شمس الدين النقاز يكتب لـCNN: من كان المتسبب في الحرق والصّلي في العراق؟

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة
شمس الدين النقاز يكتب لـCNN: من كان المتسبب في الحرق والصّلي في العراق؟
عضو في القوات العراقية المتحالفة مع الجيش خلال اشتباكات مع الدولة الإسلامية على مشارف الفلوجةCredit: HAIDAR MOHAMMED ALI/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم شمس الدين النقاز، صحفي وباحث في الجماعات الاسلامية، والآراء الواردة فيه لا تعكس بالضرورة وجهة رأي CNN.

لم يعد القتل بالرصاص أمرا محبذا عند أطراف النزاع في العراق بل أصبح التفنن في ابتكار طرق جديدة للقتل أبرز عنوان الحرب الاعلامية بين تنظيم الدولة الاسلامية وميليشيات الحشد الشعبي.

فبعد الضجة الاعلامية الكبيرة التي تسبب بها القيادي في كتائب الامام علي الشيعية المدعومة ايرانيا المدعو أيوب فالح حسن الربيعي والمكنى بأبي عزرائيل، الذي قام بحرق وتقطيع جثة مواطن سني ادعى هو في شريط مصور بعد أيام أنه أحد المقاتلين في صفوف تنظيم داعش، رد عليه تنظيم الدولة بطريقته الخاصة بفيديو هوليودي ابتكر فيه مقاتلوه طريقة قتل جديدة.

فقد بث التنظيم فيديو مصورا يوم 31 آب/أغسطس الماضي يظهر 4 عناصر من الحشد الشعبي ألقي القبض عليهم مرتدين الزيّ البرتقالي الخاص بالإعدام، وقد اعترفوا بأنهم عناصر في الحشد كانت مهمتهم الاستطلاع داخل مناطق سيطرته.

الاصدار الهوليودي لم يخلُ كعادة فيديوهات التنظيم من تبرير لعمليات الاعدام التي يقوم بها، مستعينا لإقناع المتعاطفين معه ببعض النصوص الشرعية، حيث جاء عنوان الفيديو 'وعاقبوا بمثل ماعوقبتم به" مع تمرير بعض اللقطات المصورة التي تظهر قيام أبو عزرائيل وعناصر آخرين من الحشد الشعبي بحرق جثث قال التنظيم إنها لمدنيين سنة.

وبعد الاعترافات ومشاهد الحرق يظهر في الفيديو 4 أشخاص مسلسلين حفاة يتدلون من أرجوحة ليقوم بعدها التنظيم بإشعالهم وصليهم في مشهد مروع، لتواصل الفجائع هزّ الرأي العام العربي والدولي يوميا بسبب ما تبثّه أطراف النزاع في العراق من مشاهد ذبح وتنكيل وحرق وقتل وتهجير للعراقيين في المناطق التي تشهد قتالا عنيفا بينهما.

المتأمل في المشهد العراقي اليوم يرى كيف أن الحرب اتخذت بعدا طائفيا خاصة بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أصدرها أكبر المرجعيات الدينية الشيعية في العالم علي السيستاني في الـ 13 من شهر حزيران/يونيو 2014 بهدف مقاتلة داعش والّتي تشكلت بموجبها ميليشيات الحشد الشعبي التي حادت عن مسارها الذي أصبح قتل وذبح وحرق كل من يعترضهم من السنة.

هذه الميليشيات التي انتقدها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في شهر يوليو الماضي بسبب تغولها في المجتمع العراقي وتوسعها في مناطق ومحافظات، قال إنها لا تتعرض لتهديد تنظيم الدولة، ولا يوجد فيها التنظيم مضيفا أنه لا يمكن محاربة داعش وهناك من يقوم بنفس ممارساته من داخل صفوف ما يسمى بالحشد الشعبي.

 تصريح العبادي الذي جاء بعد شهر واحد من  تثمينه لمجهوداتهم، يدعمه ما ذكرته التقارير الاعلامية وتقارير المنظمات الحقوقية بخصوص الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات الشيعية المسلحة في المناطق السنّيّة التي استعادوها من تنظيم الدّولة،خاصة أثناء الحملة العسكرية التي وقعت في مارس/آذار الماضي في مدينة تكريت بمحافظة صلاح الدين شمالي بغداد، كما أن قوات الحشد التي فاق عددها الـ 100 ألف من المقاتلين الشيعة تغوّلت في المجتمع العراقي وتوسعت في محافظات لا تتعرض لتهديد تنظيم الدولة ولا وجود له فيها حسب العبادي وذلك سعيا منها الى احداث تغيير ديمغرافي في منطقة الدّور بمحافظة صلاح الدين وغيرها من مناطق العراق وفق ما اتهمها به الأمين العام للمؤتمر التأسيسي لإقليم صلاح الدين ناجح الميزان.

ووجه مسؤولون سُنة في العراق أصابع الاتهام إلى المقاتلين الشيعة في الحشد الشعبي بالوقوف وراء سلسلة انتهاكات حصلت بعد تحرير مناطق ذات غالبية سنية من سيطرة داعش في ديالى وصلاح الدين،فيما ألقى الحشد بالمسؤولية على عصابات مجرمة، دون أن يسميها.

وفي النهاية لا يعني اتهام الحشد الشعبي والجيش العراقي والميليشيات الشيعية المنتشرة في كامل أنحاء العراق بالضرورة تبرئة تنظيم الدولة الإسلامية وتبقى فيديوهات أبي عزرائيل وتنظيم الدولة انتهاكا لكل المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وأسرى الحرب على مرأى ومسمع من الجميع، وتبقى الهالة الاعلامية التي تحيط بهما وتنقل لنا أعمالهما لحظة بلحظة مساهمة في مزيد من الاقتتال وفي اشعال نار الطائفية التي أحرقت جزءاً من المنطقة العربية بمباركة دولية وبأطماع توسعيّة ايرانيّة.

فماذا بعد الحرق والصّلي والتفخيخ؟