ألون بن مئير يكتب: نفحة من الهزل في أحد أيام الصيف الحارّ.. نقاش ما بين نتنياهو وعباس

الشرق الأوسط
نشر
11 دقيقة قراءة
تقرير ألون بن مئير
ألون بن مئير يكتب: نفحة من الهزل في أحد أيام الصيف الحارّ.. نقاش ما بين نتنياهو وعباس
Credit: Alex Wong/Getty Images

هذا المقال يعبر عن رأي ألون بن مئير، أستاذ العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدولية بجامعة نيويورك ومدير مشروع الشرق الأوسط بمعهد السياسة الدولية، ولا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- فيما يلي نقاش مصطنع ما بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (بيبي) ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن).

التقى الاثنان بالصدفة في القدس الشرقية في فندق "كولوني"، ولم يكن لهما مفرّ سوى إلقاء تحية عابرة على بعضهما البعض وشعرا أن إجراء حديث شخصي غير رسمي بينهما لن يضرّ، فالتجأ الاثنان إلى غرفة آمنة في الفندق وجرى بينهما الحديث التالي:

أبومازن: كيف حالك يا بيبي؟ أعتقد أن لا ضيم في أن أدعوك "بيبي!"

بيبي: طبعاً، نحن أصدقاء قبل كل شيء. كيف حالك، وكيف حال الأولاد؟

أبومازن: أولادي؟ أولادي والحمد لله على ما يرام، ولكن دعنا نبقى على بساط الواقع!     منذ متى أصبحنا أصدقاء؟

بيبي: أنت تعلم يا أبا مازن بأننا نعيش جنباً.

أبومازن: وفّر عليّ كل هذه المجاملات الزائفة. تقول جيران؟ جعلتني أضحك! نحن لدينا

(يقاطعه): مشكلة معك يا صديقي!

بيبي: عمّا تتكلّم، أية مشاكل؟

أبومازن: تقول أية مشاكل؟ يجب عليك.. اللعنة!  أنا لا أدري لماذا نتحدّث معاً!

بيبي: ليس هناك خطأً في الحديث سوياً، فأنا واثق بأنك تتفق معي على أن شيئاً من "الدردشة"  لن يضر!

أبومازن: دعنا نتكلّم إذن! أخرج من أرضي، كفى! إن أعجبك هذا أم لا، سنتخلّص من الاحتلال!

بيبي: احتلال؟ كيف بنا نحتلّ أرضنا؟

أبومازن: أنت تضحّك يا سيّد رئيس الوزراء. أنت تنكر كل شيء، الحقيقة، الواقع... إنس!

بيبي: أنا أعلم بأنك مُحبط. فأنا محبط أيضاً.

أبومازن: أنت محبط لأنك مهما حاولت لن تستطيع أن تأخذ أرضنا.

بيبي: أنت تعلم بأننا كنّا هنا..... هنا على أرضنا لأكثر من 3000 عام.

أبومازن: يـا !! أنا أرى، 3000عام. والـ1500عام التي نحن عليها، ألا تكفي؟

بيبي: حسناً، أنت تعلم بأن 3000عام هي الضعف. على أية حال، فالله أورثنا هذه الأرض.

أبومازن: أخبرني متى تكلّمت آخر مرّة فيها مع الله؟

بيبي: أنا أصلّي كلّ يوم، وأحسّ ذلك في عظامي، فالله يريد أن نحتفظ بكلّ أرضنا.

أبومازن: يا إلهي، لم أكن أعلم بأنني أتحدّث لنبي جديد، النبي نتنياهو.

بيبي: لست نبياً. حسناً، بطريقة ما أنا نبي. أنا فقط أنفّذ إرادة الله، فكل شيء مكتوب في التوراة.

أبومازن: التوراة! وماذا يهمني ذلك، فهذه أرضنا، نحن نعيش هنا منذ..

بيبي: أنا أعلم، أنت تكرّر نفس الشيء، ولكن الله يختبر تصميمنا، لهذا السبب..

أبومازن: ألهذا السبب أنت مستمرّ في بناء المستوطنات وسلب أرضنا، كل ذلك باسم الله؟

بيبي: أنظر.. أتريد حلّاً؟ تمام، كل ما تحتاجه هو الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية و..

أبومازن: أنت شيء آخر. أنا متأكد بأنك تردّد نقاط الحديث التي لقّنتك إياها سارة!

بيبي: تعني سارة، زوجة جدّنا إبراهيم؟

أبومازن: لا تكن سخيفاً، كم من سارة في حياتك؟

بيبي: دع زوجاتنا خارج هذا الموضوع!

