هذا المقال بقلم علي شهاب، وهو لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.
على الأرجح، لم تكن اسرائيل بانتظار تصريح نائب القائد العام للقوات الجوية الايرانية حول نقل صواريخ "فاتح 110" الى حزب الله، فهذا السلاح النوعي يرد في عشرات التقارير الاسرائيلية منذ أكثر من سنتين، تماما كحال الصواريخ المضادة للدروع التي كانت اسرائيل تعلم - كما هو وارد في تقرير الميزان العسكري الصادر عن معهد الامن القومي في تل أبيب - أنها بحوزة حزب الله قبل حرب تموز 2006، ولكنها لم تكن على علم بمدى اتقان مقاتلي الحزب استخدامها.
لا يمكن فصل الإعلان الايراني الرسمي عن نقل هذا الصاروخ الى حزب الله عن سياق الحملة الاسرائيلية الأخيرة التي أعادت فتح النقاش حول شكل وطبيعة الحرب المقبلة المفترضة -- علي شهاب على لبنان، علما ان جزءا هاماً من هذه الحملة يرتبط عضويا أيضا بمسار المعارك بين حزب الله من جهة وجبهة النصرة وداعش عند الحدود اللبنانية – السورية ومحاولات "الاسناد الاسرائيلية" المتكررة لجبهة النصرة لاحداث خروقات في أكثر من محور حدودي.
ولئن كان توقيت ازدياد الحديث عن الحرب المقبلة في اسرائيل يحتاج الى معالجة مستقلة، فإن تأكيد ايران حيازة حزب الله لهذا السلاح يحمل دلالات عدة يجدر التوقف عندها.
أولا: يختلف "فاتح 110" عن بقية الصواريخ المعهودة بحوزة حزب الله أن الجيلين الثالث والرابع منه يعملان بواسطة الوقود الصلب، ما يعني انه يتميز بسرعة كبيرة قياسا الى الصواريخ السابقة، وبالتالي سيشكل هذا الامر تحديا للقبة الفولاذية وباقي طبقات الدفاع الجوي الاسرائيلي، نظرا لاقتراب الصاروخ من كسر حاجز السرعة الذي تعمل بموجبه الدفاعات الجوية الاسرائيلية.
ثانيا: بإمكان هذا الصاروخ حمل رأس حربية شديدة الانفجار زنة 500 كيلوغرام. أي ان القدرة التدميرية لهذا الصاروخ غير معهودة بالنسبة لاسرائيل في حروبها السابقة مع الحزب.
ثالثا: يمكن اطلاق هذا الصاروخ من منصة ثابتة او من آلية متحركة، ما يعطي وحدات الحزب الصاروخية مرونة أكبر في التحرك والاطلاق، فضلا عن ان النسخ الاخيرة من الصاروخ شهدت اختبارات على تغيير مساره أثناء التحليق.
رابعا: يصل مدى الجيل الاول من هذا الصاروخ الى 200 كيلومتر. اما النسخ الحديثة منه (والتي يُرجح انها بحوزة الحزب) فتصل حتى 350 كيلومترا، أي أنها تغطي عمليا أي موقع اسرائيلي قد يقرر حزب الله استهدافه، بدءًا من قواعد العمليات الجوية في الجليل مرورا بالمنشآت الحيوية في حيفا فمراكز الدولة في تل أبيب وحتى "حاتساريم" جنوب اسرائيل.
خامسا: هناك تقاطع اسرائيلي – اميركي على ان هذا الصاروخ يُصنع في سوريا أيضا تحت اسم "M600". قد تم تداول اسم هذا الصاروخ أيضا في جملة الاسلحة التي حصل عليها حزب الله من سوريا بعد أشهر قليلة من بدء الازمة السورية. اذا صح حصول الحزب على الصاروخ نفسه (بتسميات مختلفة نتيجة منشأ الصنع) من ايران وسوريا فإن العدد بالتأكيد لن يكون عاديا.
ويكفي في هذا المجال الركون الى تقديرات الجبهة الداخلية الاسرائيلية التي تتحدث منذ اكثر من سنتين على أنه سيكون بمقدور حزب الله اطلاق ألف صاروخ يوميا في أي حرب مقبلة، من بينها مائة صاروخ على تل أبيب وحدها، في حين تقدر شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش أن المنطقة الأهم وسط اسرائيل "غوش دان" تقع ضمن مدى 5 آلاف صاروخ نوعي لحزب الله، من دون تحديد نوعها.