOFTWARE IS PROVIDED "AS IS", WITHOUT WARRANTY OF ANY KIND, EXPRESS OR IMPLIED, INCLUDING BUT NOT LIMITED TO ANY WARRANTIES OF MERCHANTABILITY, FITNESS FOR A PARTICULAR PURPOSE AND NONINFRINGEMENT OF COPYRIGHT, PATENT, TRADEMARK, OR OTHER RIGHT. IN NO EVENT SHALL THE COPYRIGHT HOLDER BE LIABLE FOR ANY CLAIM, DAMAGES OR OTHER LIABILITY, INCLUDING ANY GENERAL, SPECIAL, INDIRECT, INCIDENTAL, OR CONSEQUENTIAL DAMAGES, WHETHER IN AN ACTION OF CONTRACT, TORT OR OTHERWISE, ARISING FROM, OUT OF THE USE OR INABILITY TO USE THE FONT SOFTWARE OR FROM OTHER DEALINGS IN THE FONT SOFTWARE.جميل مطر يكتب.. "دول على أريكة طبيب نفسي" - CNN Arabic

جميل مطر يكتب.. "دول على أريكة طبيب نفسي"

الشرق الأوسط
نشر
10 دقائق قراءة
تقرير جميل مطر
جميل مطر يكتب.. "دول على أريكة طبيب نفسي"
طالبة مدرسية تسير بجانب رسم غرافيتي على حائط في أحد شزوارع قطاع غزة عام 2011Credit: MAHMUD HAMS/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم  جميل مطر، وهو ضمن مقالات ينشرها موقع CNN بالعربية بالتعاون مع صحيفة الشروق المصرية، كما أنه لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN .

قرأت تصريحا للورد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا عن أحداث غزة، فكان طبيعيا ومعتادا أن تثار مشاعر كثيرة في داخلي. أثيرت وتداخلت وكان أبرزها قرف وغضب ورغبة في شماتة ولو مسحة منها. ازداد القرف والغضب عندما قارنت ما صرح به وبخاصة رده على زعيم المعارضة إيد ميليباند بمواقف وتصريحات رؤساء حكومات في بوليفيا وفنزويلا والبرازيل والارجنتين وشيلي وغيرها. 

 لم يخفف من مشاعر القرف والغضب حقيقة مدوية وهي أن حكاما من العرب بل ربما أكثرهم، لم يتخذوا مواقف أفضل كثيرا من موقف اللورد كاميرون والسيد باراك أوباما والمسيو أولاند وهم من أبرز زعماء العالم الحر ومن دعاة احترام حقوق الإنسان وحماية النساء والأطفال في أوقات الأزمات والحروب. هؤلاء، ومعهم زعماء من العرب تعاملوا مع تطورات الحرب على شعب غزة، من واقع اعتقادهم أنها حرب تشنها إسرائيل على تنظيم سياسي يناصبهم ويناصبونه الخلاف وربما العداء. استطعت أن اتفهم المواقف الرسمية العربية التي تستند عادة إلى قاعدة عدم التمييز بين الحاكم والشعب، أو الحكومة والدولة والشعب. هم متخاصمون مع حكومة حماس وبالتالي شعوبهم متخاصمة مع شعب غزة.  بهذه البساطة تتحول انفعالات حاكم أو نخبة حاكمة إلى حالة كره عام وضغينة دائمة أو موسمية.  تفهمت بالألم الشديد المواقف الرسمية العربية من حرب غزة ولكني لم اتفهم إطلاقا مواقف كاميرون وأوباما وأولاند، دعاة الحرية والعدالة والتقدم.

لم يسأل حكام كثيرون أنفسهم عن ذنب شعب غزة حتى إن كرهوا حكومته وأرادوا لها الهزيمة. لم يفكروا طويلا لأنهم اصطنعوا الاعتقاد بأن شعب غزة توحد مع حكومته كما " توحدت" شعوبهم معهم. حرصوا حرصا متناهيا على أن يسارعوا بإعادة توجيه الانتقادات لسياساتهم لتصب كراهية متبادلة بين الشعوب، بعد أن يكون الإعلام الرديء قد نجح في تصوير الأخطاء التي يرتكبونها أوزارا تتحملها الشعوب.

