تحليل: نيران تشتعل من تركيا إلى مصر وليبيا بسبب سوريا.. أخطاء الغرب ضخّمت قوة الإرهاب بالعالم

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
تحليل: نيران تشتعل من تركيا إلى مصر وليبيا بسبب سوريا.. أخطاء الغرب ضخّمت قوة الإرهاب بالعالم
Credit: isis

فريدة غيتس هي كاتبة الشؤون الدولية في صحيفة "ميامي هيرالد" وموقع "ورلد بوليتكس رفيو" ومحررة ومراسلة سابقة لدى CNN، الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتبة ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.

لندن، بريطانيا (CNN) -- خلال الأيام القليلة الماضية تعرض الشرق الأوسط لموجة جديدة من العنف الذي هز أرجاء دوله، وقد تظنون أن الأمر مجرد تكرار لأحداث الأعوام القليلة الماضية، ولكن الحقيقة أن وباء العنف الذي سُمح له بالازدهار في الفترة الماضية بسوريا يواصل سعيه للانتشار خارجها.

وكنتيجة للكارثة السورية، يعيش الشعب السوري خارج حدود بلده في حالة مزرية، وبات الناس اليوم بحاجة إلى خريطة لفهم الحسابات والوقائع السريعة التبدل على الأرض، والتي تتقاطع جميعها مع الصراعات الأكثر تعقيدا على مستوى العالم.

فقبل أيام، هز انفجار العاصمة المصرية، القاهرة، ووقع الانفجار أمام مقر أمني في شبرا الخيمة، ما أدى لجرح العشرات، وأعلن تنظيم مرتبط بداعش مسؤوليته عن العملية. وجاء التفجير بعد تصعيد عسكري بين الحكومة والفرع المحلي لداعش، الذي كان قد سجل قفزة جديدة بنشاطاته عبر استهداف سفينة حربية مصرية، ما دل على أن البلاد لا تواجه حربا من جماعة محدودة التأثير.

وقبل التفجير بيوم، كانت تركيا تعيش حالة من الاضطرابات التي قد تتطور إلى صراع مفتوح على مصراعيه بين الحكومة والانفصاليين الأكراد. وجاء ذلك بعد موافقة تركيا على الانضمام للحرب على داعش وفتح مطاراتها للقوات الدولية، رغم أن تركيا لديها موقف رافض ومناهض للمليشيات الكردية التي تشكل اليوم القوة الأبرز في وجه داعش.

وقبل فترة، نشر داعش تسجيل فيديو لأحد عناصره وهو يتحدث التركية، ويدعو الأتراك للانضمام إلى التنظيم و"غزو القسطنطينية" على حد قوله، نيابة عن "خليفة" داعش، بالإضافة إلى إطلاق التنظيم لمجلة بالتركية حملت على غلافها عنوان "غزو القسطنطينية" بإشارة إلى الاسم القديم لإسطنبول.

وعلى الشاطئ الجنوبي للمتوسط، طلبت الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، والتي تخوض صراعا مريرا بوجه تنظيمات متعددة، الدعم من الدول العربية لمواجهة نفوذ تنظيم داعش المتزايد في البلاد.

ولكن قلب المعركة هو سوريا، حيث أسس داعش لنفسه مقرا قويا يسمح له بتوسيع نفوذه في المنطقة، إلى جانب السيطرة على جزء كبير من العراق. لقد بدأ الصراع في سوريا ضمن جهود إطاحة النظام الوحشي للرئيس بشار الأسد، ومع فشل الغرب في مساعدة المعارضة المعتدلة كانت النتيجة اشتداد ساعد الجماعات المتشددة. وعندما ظهرت إمكانية سقوط الأسد، تدخلت إيران لدعم نظامه، وتعهدت بمساعدته "حتى النهاية" وأرسلت إليه الخبراء وعناصر حزب الله اللبناني.

وتتسع قائمة التنظيمات المتصارعة في سوريا بين بعضها أحيانا ومع النظام بأحيان أخرى لتشمل أيضا "جيش الإسلام" الناشط قرب دمشق، و"أحرار الشام" التي حاولت السعي لنيل مساعدات غربية، إلى جانب شبكة "خراسان" التي رصدت أمريكا تخطيطها لضرب أهداف غربية. كما أن هناك التحالفات الواسعة مثل "جيش الفتح."

ويضاف إلى ذلك كله التقارير التي تشير إلى أن إيران قامت بتنظيم مجموعات من المرتزقة الشيعة من أفغانستان للقتال في سوريا، بينما تشهد أفغانستان نفسها محاولات متزايدة لداعش لمد نفوذه فيها وزيادة مستوى المشاكل في ذلك البلد بموجة جديدة من التطرف.

إن جهود أمريكا المتأخرة كثيرا في تدريب المقاتلين المعتدلين في سوريا قد فشلت، ويعود الفشل جزئيا إلى طلب أمريكا من المقاتلين خوض المعركة مع داعش وليس مع نظام الأسد رغم أن التحالف الذي ينتمون إليه أساسا يحمل اسم الجيش السوري الحر وهو مكوّن من عسكريين غير طائفيين انشقوا عن الجيش السوري ولعبوا دورا كبيرا في الصراع.

كان هناك بالطبع صراع بين الجماعات المسلحة، ولكن هدف الجميع النهائي هو إسقاط الأسد، وهو هدف تؤكد أمريكا أنها ترغب بدورها في الوصول إليه، ولكنها تخشى السير نحوه بسبب الخوف من اتساع رقعة الفوضى.

إذا أمريكا ترغب برحيل الأسد، ولكنها ترغب أكثر برؤية هزيمة داعش. تركيا من جانبها مرتبطة مع أمريكا بحلف الناتو، ومع أنها تعتبر داعش مصدر تهديد، إلا أنها تركب بالتركيز على ضرب حزب العمال الكردستاني، الحليف الرئيسي لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي تتبع له قوات "وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تعرض داعش على يديها لأكبر الخسائر العسكرية.

لسوء الحظ، فإن فوضى المصالح وتعدد الجماعات المقاتلة سيعني أن المزيد من الضحايا سيسقطون فريسة الخوف والعنف والترهيب، ومع ظهور كل تنظيم جديد تزداد المخاوف التي تتعرض لها الحكومات بالمنطقة، وكل هذا بسبب الأوضاع السائدة في الكارثة السورية التي تتسبب بخلق الكثير من الحروب الصغيرة والصراعات بالشرق الأوسط.

وفي نهاية المطاف، فإن كل انفجار أو عملية قتل أو نزوح جديد سيشكل دليلا على القيادة الكارثية للعالم، والتي فشلت في وقف الكارثة بسوريا، ومن ثم وقفت مكتوفة الأيدي حتى فات أوان العمل على منع تسرب تداعياتها إلى دول الجوار ونشر الأيديولوجيا المتطرفة كل أنحاء المعمورة.