لندن، بريطانيا (CNN) -- قال الجنرال ديفيد ريتشاردز، القائد السابق للقوات المسلحة البريطانية، إن الضربات الجوية ضد تنظيم داعش لا يمكن لها حسم الحرب معه، مشددا على وجوب أن تشارك وحدات عسكرية غربية بالمعركة البرية لدعم القوى التي ستقاتله على الأرض، وانتقد عن سبب تشديد تركيا على الشروط السياسية للتدخل عسكريا، متسائلا بسخرية عن سبب عدم استخدام وسائل "المكر" التقليدية.
وردا على سؤال حول رأيه بموقف الأمريكيين الذين أكدوا أنهم لن يتدخلوا لمنع سقوط مدينة كوباني باعتبار أن ذلك ليس "مشكلة استراتيجية" لهم قال ريتشاردز: "أظن أن لديهم وجهة نظر محقة، وربما يكون الأوان قد فات لإنقاذ المدينة فأنا لست متأكدا مما يجري على الأرض، ولكن تكتيكيا الأمر تجاوز القدرة على تغيير الأحداث."
وأضاف: "أنا أشعر بالأسف حيال المدنيين في كوباني، ولكنها قضية منفصلة والأهم هو كيفية معالجة الملف برمته."
وحول التداعيات السياسية والنفسية التي قد تصيب معسكر القوى المناهضة لداعش بحال سقوط المدينة وتمكن التنظيم من توسيع مناطق نفوذه قال ريتشاردز: "الحرب النفسية تلعب دورا كبيرا في تحديد الفوز والخسارة بالحروب، ولكنني أتمسك بوجهة نظري بأن الأمريكيين محقون بالقول بأن القضية ليست استراتيجية لأن بوسعنا لاحقا استرداد كوباني بالوسائل المناسبة."
وشدد ريتشاردز على استحالة تحقيق النصر الكامل على داعش عبر الضربات الجوية وحدها قائلا: "قوانين الحرب واضحة ومعروفة، وقد قلتها سابقا وقالها أيضا الجنرال مارتن ديمبسي، قائد الأركان الأمريكية. لا يمكن الفوز بالحرب عبر الضربات الجوية وحدها، وهذا أمر بالغ الأهمية إذ لا يمكن لطيار في طائرته السيطرة على الأرض والاحتفاظ بها، لا بد للقوات البرية أن تفعل ذلك."
وعن هوية القوات التي قد تقاتل على الأرض في ظل رفض أمريكا وبريطانيا والدول العربية نشر قوات برية رد ريتشاردز قائلا: "هذا هو السؤال المهم، وبالطبع الأمر يعتمد على الوقت المتوفر أمامنا، فما يقلقني هو أن بوسعنا تشكيل جيش ما ودفعه إلى مهاجمة المسلحين ولكن إنجاز كامل المهمة سيكون أكثر تعقيدا، وأظن أن الأمر سيستغرق وقتا طويلا، وربما يمكننا اختصار ذلك الوقت إذا دعمنا ذلك الجيش بوحدات عسكرية غربية أو وحدات من دول أخرى، وهذا ما أفضله."
وأكد ريتشاردز وجهة نظره حول وجود دور لا بد للقوات البرية الغربية أن تلعبه قائلا: "لا أقول أن علينا أن نتقدم الصفوف، ولكن يجب أن نشارك على نحو واسع بالأمور اللوجستية التي عادة ما تصنع الفارق بين الجيوش النظامية والقوات المشكلة من هواة، فالقدرة على مواصلة القتال أمر بالغ الأهمية وعلينا تنظيم مسألة القيادة والسيطرة والتأكد من فعالية الضربات الجوية، وقد يعني ذلك نشر بعض وحدات القوات الخاصة."
واستغرب ريتشاردز حديث رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، بوضوح عن رغبة بلاده بقيام منطقة حظر جوي فوق الحدود مع سوريا وإزاحة نظام الأسد كي تقبل المشاركة بالعملية العسكرية ضد داعش قائلا:" من وجهة نظر عسكرية فهذه شروط سياسية، وأنا أتساءل عن مدى صحة كشف هذه النوايا بشكل علني إذ هناك دائما وسائل ماكرة يمكن اللجوء إليها."
وتابع بالقول: "وجهة نظري حول القضية أن تركيا ستزيد الموقف تعقيدا إذا ربطت بين التدخل لمنع سقوط كوباني بعملية عسكرية ضد قوات الرئيس بشار الأسد. أنا لست رجلا سياسيا ولكن ما يعنيني هو أنه على الأقل في هذه المرحلة نحن لا نريد من الأسد أن يتسبب بمشاكل لنا، ولو أنني كنت مازلت بمنصبي العسكري وطلب مني رئيس الوزراء البريطاني المشورة لنصحته بالتروي."
وحول سبب مطالبته بالتروي حيال الدخول في مواجهة مع نظام الأسد مع أنه كان قد تقدم شخصيا باستراتيجية للإطاحة بالرئيس السوري من منصبه قال ريتشاردز: "لقد حصلت الكثير من الأمور منذ ذلك الوقت، ولكن يمكن تعديل الاستراتيجية لاستخدامها ضد داعش عبر تشكيل جيش من مائة ألف رجل وتوفير الشروط السياسية المرافقة لذلك بما في ذلك ضم القبائل السنية إلينا."
ولفت ريتشاردز إلى إمكانية وتوفير حملة دعائية كبيرة لهذا الجيش وما يقوم به على الأرض من حماية للسكان والمنشآت ومن ثم التلاعب بعقول جنود وضباط جيش الأسد "كي يدركوا أنهم سيتعرضون للهزيمة" ولكنه رأى أن العائق الأكبر يتمثل في مسألة الوقت، إذ أن الخطة قدمت عام 2012، وكان الوقت متاحا آنذاك لتنفيذها، خاصة وأن تنظيم داعش لم يكن بالقوة التي هو عليها اليوم.