أبومازن: أنت تعني زوجتك!

بيبي: زوجتي سارة تدعم السلام ما دمنا نتمسك بكلّ الأرض.

أبومازن: ما أكرمها! نحن الآن نعتمد على زوجتك لنستعيد أرضنا.

بيبي: لسنا بحاجة إلى إهاناتك. إنني قادر تماماً على اتخاذ قراراتي بنفسي!

أبومازن: لا أصدّق! وماذا عن ذلك الفتى المجنون، ما اسمه بالله عليك؟

بيبي: أنت تعني الوزير نفتالي بينيت؟

أبومازن: يسرّني أنك تعرف كلّ المجانين الذين يجلسون في حكومتك.

بيبي: أصغِ، نحن بلد ديمقراطي، ولكل فرد الحق في أن يعتقد ويقول أي شيء يريده.

أبومازن: طبعاً، خصوصاً إذا أرادوا ضمّ كلّ المنطقة (ج)، 60% من أرضنا فلسطين.

بيبي: أنت تعني يهودا والسامرة؟ على أية حال، لم نقم بضمّها بعد!

أبومازن: تقول "ليس بعد"! وتريدني أن أصدّق بأنك تؤيّد حلّ الدولتين. يا له من كلام سخيف!      

بيبي: بالطبع أنا كذلك (المقصود تأييد حلّ الدولتين)

أبومازن: سامحني يا بيبي، فأنت منافق ولا أثق بك لحظة.

بيبي: أشعر بأنني مُهان، لا أستطيع سوى..

أبومازن: تذكّر ما قلت في الانتخابات الأخيرة "لن تُقام دولة فلسطينية في عهدي"

بيبي: أنت لا تفهم، كلّها سياسات! لأكون صادق معك، أنا لا أثق بك أيضاً.

أبومازن: استمر في ذلك ! لا ثقة، لا أمن، لا شريك تفاوض، ماذا عدا ذلك؟

بيبي: أشياء كثيرة. رفاقك مستمرون في مهاجمتنا. هل قلت يوماً ما لأضحوكتك، صائب عريقات، بأن يخرس؟

أبومازن: لماذا أقول له أن يخرس؟ إنه يقوم بعمل جيّد. نحن أيضاً بلد ديمقراطي، أنت تعلم ذلك!

بيبي: ديمقراطية؟ إنه يسمّم شعبنا ضدكم بهجماته اللفظية الغبيّة.

أبومازن: أنظر من يتكلم! أنت تعامل شعبنا كما لو كانوا حيوانات، ماذا تتوقّع ؟!!

بيبي: نحن نتوقّع بعض الكياسة.

أبومازن: لا تدعني أضحك! كياستكم تتماشى تماماً مع احتلالكم.. ما أجمل ذلك!

بيبي: أنت تكرّر دائماً.....

أبومازن: وأنت تناطح دائماً. نحن نعاني من معاملتكم السيئة، وأنت تكلمني عن الكياسة يا رجل!

بيبي: أنتم جلبتم ذلك على أنفسكم. إرهاب، اختطاف، عمليات طعن، وفوق ذلك كله..

أبومازن: والمستوطنون المساكين كلّهم ملائكة. أتريدني أن أشعر بالأسف نحوهم؟

بيبي: نحن بلد القانون والنظام. أي مستوطن يرتكب جريمة يواجه العدالة.

أبومازن: مع وزيرة العدل شاكيد التي تريد قتل جميع الفلسطينيين؟ عدالة، يا لها من نكتة!

بيبي: ألا تفهم، شاكيد لا تفعل شيئاً بدون موافقتي.

أبومازن: سيد رئيس الوزراء، لقد عيّنت عدداً كبيراً من الوزراء المرضى في حكومتك، واجه هذا الأمر!

بيبي: إنه فقط كلام، إنهم لا يقصدون الأذى بعكس رفاقك في حماس.

أبومازن: حماس هي مشكلتك. أنت خلقت حماس، والآن تريد أن تعقد اتفاقاً معهم.

بيبي: أي اتفاق؟ لم نعمل أي اتفاق مع حماس.

أبومازن: يا لك من ماكر! أنت تريد هدنة طويلة الأمد مع حماس لكي تحافظ على الهدوء في غزة و..

بيبي: انتظر لحظة!

أبومازن: مثلما قلت، هدوء في غزة واحتلال على أرضنا، يا له من ترتيب جيد ومريح!

بيبي: أنت مخطئ يا صديقي. هدنة مع حماس، لو حدثت، هي في صالحك أنت أيضاً.

أبومازن: أي اتفاق من وراء ظهري ليس جيداً لشعبي.

