بقلم أكشيا كومار
(أكشيا كومار هو محلل مختص بشؤون السودان وجنوب السودان في مشروع "إيناف". وما يرد في مقالة الرأي يعبر فقط عن آرائه ولا يعكس وجهة نظر CNN)
قبل عشر سنوات، كان وزير الخارجية الأمريكي وقتذاك كولين باول يعلن أنّ من يتحمل مجازر دارفور وقتها هما الحكومة وميلشيات الجنجويد.
والآن مازالت تلك المليشيات طليقة في دارفور بل إنها بمساعدة الحكومة السودانية، ربما هي أقوى مما كانت عليه سابقا. ولعل هذه الحقيقة التي تجعل من إعلان الأمم المتحدة في الآونة الأخيرة أنّ نزع أسلحة هذه المليشيات لم يعد موضعا ذا صلة بعمل بعثتها هناك، أمرا مثيرا للقلق، فتلك الجماعة شكّلت قبل 11 عاما العمود الفقري للقوات التي نفذت المجازر. بل إنّ ما خلصت إليه التقارير أنّ تلك المليشيات نفذت عددا من أفظع الجرائم ضد الإنسانية وهو ما يفرض على اللاجئين الدارفوريين التحصن بمخيماتهم مادام الجنجويد طلقاء وهو ما يمنع ضحاياهم من العودة إلى منازلهم.
ولمواجهة هذه الحقيقة، طلبت الأمم المتحدة من الحكومة السودانية اتخاذ إجراءات تكفل نزع سلاح تلك المليشيات ولكن لم يتم تحقيق الكثير في هذا المجال.
والشهر السابق، غيّرت الأمم المتحدة بعضا من صيغها المعتمدة في كتابة القرار المتعلق بتمديد مهمتها في المنطقة 10 شهور إضافية.
وقال البعض إنّ أي محاولة لنزع سلاح الجنجويد ستكون محكومة بالفشل لأنه، عمليا، يعني نزع سلاح القبائل العربية ذات النفوذ في دارفور.
وقال آخرون إنه من الصعب معرفة من هم "الجنجويد" أصلا، ولكن بصيغة قرارها الأخير، تكون الأمم المتحدة قد اعتبرت، عمليا، أن الجنجويد لم يعودوا يمثلون مسألة مثيرة للقلق. ولكن الوقائع على الأرض تؤكد العكس تماما.
فاليوم، مازالت تلك المجموعات التي نفذت تلك الجرائم، تعدّ تهديدا رئيسا للسلم الأهلي في دارفور. ورغم سنوات طويلة نفت فيها أي علاقة لها بالمقاتلين في دارفور، يرجح أنّ الحكومة السودانية، تحت شعار "قوات الدعم السريع" سمحت بعودة الكثير من أولئك المقاتلين الوحشيين إلى ساحة جرائمهم السابقة، ببزات وثياب جديدة وتجهيزات جديدة أيضا.
وخلال هذا العام، قالت التقارير إنّ قوات الدعم السريع انتشرت في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وتم اتهامها بارتكاب جرائم من ضمنها حرق مناطق مدنية وتسويتها بالأرض اغتصاب نساء وتهجير غير العرب من منازلهم.
وباختيار اسم جديد وإطار رسمي لتلك القوات، تكون الحكومة السودانية قد أقنعت مجلس الأمن بأنّ الدارفوريين لم يعودوا يعيشون تحت وطأة تهديد هجمات الجنجويد.
وفي تلك الأثناء، تبدو الأمم المتحدة مترددة حتى في استخدام عبارة "الجنجويد" وفقا للمتحدثة السابقة باسم عملياتها في المنطقة عائشة البصري التي أوضحت أنّه منذ نشر بعثتها عام 2008، لم يتم استخدام كلمة "جنجويد" سوى مرة يتيمة من ضمن 30 تقريرا أصدرتها الأمم المتحدة حول دارفور. وبإعلانها أنّ نزع أسلحة تلك الجماعات لم يعد موضوعا "ذا صلة" تكون الأمم المتحدة فعليا قد دعمت رأي الحكومة السودانية الذي يعتبر أنّ الوضع تحسّن في دارفور. وفي تلك الأثناء مازالت آلة القتل مستمرة--أكشيا كومار-محلل .