عامر السبايلة يكتب لـCNN عن استحقاقات مكافحة الارهاب والتحول في المواقف السياسية من سوريا

الشرق الأوسط
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير عامر السبايلة
عامر السبايلة يكتب لـCNN عن استحقاقات مكافحة الارهاب والتحول في المواقف السياسية من سوريا
لاجئون سوريون يجلسون في الجزء الخلفي من شاحنة تابعة للجيش الأردنيCredit: KHALIL MAZRAAWI/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم د. عامر السبايلة، والآراء الواردة أدناه لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.

مع تحديد أولويات مسار الحل في سوريا ووصول استحقاق مكافحة الارهاب الى نقطة التوافق بين الولايات المتحدة وروسيا، تبرز تحديات جديدة أمام كثير من الدول المضطرة اليوم لاحداث تغيير جذري في مواقفها من الازمة في سوريا، خصوصاً أن اعتبار أولوية مكافحة الارهاب أساساً لعملية الانتقال السياسي يعني منطقياً الحاجة لتشكيل تحالف من كافة الدول المنخرطة في المشهد السوري، والاهم ان هذا التحالف لابد ان يضم الدول المجاورة لسوريا والمتضررة من توسع رقعة الارهاب على الارض السورية، بالأخص الاردن و تركيا.

بالرغم من المحاولات الواضحة لكثير من الأطراف للتكيف مع المعطيات الدولية الجديدة والتغيرات في المواقف تجاه الازمة في سوريا تبقى المعضلة الاكبر في تطبيق هذه التحولات على الارض. فالحديث عن ضرورة ولادة تحالف حقيقي لمكافحة الارهاب يعني منطقياً ضرورة بدء التنسيق الامني والعسكري بين أعضاء هذا التحالف الذي ما تزال أقطابه المفترضة تعاني من خلافات سياسية عميقة فيما بينها. لكن أن تكون موسكو هي صاحبة هذا الطرح وان تشهد العاصمة الروسية زخماً كبيراً من الزيارات بما فيها زيارة نتنياهو والرئيس التركي ومن قبله الملك عبدالله الثاني يعني ان موسكو سعت فعلاً لكسر كل الحواجز والمحظورات السياسية التي تمنع تشكل هذا الحلف ووضعت تفسها منطقياً كنقطة تواصل أساسي في سوريا.

اذاً، طبيعة الحضور الروسي الأخير في سوريا يقدم نقطة تواصل مع مجمل الاطراف ويجعل من موسكو شريك حقيقي لمكافحة الارهاب بالنيابة عن الجانب السوري -مرحلياً- مما يسهل عملية وضع الاساس لتشكل تحالف لمكافحة الارهاب. لكن المقارنة بين جيران سوريا "تركيا والاردن" يظهر اختلاف كبير في طبيعة الادوارالمطلوبة من الطرفين نظراً للواقع الجغرافي و اختلاف التحديات على طول الحدود السورية الشمالية والجنوبية. فاذا كان المطلوب من تركيا اغلاق حدودها في وجه تسلل الارهابيين وايقاف انخراطها في تأزيم الوضع في سوريا، يتطلب الأمر من الاردن لعب دور أكبر في حفظ أمنه القومي نظراً لقرب الحدود الجغرافية السورية من كثير من المناطق الحيوية الاردنية وتشكل حالة تفريخ ارهابي في المناطق الجنوبية لسوريا او في نقطة المثلث الحدودي العراقي السوري الاردني قابلة للانتقال للأرض الأردنية بسهولة. ضمن هذه المعادلة، الاردن معني تماماً بنقطتين رئيستين:

الاولى: البعد الأمني وخطورة تطوراته المستقبلية وتداعياته على الاردن خصوصاً في المناطق الحدودية المحاذية للحدود السورية ومدن وقرى الشمال الأردني.

الثانية: تتعلق بمستقبل اللاجئين السوريين المتواجدين على الارض الاردنية وطبيعة التعامل مع هذه المسألة مستقبلاً خصوصاً فيما يتعلق بالتنسيق لعودة اللاجئين الى ديارهم.

يحتاج الأردن في هذه المرحلة لاستراتيجات طويلة الأمد تضمن تأمين حدوده الشمالية والشرقية والتعامل الأمني مع طبيعة الاخطار التي قد تجلبها عمليات التطهير الأمني القادمة في الجنوب السوري. يضاف الى ذلك التحدي الابرز الكامن في ضرورة تجاوز السقوط الدبلوماسي الواضح في تقدير مسارات الأزمة السورية.

الأردن مضطر ان يكون على تماس مع ما يجري في الداخل السوري و قد يكون مضطراً أيضاً لصياغة منظومة تنسيق أمني تجنب الاردن كثير من الاخطار القادمة. لهذا فالعنوان الأبرز لمرحلة الانفتاح القادم هو عنوان أمني بامتياز. وان كان من الصعب ان تضطلع الاجهزة الاستخبارية الأردنية بهذا الدور بشكل علني، فان أغلب المعطيات ترشح المؤسسة العسكرية الاردنية لتكون واجهة التنسيق القادم في محاولة لتجاوز الأخطاء الدبلوماسية عبر ورقة "استراتيجية الاولويات" التي تعتبر ان مكافحة الارهاب اليوم تكفي للتغاضي عن كثير من المواقف السياسية السابقة.