(مقال الرأي هذا يعبّر فقط عن وجهة نظر كاتبه سلمان الأنصاري ولا يعكس مواقف CNN).
بدأ تنظيم داعش الدخول إلى نفق مظلم بلا شموع ولا إنارة سيتسبب في نفوق هذه الجماعة في وقت قياسي.
فقد كشف لنا التاريخ القريب والبعيد بأنه ليس من الممكن أن تكتب الاستمرارية لأي كيان سياسي لا يستخدم السياسة في أبجديات أعماله السيادية. تمحور فكر داعش على التطرف المطلق والنبذ المطلق للمهادنات أو التنازلات السياسية له مسبباته الأيدلوجية المرتبطة بمفهوم الولاء للمؤمنين ذي نفس الاتجاه الديني المتشدد والغارق في التطرف والبراءة من الكفار "تقريباً جميع البشر" هذا المنطلق المشوه هو أحد أهم أسباب وعوامل السقوط القريب لهذا الكيان الفقاعي وذلك لسببين رئيسيين. الأول هو أن العمل السيادي لا يمكن فرضه بلا استخدام واع للسياسة وهذا غير ممكن لهذه الفئة حتى وإن أرادت ذلك. فواقع عدم تقبل التنظيم من قبل القوى والدول الأخرى يعتبر عائقا كبيرا لتقدمه أو حتى استمراريته.
السبب الآخر هو أن تنظيم داعش سيدمر نفسه بنفسه في حال تنازل قياداتها عن بعض الثوابت الجهادية لأجل تحقيق مكاسب استراتيجية أو مؤقتة. بناء على القراءة المتأنية لخطاب من يسمي نفسه "خليفة المسلمين" وبناء على بعض المتغيرات في الأسلوب الإعلامي للجماعة فقد ثبت تأثر الجماعة من شظايا الأخبار والمعلومات التي تحدثت عن إصابة خليفتها و مقتل بعض قياداتها في حملات القصف المستمرة.
رسالة البغدادي كانت رسالة العاجز والراغب في حشد المزيد من المتطرفين حول العالم من خلال استجداء عطفهم للدخول تحت المظلة القاتمة السواد. كثافة وفعالية قصف دول التحالف جعلته يعترف بطريقة مباشرة بأنه يحتاج إلى فتح جبهات أخرى في أماكن أخرى كالسعودية ليس لحاجته إلى توسيع نفوذ سيطرته بل لحاجته إلى إلهاء العالم والدول الإقليمية عن تركيزها على إسقاطه شخصياً وفي عقر داره .
أرى أن الأيام المقبلة ستشهد تفككا مفاجئا وتشرذما لدى الكثير من أفراد داعش بسبب بعض قرارات قادة التنظيم التي سيتم تفسيرها بالتخاذل والهوان من قبل عموم مراهقي هذا التنظيم. فمع وابل القصف الجوي والبري العنيف على التنظيم ستضطر القيادات الداعشية إلى التفاوض مع من يسمونهم ب "الكفار و المرتدين" فالتطرف الأيديولوجي مثير للاهتمام والمنتمون للجماعات المتطرفة لا يخشون الفناء بقدر ما يخشون السياسة--سلمان الأنصاري .
أما العمل السياسي لديهم ليس إلا دلالة على الذل في الدنيا ومهلكة أبدية في الآخرة. كنت ومازلت مصرا على شن قصف إعلامي منظم يعتمد على تفتيت معنويات خط القيادات المتوسطة لدى داعش. وشق الصف الداخلي عن طريق المفاوضات الأشبه بالمؤامرات الاستخباراتية ستخلق جوا من عدم الثقة لدى أفراد الجماعة وستعمق مستوى التصدع الداخلي لدى هذا التنظيم الذي توفق الأمير تركي الفيصل في تسميته بـ"فاحش."