التحليل بقلم الزميل: جوش ليفز
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- هنالك حرب يمكنها أن تزيد من الاضطرابات التي يشهدها الشرق الأوسط، فالعديد من الناس من حول العالم تنفسوا الصعداء، الخميس، عندما أعلن حزب الله عدم رغبته بالمزيد من العنف مع إسرائيل.
ولكن لا يزال التوتر سائداً بعد أن قامت إسرائيل باستهداف أشخاص قادة رفيعي المستوى من الحزب بإطلاق الصواريخ، قابله الحزب اللبناني بإطلاق الصواريخ أيضاً وتبادل النار بين الطرفين، وتظل فرصة لانفجار عسكري واسع النطاق، مثلما حصل عام 2006.
وبينما تتفاعل العلاقات السياسية، توجد هنالك عوامل أخرى متغايرة على الدوام، مثل أسعار النفط وتنظيم "داعش" والجدل حول البرنامج النووي الإيراني مع الغرب، بالإضافة إلى تهديدات حزب الله بشن هجمات إرهابية في أي مكان بالعالم.
إليكم نظرة لما يحصل هنا:
القتال
أطلق حزب الله هذا الأسبوع خمسة صواريخ على مركبات عسكرية إسرائيلية بالقرب من الحدود اللبنانية، مما أدى إلى مقتل خمسة جنود وجرح سبعة آخرين.
وقد أخلت إسرائيل بلدة بالقرب من منطقة تزلج معروفة بعد هجومات حزب الله، وبعد المناوشات التي تبعتها قتل عضو إسباني من قوات حفظ السلام من إسبانيا في لبنان، في الوقت الذي لم يتبين فيه على يد أي جهة قتل بالنيران الإسرائيلية أم بنيران حزب الله وفقاً لتصريحات الأمم المتحدة.
وقال السفير الإسباني بالأمم المتحدة رومان مارتشيسي قال إن العنف "نتج بعد هجوم الصواريخ الذي أطلقه حزب الله"، وعند سؤاله عن الجهة التي أدت نيرانها إلى مقتل الضابط من قوات حفظ السلام، قال مارتشيسي إن "ذلك حصل بسبب رفع حدة العنف من الجانب الإسرائيلي."
ولكن خلال اليوم التالي قالت ستيفاني دوجاريك، المتحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إن: "السبب الرئيسي في وفاة الضابط غير محدد ويظل جزءاً من تحقيقات جارية."
يأتي هذا كله بعد غارة إسرائيلية الأسبوع الماضي في مدينة القنيطرة السورية، والتي أدت إلى مقتل ستة إداريين في حزب الله ومقتل واحد على الأقل من الحرس الثوري الإيراني، إذ أشارت وكالة الأخبار الإيرانية إلى مقتل الجنرال محمد علي الله دادي، لكن صحيفة "Jerusalem Post" ذكرت بأن الهجوم أدى إلى مقتل ستة ضباط إيرانيين.
وقال الزميل الصحفي من موقع "ForeignPolicy.com" فيليب سميث في إحدى مقالاته: "قد يكون هذا الهجوم هو من الأسوأ بالنسبة لمصالح حزب الله والإيرانيين في سوريا منذ اندلاع الحرب فيها--فيليب سميث، صحفي."
ومن هؤلاء الذين قتلوا جهاد مغنية، الذي كان في العشرينات من عمره، وكان اين أحد مؤسسي الحزب، عماد مغنية الذي قتل في تفجير بدمشق عام 2008، ومقتل جهاد شكل "ضربة رمزية للحزب الشيعي الذي أسسه والده في بداية الثمانينيات، وفقاً لما نقلته "Jerusalem Post".
دور إيران وسوريا
رغم أن حزب الله يتخذ من سوريا مقراً له، إلا أن يدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في الوقت الذي تدعم فيه إيران كلاً من حزب الله والنظام السوري أيضاً.
القتال وقع في المنطقة التي تحد سوريا ولبنان مع مرتفعات الجولان الواقعة تحت سيطرة إسرائيل، واستهدفت الدبابة الإسرائيلية في مزارع شبعا أو حار دوف، وهي منطقة كثر النزاع عليها.
محللون: لا يرغب أي طرف بنشوء حرب
في الوقت الذي يشير فيه محللون إلى أن حزب الله وإسرائيل لا يريدان أن ترتفع حدة النزاع لتتحول إلى حرب، ويقول ماثيو ليفيت مؤلف كتاب " Hezbollah: The Global Footprint of Lebanon's Party of God": "أظن بأن إسرائيل تحاول الدفاع عن حدودها"، وأنها قلقة بشأن اعتداءات من "منظمة إرهابية معروفة" عبر هذه الحدود.
وفي حزب الله يبدو وأن هنالك أطرافاً ترغب بتصعيد النزاع، وفقاً لليفيت الذي يعمل مديراً لبرنامج مكافحة الإرهاب في مركز واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
ولكن "الهجوم الأخير الذي شنه على الحزب، كان مدروساً بطريقة تمهد لأقل استجابة، لا تملك قوات كافية للدخول إلى الأراضي الإسرائيلية ولا تهدف إلى انتشال جثث القتلى"، وفقاً لما قاله ليفيت، خاصة بعد أن اندلعت الحرب عام 2006 بعد عبور ميليشيات حزب الله الحدود الإسرائيلية، قتلت حينها ثلاثة جنود إسرائيليين وخطفت اثنين آخرين، لتقتل بعدها خمسة إضافيين.
