كاتب المقال: سلمان الأنصاري، كاتب سعودي ومتخصص في الاتصال السياسي والاستراتيجي (هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعكس بأي حال وجهة نظر لـ CNN)
من الواضح أن إيران تعاملت مع الملف العراقي بطريقة جبانة جداً، فبعدما تسببوا بمعظم المشاكل الطائفية في العراق و دول الأخرى من خلال تدخلاتهم الإستخباراتية ووسائلهم غير النزيهه في شق الصفوف العربية باستخدام ورقة الإختلافات المذهبية. قرروا أن لا يتعاونوا في دحر داعش في بداياتهم حتى لا يفتحوا على أنفسهم أي جبهه جديدة غير متوقعة النتائج. ولكن بعد أن تم دحر زخم داعش وتفكيك الكثير من عصاباته من قبل كثافة الإستهداف الجوي لدول التحالف وبعد أن تم تحرير الكثير من المدن والقرى العراقية والسورية. أتت إيران مهرولة لقطف ثمار هذا النجاح الدولي من خلال إظهار نفسها كقوة معتدلة ومكافحة للإرهاب. فحاولوا أن ينسبوا معظم نجاحات دول التحالف لأنفسهم ،وكما يقال بالعامية "أخذوها باردة مبردة" .
فالقائد في الحرس الثوري قاسم سليمان إستخدم إستراتيجية الحضور الإعلامي المكثف. فأصبح يطلب تصويره وهو يوجه الميليشيات في داخل العراق ويتكلم عن إنتصارات إيران لتثبيت صورة إيران كالمنقذة لدى عقول الجميع. توقيت هذا الزخم الإعلامي الإيراني لم يكن محض الصدفة فإيران في مفترق طرق مع المجتمع الدولي. فنهاية هذا الشهر سيتم التحديد ما إذا كانت إيران جزء وعضو صالح في الكيان العالمي أو جزء مغضوب عليه ويستحق العقوبة. ولهذا إيران تستخدم كل ما بوسعها إستخدامه لإثبات أهميتهم في الحرب على الإرهاب وبأنهم رقم صعب في عالم مكافحة الإرهاب وبالأخص داعش.
من المعروف أن بعض أركان الجهاز العسكري العراقي مازال غير واضح في إنتماءاته. مرة نجدها إنتماءات عراقية قومية ومرة نجدها مذهبية التوجه ومرة نجدها مرتمية في حضن الميليشيات الإيرانية. المتضرر الأول من هذا التشتت هو العراق وكل العراقيين. إيران لم ولن تقدم أي شيء للشعوب العربية إلا مزيداً من التشرذم والتناحر الطائفي المقيت لخدمة هدفهم الأسمى وهو إستعباد وقهر الأمة العربية كنوع من الإنتقام التاريخي المترسب في العقلية الفارسية المتطرفة.
العراق يجب أن ينفض عن نفسه غبار المذهبية ودرن الطائفية كي يستطيع أن يكون عراقا مستقلاً لا عراقا فارسيا يتم التحكم فيه عن بعد. الشرق الأوسط يمر بمرحلة مفصلية و تقارب إيران مع الغرب سيكون بلا شك على حساب دول المنطقة كلها إلا في حالة واحدة فقط وهي أن تستيقظ إيران من أحلام اليقظة ومن جنون العظمة المزيف. فالشعب الإيراني شعب يستحق الحياة الكريمة وهو أولى بالأموال المهدرة في الحروب و الصراعات الطائفية و العبثية. فبناءاً على قراءة المعطيات السياسية أرى أنه إن لم تستيقظ القيادة الإيرانية من وهم الهيمنة فالشعب الإيراني سيستيقظ و ستكون له كلمة الحسم لإسترداد بعض من كرامتهم المهدرة من قبل قيادتهم الغير عاقلة. الأيام القادمة حاسمة فإيران أثبتت لكل متردد بأنها دولة ذات نظام دموي ولاتعرف أي لغة إلا لغة الدمار والفوضى. رجوعا لملف العراق ، أرى أنه ليس هنالك مايبث الأمل إلا مقولة الشافعي "ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت و كنت أظنها لا تفرج" كان الله في عون العراق وفي الأمة العربية وفي الإنسان في كل مكان.