اليمنيات ضحايا الزواج المبكر والعنف في بيئة سياسية وأمنية معقدة

الشرق الأوسط
نشر
4 دقائق قراءة
اليمنيات ضحايا الزواج المبكر والعنف في بيئة سياسية وأمنية معقدة
Credit: KARIM SAHIB/AFP/Getty Images

بقلم وضاح الجليل

صنعاء، اليمن (CNN) -- لولا تجربة زواج أم ثريا المسيار ما كان لابنتها ذات الـ11 عاماً أن تتزوج وهي لا تعي معنى الزواج، وللمفارقة؛ كانت تجربة زواج الأم سبباً في فسخ عقد زواج ابنتها وإنقاذ مستقبلها.

وقبل عدة أيام، فُسخ عقد زواج ثريا المسيار بعد أن أخرجها والدها وشقيقتها الأكبر منها ذات الـ14 عاماً لتزويجهما، إذ كان الأب على خلاف مع زوجته، فأراد عقابها بتزويج طفلتيهما رغماً عن إرادتها.

تزوجت والدة ثريا عندما بلغت الـ13 عاماً، فعانت من الزواج في سن صغيرة، وعرفت صعوبات الحمل، فغافلت زوجها وأخذت طفلتها الأكبر وهربت إلى بيت جدها من جهة أمها، قبل أن تقوم بإبلاغ السلطات المحلية والمنظمات المختصة العاملة في مدينة تعز، وتقدمت بشكوى ضد المأذون الذي أتمَّ العقد.

وعقد المأذون ذاته زواج ثريا، دون أن يعرفها، قبل أن يفاجأ بسيل من التوبيخ والانتقادات من أهالي المنطقة الذين اتهموه بعقد قران الأطفال، وبعد عدد من الإجراءات، وتحت ضغط مارسه فرع اتحاد نساء اليمن، اضطر والد ثريا إلى فسخ العقد.

وقالت المحامية والناشطة في اتحاد نساء اليمن إشراق المقطري، والتي تولت متابعة هذه القضية إن "زواج الصغيرات قضية معقدة يتحمل مسؤوليتها عدد من الأطراف بينها الأسرة والمأذون،" مضيفة أن "غياب نص قانوني يحدد سن الزواج يساعد في حدوث وانتشار هذه الظاهرة، فضلاً عن النظر بطريقة دونية للأنثى، وتخلّي الجهات المختصة عن القيام بواجباتها في مراقبة تعليم الفتاة، وتُساهم في ذلك الثقافة السائدة التي تقرُّ ولاية الأب وحقه في التصرف بمصير أبنائه وخاصة الإناث."

وطالبت "هيومن رايتس ووتش" اليمن مرات عديدة، كان آخرها في سبتمبر/ أيلول الماضي، بحماية الفتيات من الآثار المدمرة للزواج المبكر من خلال جعل السن القانونية للزواج 18 عاماً كحدٍ أدنى.

وقدرت الأمم المتحدة في تقرير مشترك لها مع الحكومة اليمنية قبل ثمانية أعوام نسبة الفتيات اللواتي يتم تزويجهن دون سن الـ 15 عاماً بـ14 في المائة، و52 في المائة لمن يتم تزويجهن دون سن الـ 18 عاماً.

وذكر مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي في جامعة صنعاء، قبل عامين أن نسبة حالات زواج الصغيرات تبلغ 65 في المائة من مجموع حالات الزواج، و70 في المائة من تلك الزيجات تحدث في المناطق الريفية.

من جهتها، أشارت الناشطة المقطري إلى أن "المنظمات المعنية هي الحلقة الأضعف في مثل هذه القضايا، إذ لا تتمكن من الاعتماد على نص قانوني يقرُّ سناَ محددة للزواج،" موضحة أن "القانون لا ينص صراحة على حرية اختيار الفتاة لزوجها."

وأوضحت المقطري: "في العادة لا يتعاطى القضاة مع القضايا المنظورة أمامهم من خلال النظر إلى مصلحة الطفل، أي في حالة تأخر النصِّ المحدد للسن أو المانع والمجرم للتزويج وعدم الربط بين قانون حقوق الطفل ومصلحته، فان التلاعب في مصلحة الطفل الفضلى سيكون حاضراً من قبل أولياء الأمور الذين لا يستشعرون مسؤولياتهم القانونية التعليمة والصحية."

وطالبت المقطري بتدخل قضائي سريع من المحاكم العليا لإصدار قرار مؤقت للمأذونين بطلب بطاقات الهوية الشخصية عند الزواج مرفقة بها شهادة الميلاد، ومتمنية أن يُمنع تزويج الفتيات اللواتي لم تُكملن الثانوية العامة.

ويأتي اليوم العالمي للمرأة هذا العام، في ظل تعرض النساء اليمنيات لانتهاكات كثيرة وخطيرة، وخصوصاً القاصرات منهن، بصفتهن الأكثر ضعفاً.