وحزب الله يشغل الكثير من مقاتليه في الحرب السورية نيابة عن الأسد، لكن الحزب أيضاً يملك عدداً آخر متواجد لشن هجمات ضد إسرائيل، وشعر القائمون على الحزب بضرورة الرد على الهجوم الذي شنته إسرائيل في القنيطرة، وأن يبعث برسالة "لمجتمعه وأنصاره"، وفقاً لليفيت.
وفكرت إيران بالأسلوب ذاته/ إذ رأت طهران هجوم القنيطرة بأنه "تخط للحدود التي تدعو للرد"، وفقاً لأقول تريتا بارسي، رئيس المجلس الوطني الأمريكي الإيراني ومؤلف كتاب ""A Single Roll of the Dice: Obama's Diplomacy with Iran".
مستقبل برنامج إيران النووي يسير نحو توازن
كل هذا يجري وسط تراجع في المناقشات بين إيران وقوى الغرب حول نشاطاتها النووية، ويقول بارسي إن: "النزاع بين حزب الله وإسرائيل يأتي "في وقت محوري للنقاشات حول البرنامج النووي، وهو أمر لن يصب في صالح أمريكا ولا إيران"، مشيراً إلى أن هذه المناقشات يمكنها أن تجمح من تصرفات إيران ويمكنها أيضاً أن تزيد الأوضاع سوءاً.
ويقول المسؤول السابق في البنتاغون، مايكل روبين إنه يجب على إيران أن تحرص بالحفاظ على هدوء الأوضاع--مايكل روبن عضو سابق بالبنتاغون، مضيفاً بأن "إيران لا يمكنها أن تتحمل بأن تفلت الأمور خارج السيطرة في النزاع بين حزب الله وإسرائيل مثلما شهدناه عام 2006"، وهي الحرب التي قتل فيها أكثر من 1000 عنصر تابع لحزب الله، ومقتل 150 من الجانب الإسرائيلي.
ويضيف روبين بقوله: "معظم السيناريوهات التي تتعلق بهجوم تبدأه إسرائيل مستهدفة برنامج إيران النووي، تتعلق باستفزاز لبنان ودفع حزب الله للرد بصواريخ على إسرائيل،" أي بعبارات أخرى فإن استهداف حزب الله يعني استهداف منشآت إيران النووية.
"إن تفاقمت الأمور لدرجة بدأ فيها حزب الله بإطلاق الصواريخ على مدن إسرائيلية، فإن ذلك سيعد بمثابة الضوء الأخضر لإسرائيل لإنهاء مهمتها" وفقاً لروبين، (طهران تصر على أنها ترغب بإنتاج الطاقة النووية، لكن دول الغرب، من بينها أمريكا، وإسرائيل ترى بأن إيران تعمل على تصنيع الأسلحة النووية.)
حرب "داعش"
التوتر بين إسرائيل وحزب الله يمكن أن يأتي بتبعات على القتال الدائر ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام او ما يعرف باسم "داعش"، إذ أن أمريكا وإيران يعارضان وجود التنظيم، و"فتح المسؤولون الأمريكيون الكثير من قنوات الاتصال مع طهران للتباحث حول "داعش"، ولكن دون أن يظهر الطرفان وكأنهما حليفان"، وفقاً لأحد عناوين صحيفة "نيويورك تايمز".
والقتال بين حزب الله، وهي ميليشيا شيعية، وإسرائيل بيمكن أن "يبرز أخطار الاعتماد على إيران للتخلص من تنظيم سني متشدد مثل "داعش"، بدلاً من تحقيق الأمن أو الاستقرار، فتصرفات حزب الله تشير إلى أن أمريكا ستستبدل نكهة من التشدد بأخرى"، وفقاً لروبين.
نقود النفط
هنالك قطعة أخرى من أحجية سوق النفط، فالانخفاض في أسعاره يؤذي إيران، التي تعد الداعم الأول لحزب الله، ويقول آرون دايفيد، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية إن " الإيرانيين أنفقوا الكثير من الأموال لمساعدة حزب الله في إعادة بناء لبنان بعد حرب عام 2006، ومع انخفاض أسعار النفط وتوسعها في سوريا فإن إيران لم تكن بنفس ازدهارها السابق، ولا أظن بأن طهران ستعود لحالها السابق قريباً."
كما أن إيران تعاني من العقوبات الاقتصادية بعد نشاطاتها النووية وهي "تمد النظام السوري بمليارات الدولارات" وفقاً لتقارير مركز "Christian Science Monitor"، واضطر حزب الله للتقليل من نشاطاته.
تهديد عالمي بالإرهاب
ولكن هنالك طريقة أخرى يمكن فيها لحزب الله أن يظهر فيه بعض النشاط، من خلال المزيد من الهجومات الإرهابية بأماكن أخرى حول العالم، وفقاً لما يقوله ليفيت.
إذ يملك الحزب تاريخاً مطولاً من الهجومات على بلاد خارج المنطقة، منها الهجومات على التجمعات العسكرية التابعة للبحرية الأمريكية في العاصمة اللبنانية بيروت، والتي أدت إلى مقتل 241 أمريكياً عام 1983.
كما اكتشفت بلغاريا بأن حزب الله كان وراء الهجوم الذي استهدف باصاً ما أدى إلى مقتل خمسة إسرائيليين عام 2012، وأوردت البيرو تقارير بمحاولة تفجير العام الماضي، وأعلنت السلطات بأنها ستوجه تهماً ضد رجل اعترف بكونه عضواً من حزب الله، وفقاً لما نقلته رويترز حينها.
ويقول ليفيت إنه ومنذ مقتل القائد العسكري للحزب، عماد مغنية في تفجير عام 2008، بحث الحزب عن طرق للرد بهجومات إرهابية جديدة حول العالم.