القدس (CNN) -- موجة من الهجمات ضد يهود في القدس على خلفية التصعيد الأخيرة الذي شهده الحرم القدسي بالمدينة، هذه الموجة دفعت البعض إلى إطلاق وصف "انتفاضة السيارات" عليها.
وفي عمليتين من هذا النوع، سُجل سقوط أربعة قتلى، بينهم طفل رضيع في الشهر الثالث من عمره، إلى جانب عدد من الجرحى، وفي الحالتين السابقتين، كان المسؤول سائقا فلسطيني الأصل من القدس الشرقية عمد إلى قيادة سيارته باتجاه مجموعة من المشاة عند محطة للقطارات.
وقد سارعت حركة حماس إلى التعليق على العمليتين والإشادة بهما، كما تحولتا إلى مادة للتعليق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ ظهرت رسوم كاريكاتورية تبدو فيها السيارات وكأنها مسدسات، إلى جانب صورة أخرى تظهر فيها السيارات وكأنها براميل متفجرة وقد كتب تحتها "انتفض وقاوم.. ولو بسيارتك."
وأظهرت صور أخرى سيارة تحمل العلم الفلسطيني وهو تدهس مجموعة يحمل أفرادها على ظهورهم رسم النجمة اليهودية، كما ظهرت صورة أخرى لسيارة مرسومة على شكل سمكة قرش وهي تتحضر لافتراس ضحاياها.
أما على موقع فيسبوك فبرزت حملة رددها أكثر من مستخدم جاء فيها: "نحن في فلسطيني أتينا للعالم بانتفاضة الحجارة، واليوم نأتيه بانتفاضة الدهس."
ليس هناك من قبة حديدية ضد السيارات
لقد أثارت موجة الهجمات هذه ردود فعل غريزية عند البعض، فقد قال الرئيس السابق للشرطة الإسرائيلية في القدس، أريا أميت، لصحيفة "أروتس شيفا" إن إسرائيل اليوم "تدفع ثمن غياب السياسات والتخطيط" مضيفا أن الناس في القدس "يكادون يموتون من الخوف" إذ عادت إليهم ذكريات العمليات الانتحارية.
من جانبه، قال وزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، زعيم حزب "البيت اليهودي": "ليس هناك من قبة حديدية قادرة على مقاومة السيارات ولا يمكن لليهود العيش دون سيادة على عاصمتهم" كما انتقد نشر العوائق الاسمنتية قرب مواقف القطارات والحافلات معتبرا أنها "مهينة" مضيفا: "الحل ليس بالقبة الحديدية.. بل بالقبضة الحديدية.
وفي الواقع فإن عمليتين فحسب هما أقل من أن يوصفا بأنهما "انتفاضة جديدة"، رغم ارتفاع حدة التوتر في المدينة بسبب الأماكن الدينية التي يطلق عليها اليهود اسم "جبل الهيكل" في حين يسميها العرب "الحرم القدسي الشريف."
سلاح اليأس
هذه الهجمات بالسيارات تبدو وكأنها ناجمة عن اليأس، وهي لا تعبر إلا عن غياب الحل السياسي وكذلك غياب الأشكال المنظمة من المقاومة، فالانتفاضة السابقة كان لديها قيادة موحدة وشكل من أشكال التنظيم والدعم الجماعي.
السلطة الوطنية الفلسطينية تحركت سياسيا ضد الإجراءات الإسرائيلية في القدس، وبينها توسيع المستوطنات، ولكنها لم تُظهر إشارات يُفهم منها رغبتها بأن تقود هذه التحركات الاحتجاجية على الأرض، ويقول الباحث ريكاردو فابيانو، إن النخبة في الضفة الغربية "أقل تشددا في وجهات نظرها، خاصة وأن لديها الكثير من المصالح الاقتصادية التي ترغب بالحفاظ عليها."
ويضيف فابيانو أن السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها محمود عباس سيكون لديهما أيضا رغبة باحتواء المخاطر الناجمة عن انتشار واسع النطاق للصدامات خشية أن تستغلها حركة حماس لإشاعة الفوضى في الضفة وتعزيز نفوذها فيها.
الصدامات الواسعة التي جرت حول الحرم القدسي خلال الأيام الماضية شهدت الكثير من العنف وإطلاق الأعيرة المطاطية وقنابل الغاز والحجارة، ولكن لم تقع فيها حتى الآن خسائر بشرية، ويبدو أن لدى إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية الرغبة بإلقاء الأمور على هذا النحو لأن الصدامات حول الموقع المقدس قد تفجر صراعا أكثر دموية من "انتفاضة السيارات."