عزة سليمان تكتب عن .. الدين والأخلاق والتحرش

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة
عزة سليمان تكتب عن .. الدين والأخلاق والتحرش
سيدتان من الشرطة النسائية المصرية تراقبان مظاهرة نسائية ضد التحرش في القاهرة 14 يونيو/ حزيران 2014Credit: NAMEER GALAL/AFP/Getty Images

هذا المقال، للكاتبة عزة سليمان المحامية ورئيسة مجلس أمناء قضايا المرأة المصرية، وهو يعبر عن رأيها، ولا يعبر بالضرورة عن رأي الشبكة.

(CNN)-- هكذا صدمتني صديقتي الأجنبية والتي تدرس الدكتوراه في جامعة بلندن بجملتها "لا دين ولا أخلاق لكم" عندما زارت مصر في شهر مارس/آذار الماضي، حيث أنها تعرضت لتحرش جنسي بذئ لم تتعرض ولم تتخيل أن هذا يحدث لها في دولة مثل مصر. حيث أنها أخبرتني أن المصريين يتحدثون كثيرا عن الأخلاق والدين وهم بعيدون عنها كل البعد.

وتساءلت وكانت ملامح وجهها تنم عن اشمئزاز واستياء شديدين أن رجال الدين في مصر يرفعون لواء الدفاع عن القيم، والأخلاق فلماذا لم يحققوا هذا الهدف البسيط وهو منع التحرش بالفتيات والنساء في مصر؟ وعجزت عن الإجابة علي تساؤلاتها المشروعة.

وبدأت التأمُل في معالم الخطاب الديني لدينا، حيث أننا نجد بعض رجال الدين في المساجد وفي الكنائس يتحدثون عن المرأة، أنها الأم والأخت والزوجة والحبيبة، وأنه يجب رعايتها والمحافظة عليها، وحقيقة الأمر أن هذا الخطاب لم يعزز من كرامتها وإنسانيتها، حيث أن صدى هذا الخطاب لدي المتلقين، هو أن المرأة عاجزة عن حماية نفسها، وأنه يجب أن يعين عليها قيم وحارس لرعاية شئونها. وهذا أمر عار تماما عن الصحة لأن المرأة والفتاة هن من خرجن دعما لثورة يناير، وهن من خلعن المخلوع وعزلن المعزول، بل وهن من اصطففن في الصفوف  وأقررن الدستور. وطوال هذا كانت محل تفاخر من كل الموسسات بما فيها المؤسسة الدينية.

أما البعض الآخر من رجال الدين فهم يصدرون خطابا ينال من كرامة النساء، ويضعها في مرتبة أقل من الرجال، ويدعي أن سبب التحرش هو الفتاة أو المرأة نفسها، بإدعاء كاذب أن ملابسها هي السبب، أو شكلها أو حركاتها، ويعطي لنفسه الحق في التفتيش في نواياها، والتدخل في حياتها، بل وفي طريقة ارتدائها للملابس أو طريقة مشيها.

ولم نجد في كل هؤلاء من يتمتع بإنسانية حقيقية أو الحد الأدني من الأخلاق، ليدافع عن المناضلات اللاتي تعرضن للتحرش على سلالم نقابة الصحفيين إبان حكم المخلوع، أو تعرضن للضرب والسحل في ميدان التحرير" ست البنات" إبان حكم المجلس العسكري، وكشوف العذرية اللاتي تعرضن لها أثناء الثورة المجيدة، أو الضرب أمام الاتحادية أثناء حكم المعزول، أو التحرش بالمعتقلات في السجون والمعتقلات حاليا.

وخلال هذا العام، والعام الماضي،  خرج علينا اثنان من رجال الدين الإسلامي  والمسيحي، المشهور عنهما أراءهما المثيرة للجدل. فالأول يشير إلى أن أسباب التحرش الجنسي هي شيوع التبرج وتركهم للحجاب.

 رغم أن الكثيرات جدا من المتحرش بهن مرتديات للحجاب بل والنقاب. وكان هذا التصريح منه بمثابة إشارة بالضوء الأخضر للمتحرشين باستباحة التحرش بالفتيات والنساء غير المرتديات للحجاب.

أما الأخر فقد طالب الفتيات المسيحيات بالاقتداء بملابس المسلمات والارتداء من لباس الحشمة.

والحقيقة أن جميع هؤلاء الدعاة لم يتجرؤوا عن الإفصاح عن السبب الحقيقي للتحرش، وهو غياب الأمن، وتهاون رجال الأمن في أداء واجبهم بحماية المواطنات والمواطنين، من جميع الانتهاكات والاعتداءات التي تحدث لهم .

وكذلك لم يتجرؤوا علي مسائلة رجال الشرطة والأمن عن الانتهاكات التي حدثت للنساء ومازالت تحدث علي أيديهم. ولم يتجرؤوا علي مسائلة المسئولين في الدولة عن غياب استراتيجيات وخطط واضحة لمناهضة العنف ضد النساء.

وهنا يجب أن أذكر ما كتبه أستاذنا الدكتور نصر أبو زيد في كتابه، دوائر الخوف قراءة في خطاب المرأة: "هل نحن إزاء خطاب ديني؟ مغالطة أن نقول ذلك، بل نحن إزاء تخلف قد يتوسل لغة الدين أو لغة السياسة أو لغة الاجتماع والاقتصاد، لكن في الحقيقة خطاب تخلف يكرس أزمة بقدر ما يعكسها، وهو ليس خطاب تخلف فقط ، ولكنه خطاب إرهابي معتد، يمارس ضد المرأة كل صنوف الاعتداء التي وجدناها في حادث فتاة العتبة والمعادي" . وأنا أذكركم  بفتيات ونساء التحرير ومجلس الوزراء.

صوت المرأة ثورة

هذا المقال كتبته المحامية ورئيسة مجلس أمناء قضايا المرأة المصرية، عزة سليمان، وهو يعبر عن رأيها ولا يعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.