مقال كتبه خصيصا لـCNN محلل شؤون الأمن القومي الأمريكي، بيتر بيرغن، نائب رئيس "مؤسسة أمريكا الجديدة" للأبحاث والأستاذ بجامعة أريزونا ومؤلف كتاب "الملاحقة: عشر سنوات من البحث عن بن لادن. المقال يحمل أيضا مساهمات من إيميلي شنايدر، الباحثة المساعدة في "مؤسسة أمريكا الجديدة" وهو لا يعبر بالضرورة عن رأي CNN.
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- القصص المتلاحقة حول تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ركزت على قضايا كثيرة، بينها أساليبه الوحشية ووجود الآلاف من المقاتلين الأجانب في صفوفه وجهازه الدعائي القوي والناشط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن المحللين أغفلوا إيلاء الاهتمام الضروري بجانب بالغ الأهمية، وهو النفوذ المتعاظم والتأثير الكبير للتنظيم في العالم الإسلامي، وليس هناك دليل أفضل على هذا الأمر من مسارعة العديد من الجماعات الإسلامية المسلحة لإعلان مبايعتها له.
فخلال الأشهر الستة الماضية تمكن التنظيم من وضع قرابة 12 جماعة مسلحة تحت جناحه، وأعلنت حركات مسلحة من الجزائر إلى باكستان مبايعتها له، في حين أن تنظيم القاعدة، المتزعم السابق للحركات الجهادية، استغرق عشر سنوات قبل أن يتلقى مبايعة وتأييد أولى الجماعات المسلحة التابعة له، وهي تنظيم الجهاد المصري، عام 1998.
وبعد أكثر من عقدين ونصف على وجوده على الساحة، لم يتمكن تنظيم القاعدة من الحصول على مبايعة أكثر من ست جماعات مسلحة، بينها تنظيم القاعدة في العراق، الذي شكل الرحم الذي خرج منه داعش لينفصل لاحقا عن الجماعة الأم.
وكدليل على تعاظم نفوذ التنظيم، أكدت تقارير صحفيا أن وفدا من داعش قابل هذا الأسبوع جماعة منشقة عن طالبان في باكستان، من أجل بحث سبل "توحيد المجاهدين" الباكستانيين. وبالتزامن مع ذلك، أعلن تنظيم "أنصار بيت المقدس"، أعنف الجماعات المسلحة المصرية، عن انضمامه لداعش.
وخلال نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، تمكن داعش من مد نفوذه الجغرافي إلى مناطق جديدة مع توالي المبايعات في اليمن وليبيا، بل إن جماعات تابعة للتنظيم فرضت سيطرتها على مدينة درنة الليبية، غير البعيدة عن الحدود المصرية.
وقد ردت حركة طالبان الباكستانية على الجدل حول مبايعة بعض قادتها لداعش عبر طرد الناطق باسمها، شهيد، إلى جانب أربعة من قادتها الذين أعلنوا امتعاضهم من سياسات الجماعة الموالية لحركة طالبان الأفغانية، المرتبطة بدورها بعلاقة تحالف مع القاعدة. وتلقى داعش أيضا رسائل مبايعة من تنظيمات بينها "جند الخلافة" الجزائرية، التي كانت ضمن شبكة القاعدة في بلاد المغرب، إلى جانب جماعتي "أنصار الإسلام" و"جيش محمد"، وكلاهما كانتا على صلة بالقاعدة.
والأهم من ذلك أن بعض التقارير الصحفية قد أشارت إلى حصول اجتماع تنسيقي بين داعش وأقوى خصومها في سوريا، جبهة النصرة، التابعة للقاعدة، وجرى خلاله الاتفاق على وقف القتال الداخلي والتركيز على مواجهة "العدو المشترك.
أما لمن يسأل عن السبب الذي يدفع كل تلك الجماعات لترك تنظيم القاعدة والانضمام لداعش، فالرد بسيط: داعش تنظيم ناجح.
لقد تمكن عناصر داعش من السيطرة على مساحات واسعة من سوريا والعراق، وهو يحقق انتصارات في معارك كبيرة ويسيطر على مدن واسعة وحقول نفطية، ما يعني أن لديه الموارد المالية الضرورية للعمل، الأمر الذي يدفع جماعات مسلحة في سوريا والعراق لمبايعته لأسباب مالية، أما التنظيمات خارج الشرق الأوسط، فهي تطمح للاستفادة من خبرته العسكرية عبر برامج تدريبية.
تنظيم داعش يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي بين مدينة حلب السورية ومدينة الفلوجة العراقية، المجاورة لبغداد، أما الجماعات المؤيدة له فهي تمتد من شمال أفريقيا إلى جبال هندوكوش. والحقيقة أن أمرا كهذا لم يكن سوى حلم بالنسبة لداعش.