سمير عليش يكتب لـ CNN: ملكية الوطن للجميع دون إقصاء

الشرق الأوسط
نشر
9 دقائق قراءة
سمير عليش يكتب لـ CNN: ملكية الوطن للجميع دون إقصاء
Credit: Peter Macdiarmid/Getty Images

هذا المقال بقلم سمير عليش، أمين عام المركز الوطني لمساندة المنظمات الأهلية في مصر، وهو ضمن مقالات ينشرها موقع CNN بالعربية بالتعاون مع صحيفة الشروق المصرية، كما أنه لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN .

الآن يخطو السيد/الرئيس، لإنجاز انتخاب مجلس النواب كآخر مراحل خريطة الطريق التي أعلنها سيادته في 4 يوليو 2013، نحو تحقيق شعارات (الملحمة الثورية) "الحرية / العدالة / الكرامة / العيش" والتي انطلقت أساساً بسواعد وتضحيات الشباب في 25 يناير2011، 30 يونيو2013 وحتى تاريخه... لإسقاط نظم الحكم الديكتاتورية التي لا تلتزم بالدستور وتتحكم في مصير الوطن وموارده بانتخابات نيابية ومحلية "مزورة/موجهة"، عبر قوانين ولوائح يتم صياغتها لخدمة مصالح فئة محددة من الشعب.

***

ومازلت على يقيني بقدرة الملحمة الثورية من الاستمرار حتى تتحقق كافة شعاراتها، رغماً عن تحديات ضخمة متمثلة (من وجهة نظري) فيما يلي:

•       الانعكاسات السلبية لإخفاقات "السلطة والمعارضة"، المجلس العسكري والتيار السياسي الإسلامي والتيارات السياسية "العلمانية/القومية" في اتخاذ القرارات الرشيدة لتأمين التحول الديمقراطي، بسبب الصراع على السلطة وتجفيف الحياة السياسية والمدنية لمدة ستون سنة وتجريف الكفاءات خلال الثلاثون سنة الأخيرة فضلا عن العوامل الخارجية وغيرها، والأمثلة متعددة لتلك القرارات منها:

          - قبول المجلس العسكري لتنازل الرئيس مبارك عن سلطته إليه، بدلاً من اضطلاع رئيس المحكمة الدستورية بذلك وفقاً لدستور 1971.

          - الإعلان الدستوري الذى تم الاستفتاء عليه ثم قرار التلاعب في تنفيذه.

-         إجراء الانتخابات النيابية/ قبل التوافق على دستور جديد والاضطلاع بحمله ناجحة للتوعية بالثقافة الديمقراطية.

-        إرجاء صياغة قانون العدالة الانتقالية.

-       عدم الالتجاء الى الصوت الانتخابي عبر إجراء استفتاء شعبي لإصلاح المسار الديمقراطي .الوليد/العليل" عندما تعالت الأصوات الاحتجاجية على الرئيس مرسي.

-       إرجاء "إعداد/تنفيذ" خطة عاجلة لتوفير "الحرية والخبز" عبر إصلاح مفاصل الدولة الفاسدة والمترهلة على كافة المستويات والقطاعات (الأمنية/القضائية/الثقافية/الخدمية /المدنية/ الإنتاجية.)

       * "أفعال وإعلام" قوى الثورة المضادة "التقليدية والإرهابية" "المحلية والإقليمية والعالمية" التي تستهدف من جهة، تشويه سمعة ايقونات وشهداء الملحمة الثورية بعد أن تم رفع اليد العسكرية لتحيتهم على التلفزيون والإشادة العالمية بسلمية وإصرار وسلوكيات المصريين في التحرير، ومن جهة أخرى إعادة عقارب الساعة للمسارات المنطلقة من مفاهيم سقط زمانها وأثبتت عدم صلاحيتها في واقعنا المصري على مدى عقود قبل 25 يناير وما بعدها وحتى تاريخه.

      * اليأس والإحباط والتمزق والتخوف والاغتراب بين جموع المواطنين وخاصة الشباب، من جهة لغياب أملهم حتى في ملامستهم لخطوات جادة نحو تحقيق العدالة "الاجتماعية والانتقالية والجنائية"، ومن جهة أخرى للنتائج الكارثية لقانون التظاهر الذى صادر صك من صكوك ملكيتهم للوطن متمثلاً في حق استخدام أصواتهم الاحتجاجية السلمية.

      * الارتداد والارتباك في اصطفاف المثقفين والحقوقيين والسياسيين بين الذين تمسكوا على مدى سنوات بإسقاط خيار "الخبز والأمن" أو "الحرية". وللأسف تماهى البعض منهم مع مقولة التصدي للإرهاب وحماية الأمن القومي وتوفير الخبز، يبرر عدم التصدي للفساد والإهمال والتسيب، والتضحية بالحرية وحقوق الإنسان التي كافحوا من أجلها على مدار سنوات فرادى وجماعات.

      * التباين في صفوف المهتمين بالشأن العام والمثقفين والمعارضة السياسية على مختلف توجهاتها والذين سبق أن توافقوا قبل 25 يناير 2011 على مشروع قانون لمباشرة الحقوق السياسية ينادى بالقوائم النسبية في كل الدوائر مستهدفاً بذلك: تعزيز المنافسة الحزبية ومشاركة النساء والشباب والحكماء والمثقفين ممن يطلق عليهم "أغنياء المعرفة وفقراء المادة"،... والابتعاد عن مفهوم نائب الخدمات أو العصبيات أو الأموال أو الايدولوجيات الدينية.

