عمان، الأردن (CNN)- رغم إعلان سلطات الأمن الأردنية العثور على الفتاتين شيماء وجمانة 15 و16 عاماً صباح الثلاثاء، بصحة جيدة، بعد اختفاء خمسة أيام، إلا أن تضارب روايات أهالي الفتاتين والجهات الأمنية حول ملابسات الحادثة، أثارت مسارات جديدة للجدل حول القضية.
وجددت قضية اختفاء الفتاتين، والملابسات التي أحاطت بها، الجدل حول ملف المتغيبات عن المنازل والحماية القانونية لهن خاصة القاصرات، والوصمة الاجتماعية التي ترافق هذا النوع من القضايا، التي ترجمت عبر نشطاء الإعلام المجتمعي والرأي العام.
القضية التي أقلقت الأردنيين على مدار أيام، هدأت للحظات وجيزة عندما أعلنت السلطات العثور على الفتاتين، سرعان ما تأججت عند بث بيان يؤكد أن الفتاتين وجدتا في "شقة" بمحافظة "إربد" شمال البلاد، بصحبة شخص بمحض إرادتهما، بعد أن اختفيتا من العاصمة، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى إصدار بيان ثان لاحقاً، "تعتذر فيه عن "إساءة الفهم" حول البيان الأول، في محاولة لدحض انتقادات وجهت للسلطات بشأن التشهير بما وصف "بسمعة الفتيات."
وأكد بيان الأمن العام الثاني خروج الفتاتين من المنزل دون أن تتعرضا لأي حادثة اختطاف أو اعتداء طيلة فترة تغيبهن، وأن الشخص الذي التقاهما كانت بالمصادفة من أجل مساعدتهما، وأنهما طلبتا تصويرهما مقيدتين من قبله، وإرسال الصورة للأهل، لتبرير غيابهما.
تلك الرواية، دفعت ذوي الفتاتين اللتين ما تزالا قيد التحقيق في مقر إدارة حماية الأسرة الأردنية، إلى رفضها بحسب ما قال خالد شفيق، والد شيماء لموقع CNN بالعربية، معتبراً أن هناك "خفايا" في القضية، لم يعلن عنها وأنه بانتظار تسليم ابنته إليه، وظهور نتائج التحقيق.
كما نفذت عائلة الفتاتين وقفة احتجاجية مساء الثلاثاء، بحضور أهالي منطقة بلدية "عين الباشا"، شمال العاصمة، للدفاع عن موقفهما ورفضاً لما وصفوه "بالتشهير والإساءة"، في البيان الرسمي، وهو التحرك الذي لا يسجل عادة في مجتمع يوصف بالمحافظ، وتشكل قضايا تغيب الفتيات عن المنازل إحدى المحظورات التي قد ترتكب على إثرها جرائم ما يعرف "بجرائم الشرف."
وانقسمت تفاعلات القضية في أوساط المغردين والنشطاء، بين تأييد رواية الجهات الرسمية وبين إدانتها، رغم الإشادة بالجهود الأمنية، بينما دعا البعض الآخر إلى التعامل بحكمة مع القضية أكثر من ذلك، وسط استذكار لحادثة اختفاء شهيرة للطفل الأردني "ورد" في العام 2009.
وأكدت الجهات الرسمية مراراً على ضرورة انتظار نتائج التحقيق في القضية، وفق تصريحات إعلامية أدلى بها المتحدث باسم الحكومة، محمد المومني، ومن المتوقع أن تعلن قريباً، وسط حالة من الترقب والتكهنات بشأنها.
وإجرائياً، رأت الناشطة والمحامية، هالة عاهد، أن مخالفات إجرائية سجلت في القضية، من بينها بث بيانات قبيل انتهاء التحقيق الأولي، لفتيات ينظر القانون الأردني على أنهن "قاصرات" ولا يعتد بإرادتهن، رغم تأكيد الجهات الأمنية على أنهن بصحة جيدة.
وأردفت عاهد بالقول: "القضية خلقت تعاطفاً كبيراً، لكن ما حصل معهم هو شكل من أشكال الخطف، بموجب المادة 291 من قانون العقوبات الأردني، ولا يعتد بإرادتهن، وكان لا بد من الاكتفاء بإعلان نبأ العثور عليهما، والإعلان أن التحقيق ما يزال جارياً.
وبحسب إحصاءات منشورة لوزارة التنمية الاجتماعية، فإن عدد المتغيبات عن المنازل للعام 2014 بلغ 144 حالة ممن تم التبليغ عنها، فيما تسجل الأجهزة الأمنية يومياً عدة حالات تغيب مختلفة، لا يصل غالبيتها إلى وسائل الإعلام أو الرأي العام.
من جهته، ذكر الخبير الأممي في شؤون الطفولة، الدكتور هاني جهشان، أن التعامل مع قضايا المتغيبات عن المنازل يشوبه الخلل على المستوى الإجرائي، معتبراً أن إحالتهن إلى إدارة حماية الأسرة، التابعة للأمن العام، كان لا بد أن يسبقها الإحالة إلى جهة مختصة اجتماعياً ونفسياً.
وأضاف جهشان لـCNN بالعربية قائلاً: "لا بد من وجود جهة متخصصة معروفة ومعلن عنها، تستجيب لحالات التغيب عن المنزل، والمتوقع منها أن توفر النصيحة والإرشاد النفسي والاجتماعي والقانوني.. هذا لا يعني غياب دور حماية الاسرة، خاصةً إذا ظهر أنهن تعرضن لاستغلال جنسي، ولكن هناك افتراض دائم بأن حالات التغيب عن المنزل تتعرض لذلك، وهذا افتراض غير دقيق."
وكانت عائلتا الفتاتين قد أبلغتا عن اختفائهما الخميس المنصرم، من منطقة دوار الداخلية في العاصمة عمان، عقب خروجهما لحضور درس تقوية في اللغة الإنجليزية، في ظروف غامضة.