نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- قال مروان المعشر، نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق، إن إحراق تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ"داعش" للطيار الأردني معاذ الكساسبة وحّد الأردنيين وأطلق يد الحكومة في تشديد الضربات ضد التنظيم، معتبرا أن جوهر الصراع هو بناء مجتمعات عربية وإسلامية متسامحة وتقبل التعدد وإلا فإن فكر داعش قادر على إعادة توليد نفسه كما فعل بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة في العراق، أبومصعب الزرقاوي.
وقال المعشر، في مقابلة مع CNN، ردا على سؤال حول ما إذا كان عملية إحراق الكساسبة قد سهلت مهمة الحكومة الأردنية في تبرير زيادة الحملة العسكرية ضد داعش: "الوحدة الوطنية التي ظهرت بين الأردنيين كانت غير مسبوقة، ويبدو أن داعش – بحال كان يحاول تأليب الأردنيين ضد حكومتهم – فقد فشل فشلا ذريعا وكشف عن وجهه الحقيقي الذي لا يمكن لأي إنسان، مسلم أم غير مسلم، أن يتقبله، فمن يرضى بإحراق شخص على قيد الحياة وتصوير ذلك؟"
وأضاف: "لقد منحت هذه التصرفات الملك والحكومة القدرة على التعامل بقوة عسكرية أكبر مع داعش، ولكن إلى جانب ذلك، نحن بحاجة أيضا إلى علماء الدين وإلى المفكرين لإطلاق حوار بناء حول المجتمع التعددي الذي يحتضن جميع أبنائه لأن هذا الحوار هو السبيل الوحيد للقضاء على داعش، بالإضافة إلى الضربات العسكرية."
وأكد المعشر أنه دون الإقرار بأن الحصول على الأمن والاستقرار في العالم العربي مرتبط ببناء مجتمع متعدد ومتسامح فلن يكون لدينا أيديولوجية فكرية قادرة على مواجهة داعش، مضيفا: "هذا هو جوهر الموضوع، فالقاعدة في العراق التي كان يقودها أبومصعب الزرقاوي تعرضت للهزيمة عام 2007 وقتل الزرقاوي نفسه، ولكن التنظيم أعاد إنتاج نفسه لأننا اكتفينا بالتعامل معه عسكريا دون النظر في الجوانب الاجتماعية والسياسية التي أنتجته."
وأبدى المعشر أسفه لغياب بوادر حول نقاشات داخلية تتعلق بالتسامح والتعددية وقبول الآخر قائلا: "هزتان كبيرتان ضربتا العالم العربي مؤخرا، الربيع العربي عام 2011، والذي تفجر بسبب إحساس الناس بالتهميش والإقصاء ومنعهم من المشاركة بصنع القرار، والهزة الثانية تتمثل في داعش وأيديولوجيتها البربرية والعنيفة والمتشددة، والتي تحاول تقديم نفسها على أنها الأيديولوجيا الفكرية المعبرة عن العرب والمسلمين، رغم أن ذلك غير صحيح على الإطلاق."
وختم بالقول: "على الحكومات والشعوب التعلم من هاتين الهزتين، فكلما سادت السياسات الإقصائية فسنكون أمام نتائج مماثلة. لدى العرب مسؤولية لا يمكنهم التملص منها وعليهم الإقرار بأن بناء مجتمعات مستقرة ومزدهرة سيستغرق وقتا يفوق بكثير ما تستغرقه العمليات العسكرية، ولكن علينا البدء بهذه المهمة. أتمنى أن يستوعب العالم العربي هذا الدرس، ولكن أخشى أننا لم نر أي إشارة إلى ذلك بعد، باستثناء تونس."