عمان، الأردن(CNN)-- فاجأ العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أهالي الطيار معاذ الكساسبة بحديثه خلال زيارته الخميس لبيت العزاء في الكرك جنوب البلاد، بتأكيده تجدد الغارات الجوية العسكرية لقصف مواقع لتنظيم "داعش" في سوريا، مشيرا الى سرب من طائرات سلاح الجو حلقت فوق بيت العزاء، بأنها كانت عائدة من الرقة .
الإشارة الملكية الحيّة للعاهل الأردني في اليوم الثالث على مرور إعدام الكساسبة حرقا على يد التنظيم، عززت توقعات مراقبين ومحللين، بتوسيع المملكة ضرباتها الجوية وتكثيفها من عشرات الطلعات الجوية، إلى المئات يوميا، سعيا لاجتثاث معاقل داعش بما في ذلك استهداف "قياداتها".
لكن الحديث عن تدخل قوات برية أردنية إلى سوريا يبدو مستبعدا على المدى المتوسط، لاعتبارات لوجستية وجغرافية وأمنية وعسكرية، فيما تواجه المملكة تحديات داخليا أيضا لاجتثاث الفكر "المؤيد" لداعش" عبر انصار التنظيم في الأردن .
ويشكل رفع مدى التعاون الاستخباراتي بين الأردن وحلفائه وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لرصد ما أسماه اللواء الطيار المتقاعد من سلاح الجو الأردني "مأمون أبو نوار" "اهدافا عالية القيمة ."
ويشير أبو نوار إلى أن هناك حاجة ملحة لإعادة برمجة الخطة الأمنية والعسكرية بالكامل في الحرب على "داعش"، في مقدمتها رفع عدد الغارات الجوية التي يشنها الطيران الحربي الأردني وتقدر يوميا بنحو 8 طلعات جوية.
وقال لـCNN بالعربية :"أولى الخيارات المتاحة تكثيف العمل الاستخباراتي العسكري و تحديد أهداف عالية القيمة، وتكثيف الطلعات الجوية إلى 700 أو 800 طلعة جوية يوميا وهذا يتطلب إمدادات بالذخيرة واستخدام طائرات أمريكية وتحديد أهداف عالية القيمة يتطلب مشاركة طائرات حربية أمريكية وليست أردنية."
ولفت أبو نوار إلى أن التحدي اليوم أمام التحالف في حربه بات أكبر، بعد إعلان الإمارات العربية المتحدة انسحابها من المشاركة في الغارات الجوية، مشيراً الى أنها كانت تشارك بكثافة في الطلعات الجوية.
وفي ذات السياق، لا يرى أبو نوار أن التوجه نحو ضرب معاقل داعش براً سواء في العمق العراقي أو السوري، واردا، على المديين القريب والمتوسط، وأردف قائلا:" نحن بحاجة إلى التدخل البري لكنه ليس ممكنا الآن وهو كخيار مستبعد ويحتاج إلى حلف ناتو وعربي بالكامل."
ويبدو أن "بنك" الأهداف من قادة التنظيم، التي يمكن أن تكون محط أعين التحالف الدولي، ليست سهلة على الإطلاق، بحسب أبو نوار، قائلا إنه استهداف أي منها لا بد أن يكون ضمن الخطط المقبلة العسكرية، على غرار العملية التي استهدفت ما سمي بزعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الأردني أبو مصعب الزرقاوي في غارة جوية عام 2006، عقب تفجيرات عمّان التي أودت بحياة 57 ضحية .
ويتفق خبير الجماعات الجهادية حسن أبو هنية مع سابقه في صعوبة استهداف الأهداف القيادية في التنظيم، لاتساع رقعته من حلب إلى الموصل، قائلا إن الويلات المتحدة التي استحدثت خلية أمنية لتتبع أبو بكر البغدادي لم تصل له للآن.
ويرى أبو هنية في حديثه لـ CNN بالعربية، أن كل أفراد التنظيم موضوعة على بنك أهداف التحالف، سواء البغدادي أو أبو محمد العدناني أو أبو علي الأنباري، أو أبو مسلم التركماني الذي أشيع قتله سابقا وتكتم التنظيم على ذلك.
داخليا، يرى أبو هنية أن أي توجه لتوسيع حملة الاعتقالات بين صفوف التيار الجهادي الأردني سواء المؤيدين لداعش أو جبهة النصرة، قد لايكون مبررا، في الوقت الذي "استقرت فيه أعداد المجاهدين" الذين خرجوا للقتال مع تلك التنظيمات وقدرت بنحو ألفي مقاتل.
ويقول أبو هنية، إن التيار الجهادي في الأردن اليوم في حالة "سكون لافت" منذ مدة، مشيرا الى الارتدادات التي قد تتبع أي "تصعيد أمني رسمي داخلي" ضد التيار "بشكل استفزازي."
وقال أبو هنية :" غالبية أعضاء التنظيم حسمت خياراتها منذ حزيران المنصرم ومن قرر الذهاب للقتال فقد ذهب."
ويؤكد القيادي في التيار السلفي الجهادي في الأردن، محمد الشلبي الملقب بأبي سياف تراجع أعداد الملتحقين بالقتال في سوريا من أعضاء التنظيم قائلا إنه لا علاقة لذلك بقضية الكساسبة، فيما أشار لـ CNN بالعربية إلى أن السبب الرئيسي لذلك يتعلق "بالخلافات التي تشهدها التنظيمات الجهادية." واستبعد أبو سياف تكثيف الملاحقات بحق منتسبي التيار، وقال :" لايوجد لدينا مخاوف من ذلك."