اللورد كاميرون ليس استثناء. ولن يبرد من ثورة غضبي عليه ما أعلمه من أنه ومستقبل بلاده في حال لا يحسدان عليها. تذكرت مقالا في صحيفة أمريكية، نشر قبل شهر أو أكثر، يصف فيه كاتبه بريطانيا كمريض مستلق على أريكة في عيادة طبيب نفساني. الحالة مستعصية، كما يبدو على سمات المريض ورد فعل الطبيب، فالمريض يعاني من "أزمة هوية حادة"، تسببت في انهيار عصبي شديد.  ظهر أخطر عرض من أعراض هذه الحالة عندما أعلن أليكس سالموند، رئيس الحزب القومي الاسكتلندي، صاحب الأغلبية في البرلمان المحلي في عام 2011 عن نية حكومته إجراء استفتاء في عام 2014 للشعب الاسكتلندي على مشروع الانفصال عن المملكة المتحدة وإعلان استقلال اسكتلندا دولة أوروبية حرة.

كان للإعلان في وقتها دلالة، بل دلالات كثيرة مهمة، كما كان لتحديد تاريخ الاستفتاء سنة 2014 مغزى كبير. ففي هذا العام يحتفل الشعب الاسكتلندي بالذكرى السبعمائة لانتصار عسكري تحقق بقيادة البطل الاسكتلندي روبرت ذا بروس، على جيش إدوارد الثاني ملك إنجلترا. هكذا استمر العنصر القومي في العلاقة بين اسكتلندا وإنجلترا حيا وفاعلا لأكثر من سبعة قرون، وها هو الآن يقرر من جديد مصير المملكة المتحدة كدولة متعددة الكيانات. مرة أخرى نعيش تجربة شعب يحن إلى أمجاد قومية، يفضلها على نعم أخرى مادية ومعنوية.

لا شماتة. صحيح أن عددا متزايدا من دول العالم العربي يتعرض الآن لأزمات هوية متعددة، بل أن في كل دولة عربية شجرة أزمات أغلبها أزمات هوية.  صحيح أيضا أن أعراض بعض هذه الأزمات حرجة إلى درجة تهدد وجود دول. ليس سرا أن بعض هذه الدول   يتعرض لانهيارات عصبية متعاقبة وتشنجات هوية لا تنقطع. إلا أنه يبقى صحيحا أيضا أن الداء يتدهور بسرعة ليصير وباء، لا يميز بين دول نامية ودول متقدمة، أو بين شرق وغرب، أو بين شمال وجنوب.  هناك أزمات هوية، بعضها شديد التعقيد، وبعضها شديد الالتهاب، يكاد لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات. 

 من ناحية ثانية: لا شك عندي في أن الاستفتاء المزمع إجراؤه في اسكتلندا بعد حوالي 40 يوما، يؤكد في حد ذاته ودون انتظار لنتائجه، عمق أزمة الهوية في بريطانيا.  ولكن يخطئ من يعتقد أنه العارض الوحيد، إذ تواجه بريطانيا أزمة هوية في علاقتها بالاتحاد الأوروبي بدأت قبل انضمامها واستمرت خلال عضوية بريطانيا في الاتحاد ورفضها الانضمام إلى اتفاقية العملة الموحدة. والآن يضيف اللورد كاميرون تعقيدا إضافيا عندما يعلن عن نية حكومته إجراء استفتاء على استمرار عضوية بريطانيا إذا لم يلب الاتحاد شروط بريطانيا. أهم هذه الشروط ضرورة إبطاء مسيرة الوحدة الأوروبية ووقف القيود على سيادة وسلطات الدول الأعضاء لصالح سلطة المفوضية في بروكسل.

من ناحية ثالثة تعرضت مكانة بريطانيا الدولية للانحسار المتوالي مرة بعد مرة. بدأ الانحسار مع مطلع القرن العشرين والحرب العالمية الأولى، وعالجه ساسة بريطانيا بالاعتماد شبه المطلق على صعود الولايات المتحدة وقوتها ومكانتها. استطاعوا بناء علاقة خاصة بين الدولتين صمدت في وجه النازيين والفاشيين والشيوعيين على امتداد القرن العشرين. المهم في هذا التاريخ الوجيز لانحسار بريطانيا هو أن البريطانيين، ساسة وشعوبا، يشعرون الآن بأنهم يفقدون هذه العلاقة الخاصة التي أمنت لهم في الماضي مستقبلهم ونموهم الاقتصادي. كانت هذه العلاقة "الخاصة جدا" آخر ما تبقى لهم من التراث الامبريالي، إلى حد أن سياسيين بريطانيين لا يخفون قناعتهم أن الصين صارت أهم لأمريكا من بريطانيا كشريك في القيادة.

