أنقرة، تركيا (CNN) -- أعلنت السلطات التركية عن تنفيذ عملية عسكرية داخل الأراضي السورية لترتيب انسحاب عشرات من الجنود الأتراك من قلعة تعود ملكيتها للدول التركية، وتمثل الجيب الوحيد لتركيا خارج حدودها، وتضم رفات جد السلالة العثمانية السابقة، سليمان شاه.
وجاء التدخل العسكري التركي بعد ورود معلومات قبل أيام عن حصار عناصر تنظيم الدولة الإسلامية للجيب التركي الذي لا يبعد كثيرا عن مدينة الرقة، المعقل الرئيسي للتنظيم في سوريا، ويتولى حراسته ما يقرب من 40 جنديا تركيا بموجب اتفاق دولي يعود لسنوات طويلة خلت بين سوريا وتركيا.
أما رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، فقال عبر حسابه بموقع تويتر: "الجنود الذين خدموا بشرف حتى اليوم بضريح سليمان شاه عادوا إلى وطنهم" مضيفا أن الجنود اصطحبوا معهم رفات سليمان شاه لتبقى في تركيا بشكل مؤقت قبل تأمين مكان جديد آمن لها، مؤكدا على أن ذلك المكان "داخل سوريا ويخضع لسيطرة القوات التركية ويرفع عليه العلم التركي."
وعلمت CNN من مسؤول تركي بأن العملية شهدت مقتل أحد الجنود الأتراك، ولكن الجيش التركي عاد في بيان له وذكر بأن القتيل سقط جراء "حادث" نافيا وقوع اشتباكات.
ويطلق الأتراك على ذلك الجيب اسم "كابر كالسي" أما تسميته العربية فهي "قلعة جعبر"، وهو يخضع للسيادة التركية رغم أنه يبعد أميالا عديدة عن الحدود التركية، ويقع إلى القرب من مدينة الرقة، التي تشكل حاليا عاصمة تنظيم داعش، وذلك بسبب وجود ما يعتقد أنه قبر سليمان شاه، جد السلالة العثمانية، التي حكمت لقرون الدولة العثمانية.
ولا يقطن أحد في الجيب الواقع وسط الصحراء سوى عدد من عناصر الجيش التركي الذين يتولون حراسة الموقع ويرفعون علم بلادهم عليه، ويعتقد أن الموقع هو دليل على رحلة الأسرة العثمانية التي ظهرت في البدء وسط آسيا وعاشت لفترة في الأراضي الإيرانية، ومن ثم تحركت نحو العراق وسوريا، قبل أن يستقر بها المطاف في تركيا.
وعند وفاة سليمان شاه، الذي كان في ذلك الوقت زعيما لإحدى القبائل التركية عام 1236، جرى دفنه قرب موطن قبيلته على نهر الفرات بسوريا، غير أن القبيلة رحلت لاحقا لاستكمال رحلتها إلى تركيا، وقام حفيد سليمان، وهو عثمان، بتأسيس أول شكل من أشكال الدولة في تلك المنطقة لتنمو رقعة سيطرة الأسرة شيئا فشيئا حتى تحولت إلى امبراطورية.
وبعد ذلك بسنوات، قرر السلطان العثماني، عبدالحميد الثاني، تكريم ذكرى جد الأسرة ورحلته الطويلة عبر بناء ضريح حول قبره، وقد كان هذا القبر من بين الرموز القومية التركية التي اضطر حتى الزعيم مصطفى كمال أتاتورك إلى الحفاظ عليها بموجب معاهدة مع الفرنسيين.
وفي عام 1973 جرى الاتفاق بين تركيا وأنقرة على نقل قبر سليمان شاه من موقعه السابق إلى موقعه الحالي بهدف تجنب إغراقه بمياه نهر الفرات مع بناء سد الطبقة.
ومع تصاعد التوتر على الحدود بين تركيا وسوريا واقتراب موعد التصويت على إمكانية التدخل العسكري ضد داعش في تركيا يعود الضريح الذي كاد النسيان أن يلفه إلى الواجهة، إذ يمكن أن يتحول إلى "عقب أخيل" بحال تعرضه للهجوم، أو يشكل "حصان طراودة" التي يتيح للأتراك إيجاد مبررات إضافية للتدخل.