بقلم خبير شؤون الإرهاب لدى CNN بيتر بيرغن
(CNN)--خلال نهاية الأسبوع، أشارت التقارير إلى استخدام المليشيا الشيعية حزب الله، ومقرها لبنان، طائرات دون طيار لقصف بناية كانت جبهة النصرة تتخذها مقرا لها على الحدود اللبنانية-السورية.
ووفقا لوسائل إعلام إيرانية فإنّ طائرات دون طيار مزودة بالقنابل ومدعومة بقوات برية، قتلت 23 من مسلحي جبهة النصرة. وتعد إيران الراعي الرئيس لحزب الله وسبق لها أن أكدت على مدى السنوات الأخيرة نجاحها في تطوير هذا الطراز من الطائرات.
وتعدّ تلك العملية منعرجا فارقا في أساليب تنفيذ المنظمات الإرهابية لهجماتها على مستوى دولي. فهي المرة الأولى التي تستخدم فيها مجموعة وليس دولة طائرة دون طيار مقنبلة بنجاح في تنفيذ إحدى عملياتها، مما يجل على أنها قطعت خطوة مهمة في تجسير الهوة التكنولوجية بين دول عملاقة ومجموعات مسلحة مثل حزب الله.
فقد دشنت الولايات المتحدة سعيها لتطوير مثل هذا النوع من الطائرات شهورا فقط بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، والآن بعد 13 عاما، ها هي منظمة مقاتلة تبدو وكأنها بلغت نفس المكان.
وقبل أسابيع نشر تنظيم "داعش" السبت فيديو جديدا يظهر مسلحين وهم يتلون القرآن ويفحصون خريطة شمال سوريا وكذلك سلسلة انفجارات واشتباكات عنيفة. لكن ما يميّز الفيديو أنه عرض مقاطع تظهر عمليات مراقبة يعتقد أنه تمّ تصويرها بواسطة طائرة من دون طيّار.
وتضمن الفيديو الذي يستغرق 14 دقيقة مقاطع تم التقاطها من الجو تظهر مشاهد للقاعدة العسكرية السورية الثالثة والتسعين التي تقع قرب الرقة شمال البلاد، والتي كانت هدفا لهجوم مسلح في 7 أغسطس/آب، تم استخدام شاحنة قادها انتحاريون، والذي وردت مقاطع منه في نفس الفيديو.
وأرفق معد الفيديو اللقطات بتنويه مكتوب على الشاشة مفادها أنها أخذت بواسطة "بعدسة طائرة مسيرة لجيش الدولة الإسلامية." ويعني ذلك تطورا مهما جدا لأنّه، إذا تأكد ذلك، فإن تنظيم داعش بات يستخدم أكثر الأساليب تطورا وتعقيدا في مراقبة الأهداف وهو الأسلوب المعتمد حصرا من قبل الدول والذي تحول الآن إلى أسلوب يمكن العثور عليه لدى الجماعات الإرهابية.
وفي أبريل/نيسان، أعلنت إسرائيل أنها أسقطت طائرة بدون طيار على سواحل حيفا وأن حزب الله هو من كان يتحكم فيها. لكن التنظيم اللبناني الشيعي نفى ذلك غير أنه ادعى قبل ذلك بكونه وراء طائرة بدون طيار حلقت 35 ميلا فوق أجواء إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول.
كما لدى حركة "حماس" قدرات على هذا الصعيد. ففي 14 يوليو/تموز، أعلنت إسرائيل أنها اسقطت طائرة بدون طيار كانت موجهة من قبل "حماس" وأنها تحلق فوق أشدود جنوب البلاد، مشيرة بذلك إلى ما يرجح أنها المرة الأولى التي ترسل فيها الحركة طائرة غير مأهولة فوق الأراضي الإسرائيلية. ثم نشرت "حماس" فيديو على الانترنت أظهر طائرة أخرى بدون طيار تحمل أربعة قذائف صغيرة تحت أجنحتها، فوق ما يعتقد المحللون أنها أجواء إسرائيل.
ووفقا للحركة فإنّ كتائب القسام هي من طوّرت ثلاثة طرازات من الطائرة، واحدة لأغراض المراقبة والثانية يمكن تجهيزها بأسلحة أما الثالثة فيمكن تحويلها إلى "طائرة انتحارية" بتجهيزها بصاروخ ذاتي التوجيه. وعلى الفور أعلنت إسرائيل أنها دمّرت منشأة قالت إنّ الحركة كانت تستخدمها لصنع تلك الطائرات.
أما المسلحون الليبيون المعارضون للعقيد معمر القذافي، فقد بدأوا استخدام طائرات بدون طيار منذ صيف 2011 بعد أن اشتروا طائرة استكشاف من شركة كندية. واحتاجت المعارضة الليبية وقتها إلى أسلوب لمراقبة الطرق قبل إرسال المتمردين إلى المناطق التي كانت تحت سيطرة جنود القذافي وعثرت على خيارها في تلك الطائرة التي تتميز بكاميرا شديدة الثبات والتي يتراوح سعرها بين 100 و200 ألف دولار.
وحتى الساعة، لم تستخدم ثلاث دول طائرات بدون طيار في مهمات قتالية وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، لكن 80 دولة تملك مثل هذا الطراز ولكنها لم تدفع به في ساحات المعارك. ويظهر امتلاك الجماعات المسلحة سرعة انتشار هذه التكنولوجيا وحاجة المجتمع الدولي إلى التوصل لاتفاق يحكم ويضبط استخدامها سواء من قبل الدول أو "الفاعلين من غير الحكومات."
ويمكن استلهام الاتفاق من معاهدة جنيف، بحيث يمكن حظر استخدام مثل هذه الطائرات خارج مناطق النزاع المتعارف عليها لاستهداف إرهابيين. كما يمكن لهذه المعاهدة أن تساعد في حظر بيع ونقل تكنولوجيا الدرون المعقدة للناشطين غير الحكوميين مثل تنظيم "داعش."