***

وبالرغم من كل ما سبق فإن السبب وراء يقيني من استمرار تلك "الملحمة الثورية" حتى تحقق كامل أهدافها، هو تمسك المواطنين الفاعلين وخاصة الشباب منهم، بالنضال دفاعاً عن صكوك ملكيتهم للوطن التي استردوها في 11 فبراير 2011 (بعد عقود اعتبرتهم النظم الديكتاتورية مواطنين "بدون") والمتمثلة في حقوقهم لاستخدام أصواتهم "الانتخابية والاحتجاجية" بحرية وشفافية لإدارة شئون الوطن، عبر الاستفتاء على الدستور وانتخاب الرئيس والمجالس النيابية والمحلية ومراقبة أعمالهم.

وخير دليل على فاعلية استخدام صكوك ملكية الوطن (الاحتجاجية/الانتخابية) هو تبوء المجلس العسكري ثم الرؤساء مرسى والسيسى مقاليد حكم البلاد.

***

ومن هذا المنطلق كان الاهتمام المتزايد من قبل المواطنين ومنظماتهم السياسية والمدنية بانتخابات مجلس النواب القادمة لصلاحياته الواسعة وفقاً لدستور 2014 ، ثم لتأثيراتها البالغة على مستقبل القوى السياسية ومشاركة الشباب لإصلاح وبناء الدولة الديمقراطية الحديثة (الأهداف التي حددها السيد/ الرئيس للمؤتمر) . فالمنتظر ان يضطلع هذا المجلس بصياغة القوانين والسياسات ذات العلاقة بقضايا "العدالة الاجتماعية والانتقالية" والمفوضية العامة للانتخابات، المجتمع المدني/ التماسك الوطني/ الحريات/ الطلاب/ الإرهاب/ العمال/ سيناء/ النوبة/ التنمية/ السكان/ العلاقات الخارجية... الخ. ولذلك تصاعدت التصريحات الإعلامية وتعددت الاجتماعات واللقاءات الحزبية والمدنية التي عكست الكثير من المخاوف والتطلعات، بين المواطنين الفاعلين وخاصة الشباب وجموع المثقفين والتكتلات الحزبية المعارضة، وبين السلطة ومعاونيها ومناصريها، بشأن قانون مباشرة الحقوق السياسية الذى صدر (في ظني) " بليل". وإنني اتفق مع الزاعمين بأن هذا القانون معطل لمستقبل القوى السياسية ومشاركة الشباب نحو إصلاح وبناء الدولة الحديثة. وللأسف إذا لم يجد جديد، فإن قانون تقسيم الدوائر سيتم صياغته بنفس الأفكار التي أدارت الانتخابات منذ عشرات السنين.

وانطلاقا من دعوة الرئيس الى جريدة الشروق لعقد "مؤتمر الحوار" أتصور أهمية التحاور، بين كافة القوى السياسية الفاعلة وبينها وبين السلطة ، حول قضية الانتخابات القادمة لمجلس الشعب لتعزيز ملكية الوطن للجميع دون إقصاء عبر التطبيق العملي للديمقراطية (على الأقل بشقها الإجرائي)، وفقا لدستور 2014 ، والمعايير الدولية الحاكمة للانتخابات السليمة والنزيهة. وفيما يلى بعض المحاور المقترحة التي يمكن تضمينها في ورقة خلفية للحوار حول تلك القضية.

       "اصدار/ تعديل" القوانين واللوائح المتعلقة بالتنظيم المناسب لإدارة وحماية ومراقبة الانتخابات في اللجنة العليا واللجان الفرعية واللجان الانتخابية متضمنة ما يلى:-

أ‌.       إعادة النظر في عدد الدوائر الفردية والقوائم النسبية مما يؤدى الى تأمين أفضل تمثيل ومشاركة للمواطنين وخاصة الشباب بدون تمييز أو تحيز لتجمعات مصالح الفساد والاستبداد والعصبيات،

ب‌.     تحديد الدوائر الانتخابية عبر استخدام قواعد هندسة النظم والنماذج الرياضية ووسائل تكنولوجيا المعلومات الممكنة وعدم تركها للأحكام الشخصية.

ج‌.     العمل على تلافى المميزات التي افتقدتها الانتخابات البرلمانية السابقة "طباعة وتسليم الأوراق الانتخابية، اختيار القوى البشرية، اساليب الفرز، الدعاية وميزانياتها....إلخ.

       إصدار/تعديل القوانين واللوائح ذات العلاقة بحماية الحقوق الأساسية للمواطن وفق المعايير الدولية لإجراء انتخابات سليمة ونزيهة من أهمها "التجمع السلمى بمعنى تعديل قانون التظاهر مع التخلص من آثاره الكارثية، حرية التعبير وتداول المعرفة والمعلومات، حرية العمل المدني، حرية مناقشة الشأن العام  في الجامعات.

***

وأنهي كلماتي بأن أتضرع الى الله أن يسفر هذا المؤتمر عن تعزيز إحساس المواطنين بملكية الوطن. عبر إعداد قوانين لانتخابات مجلس النواب تساهم في فتح الأفاق لمستقبل أفضل للقوى السياسية, ومشاركة الشباب في إصلاح وبناء الدولة الحديثة رغما عن التحديات الضخمة السابق الإشارة إليها.