بيبي: ولكن أليست حماس جزء من شعبك؟

أبومازن: فرق شاسع، فأنا أمثّل جميع الفلسطينيين.

بيبي: أظن بأنك قلت بأن حماس هي مشكلتي أنا؟ حسن أن أعرف كيف أن جميعكم متحدون.

أبومازن: أنت تتمتّع بشعور التّفوق بغرور، أنا لا أدري لماذا أضيّع وقتي معك!

بيبي: محمود، لا حاجة أن تتكلّم الآن، ولكن عاجلاً أم آجلاً ستحتاجني لعقد اتفاق.

أبومازن: لا، لست بحاجة لك. سأذهب إلى مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية، وهذه ستتعامل معك.

بيبي: لا أكترث أبداً لا بمجلس الأمن الدولي ولا بمحكمة الجنايات الدولية ولا بالـ"بي.بي.سي."، في النهاية ستحتاجنا لعقد أي اتفاق.

أبومازن: قل لي يا سيد متعجرف، إلى أي مدى تفكر بأنه بإمكانك أن تبقينا هادئين؟

بيبي: حسناً، أنت تعلم، أقصى قدر ممكن، ولكننا سنتدبر الأمر كما نفعل دائماً.

أبومازن: نحن هنا لنبقى، وسنجعل الأرض جحيماً تحت أقدامكم لحين إقامة دولتنا فلسطين.

بيبي: اسمع، افعل ما يحلو لك، فنحن هنا أيضاً لنبقى، ونحن المسيطرون.

أبومازن: أنت تظن بأنك مسيطر على الوضع؟ كما قلت يا سيد، اخرج من أرضنا.

بيبي: أين تظن بأننا ذاهبون؟

أبومازن: لا يهمني إلى أين ستذهبون. أخرج واحترم حقوق ملايين اللاجئين الفلسطينيين و..

بيبي: هل من شيء آخر؟  هل تريد أيضا ً كلّ القدس؟

أبومازن: لا، فقط القدس الشرقيّة.. القدس الشرقيّة هي عاصمتنا.

بيبي: حسنا ً، هذا كرم ٌ عظيم منك، هل أنت متأكّد بأنك لا تريد تل أبيب أيضا؟

أبومازن: لا نريد تل أبيب ولا نريد حيفا.  نريد بلدنا.

بيبي: أنت تكرر دائماً بلدنا، بلدنا، وماذا عنّا نحن!؟

أبومازن: أتعلم يا بيبي، شعبي يكرهك.  شعبك.. الإسرائيليون سيكرهونك أنت أيضا ً.

بيبي: هل أنت تمزح؟  شعبي يحبّني. كلّ واحد منهم يفكّر بأنني مخلّصهم.

أبومازن: هل سمعتم ذلك؟  إنّه مخلّص الإسرائيليين! رائع، موسى جديد يتواجد بيننا!

بيبي: بإمكانك أن تسخر بقدر ما تريد، ولكنني..

أبومازن: أنا لا أسخر، أنا فقط أصلّي بأن ينجّي الله الإسرائيليين منك.

بيبي: لا تقلق، إنهم في أيدي أمينة ما دمت أنا أقود السفينة.

أبومازن: يا رجل، أنت أسوأ قبطان..

بيبي: نعم؟ أنظر كم قطعنا من مشوار، وانظر أين أنت!

أبومازن: كلّ ما أستطيع أن أخبرك به هو أنّه إذا استمريت في الإبحار بهذه الطريقة، فإنك حتما ً ستصطدم بسفينتي.

بيبي: وماذا في ذلك؟ سفينتي أكبر وأقوى بكثير من سفينتك. عليك أن تقود سفينتك بعيدا ً عنها!

أبومازن: حطام آخر، ماذا في الأمر؟ ليس لدينا الكثير مما سنخسره.

بيبي: اسمع، نحن لا نريد ذلك، وأنت أيضا ً لا تريد ذلك.

أبومازن: خطأ، أنت لا تريد ذلك، ولكننا..

بيبي: ولماذا ذلك؟

أبومازن: لأنك تريد كلا الأمرين، تريد التهدئة وتريد الاحتلال في نفس الوقت.

بيبي: أتعلم يا أبومازن، يمكنك أن تكون مضحكا ً في بعض الأحيان.

أبومازن: ليس هناك ما يُضحك حول هذا الأمر. النقاش كلّه معك لا فائدة منه.

بيبي: آسف إن كنت تشعر بهذه الطريقة.

أبومازن: أنا آسف أيضا ً. الأفضل أن أترك هذا المكان. أراك في المحكمة يا سيّد بنيامين نتنياهو.