من ناحية رابعة، لم يقتصر السبب في أزمة الهوية المتفاقمة على صعود الروح القومية في اسكتلندا وويلز. تفاقمت الأزمة لأسباب عديدة مثل ظروف العولمة والتوجه المتصاعد نحو اليمين في سياسات حكومات المملكة المتحدة خلال الأربعين عاما الماضية، وهو التوجه المتناقض تاريخيا وسياسيا مع المزاج الليبرالي، واليساري أحيانا، للشعب الاسكتلندي. تفاقمت أيضا حين أصبح يعيش في بريطانيا البريطاني الأسود والبريطاني المسلم والبريطاني شرق الأوروبي والبريطاني الهندي.  تغيرت بريطانيا مكانة وعقيدة اجتماعية واقتصادية وتغيرت شكلا وسحنة ولونا.

لم تكن هذه التحولات غائبة عن النخبة البريطانية الحاكمة. حاولت هذه النخبة وبذلت جهودا كبيرة وتدخلت لإعادة توازن القوى الى المجتمع البريطاني من جهة وإلى القارة الأوروبية من جهة أخرى.  أصدرت قوانين حازمة للهجرة وامتنعت في حين أو آخر عن مسايرة السياسة الخارجية الأمريكية بحذافيرها، وحاولت الاحتفاظ لنفسها بهامش من حرية القرار في السياسة الدولية، بل راح كاميرون نفسه يدعو إلى إنعاش منظومة "القيم البريطانية" دون أن يعرف تماما ما يعنيه بالقيم البريطانية، تحدث مثلا عن "الماغنا كارتا" كوثيقة تاريخية تجسد هذه القيم، وعندما سئل عن معناها الحرفي اتضح انه لا يعرف. راحوا أيضا في لندن يبرزون دور رموز التاج البريطاني مثل الجيش بإشراكه في الاحتفالات القومية وإنعاش الذاكرات التاريخية عن الأمجاد القديمة وبخاصة الإمبراطورية.

لا شيء يؤكد أن الاسكتلنديين سوف يقررون يوم 18 سبتمبر/أيلول المقبل استقلالهم عن المملكة المتحدة، فالناس هناك مازالت حائرة تتنازعها عناصر العاطفة والمنطق. نصف سكان اسكتلندا يعتقدون أنهم سوف يكونون أسعد حالا إذا وقع الطلاق بينهم وبين التاج البريطاني. يعتقدون أيضا أنهم أقرب مزاجا ورفاهة من الشعوب الاسكندنافية منهم إلى شعب انجلترا وغيره من شعوب وسط وجنوب أوروبا. آخرون يعرفون عن ثقة أن الاتحاد الأوروبي لن يوافق على انضمامهم قبل مضى وقت طويل، ويدركون تماما ان أمريكا لن ترحب بانفصالهم وأن الصين رفضت تشجيعهم وألمانيا لا تريد للانفصال أن يقع. أتصور أن ألمانيا لا تتمنى أن ترى بريطانيا أضعف مما هي عليه الآن، فضعفها الحالي صار ملموسا ومؤثرا على نظام توازن القوى الأوروبي، وعلى موقع ألمانيا فيه ويحملها ما لا تريد أن تتحمله.

أكاد ألمس تفاصيل وثنايا أزمة الهوية البريطانية في أسوأ صورها في كل مرة اسمع فيها أو أرى السيد طوني بلير. ألمسها حين اسمعه مدافعا عن دوره في حرب العراق ومتبرئا من الأذى الأخلاقي المريع الذي لحق بسببه بمكانة بريطانيا في العالم.  وألمسها حين أراه متنقلا بين قصور العرب بدون أي سبب شريف أو مبرر منطقي. أتصوره أحيانا تجسيدا صاعقا لصورة التصقت بمخيلتنا العربية عن شخص رجل الاستعمار البريطاني الذي بفضله المتناغم مع فضل بعض قياداتنا العربية وصلنا إلى ما نحن فيه.