هذا المقال بقلم مصطفى النجار، وهو ضمن مقالات ينشرها موقع CNNبالعربية بالتعاون مع صحيفة الشروق المصرية، كما أنه لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN
تمثل الجيوش صمام أمان للشعوب حيث تتمثل مهمتها فى حماية البلاد من الأخطار الخارجية وحماية الحدود وتحقيق مبدأ السيادة على كامل التراب الوطنى ورد أى عدوان يقصد إيذاء الوطن، يمكن تصنيف الجيوش الى نوعين الأول : الجيش الوطنى و الثانى : جيش السلطة أو الحاكم والفارق كبير بين الجيشين !يمكن الاقتراب من سمات الجيش الوطنى كالتالى :
أولا: الجيش الوطنى ولاءه للشعب وليس الحاكم، لا يتغير موقفه بتغير الحكام وانحيازه للشعب طبقا للمرجعية الدستورية التي توافق عليها المواطنون في أي دولة.
ثانيا: لا يعمل الجيش الوطني بالسياسة ولا ينحاز لحزب ولا جماعة ويضع دوما خطا فاصلا بينه وبين بحر السياسة الذى يعنى الانخراط فيه بداية تدمير أي جيش وتحزبه.
ثالثا: الجيش الوطني ليس عائليا ولا عشائريا ولا قبليا بل هو مفتوح لكل المواطنين باختلاف أنسابهم وطبقاتهم الاجتماعية ومعيار الترقي فيه هو الأقدمية والكفاءة.
رابعا: الجيش الوطنى ليس طائفيا يحصر مواقع قيادته العليا فى أبناء دين معين أو اتباع مذهب معين أو طائفة ما، لأن الوطنية لا تعرف التمييز الديني أو الطائفي.
خامسا: الجيش الوطنى جيش مهنى يقوم على أسس الإدارة الحديثة ويستخدم المنهج العلمى لتحقيق المهنية ورفع الكفاءة وتقويم الذات فلا يخضع لهوى أشخاص ولا رغبات مجموعات معينة أو جماعات مصالح.
سادسا: الجيش الوطني لا يرفع سلاحه في وجه شعبه – ولا يقتله بالطبع - مهما كانت الظروف وإذا نشأت له أدوار تأمين في مهام داخلية فيحكمه احترام الدستور والقانون وحقوق الانسان.
سابعا :الجيش الوطنى لا يترك شبرا من التراب الوطنى تحت احتلال خارجي بل يتحرك لتحرير الأرض وإعادة الكرامة والسيادة الوطنية التى طعنها العدوان الخارجى والاحتلال.
إذا أسقطنا هذه المعايير على الجيش السورى الحالى سنجد أن الجيش السورى هو جيش خاص بالطائفة العلوية فى سوريا وولاءه لعائلة الأسد سواء الأب الهالك أو السفاح الابن بشار، فقد حولت عائلة الأسد الجيش السورى لجيش عائلى وطائفى بامتياز وتم اختزال الدولة كلها فى مؤسسته التى تعج بالفساد الذى يعرفه السوريون عن أقارب الرئيس وأبناء طائفته من قيادات الجيش، وسار بشار على خطى والده الذى ارتكب مذبحة (حماة) عام 1982 وقتل فيها ما يقرب من خمسين ألف مواطن سورى بالطائرات والمدفعية الثقيلة، من يدافعون اليوم عن بشار ويرون أهمية بقاءه يتناسون جرائمه ومذابح جيشه فى حق الشعب السورى المسكين لذا يجب أن نذكرهم ببعض هذه المذابح التى ارتكبتها ميلشيات بشار لوأد الثورة السورية السلمية التى أرغموها على حمل السلاح دفاعا عن النفس والعرض وجدير بالذكر أن هذه المذابح تمت ضد مدنيين وليس جماعات مسلحة:
مجزرة الغوطة أغسطس 2013: تم قتل حوالى 1700 مدنى بالغازات الكيميائية والقصف الصاروخى، مجزرة (جديدة الفضل) أبريل 2013: وأسفرت عن قتل 500 مواطن بقصف جوى واعدامات ميدانية، مجزرة ( داريا) اغسطس2012: تم تصفي 400 مدنى داخل مسجد لاذوا به هربا من القصف المدفعى، مجزرة (الحولة) مايو 2012: تم قتل 150 امرأة وطفل عقب اقتحام المدينة تحت غطاء قصف من الدبابات وأدانت الأمم المتحدة المجزرة، مجزرة (نهر حلب): حيث وجد أكثر من 100 جثة عليها أثار تعذيب لأشخاص مقيدين من الخلف وكلهم تحت الثلاثين وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش ان كل القتلى لم ينخرطوا يوما مع المعارضة وانما هم مدنيون لا علاقة لهم بالصراع؛ هذه عينة من مذابح كثيرة أدت حتى الآن الى سقوط أكثر من 400 ألف قتيل على يد جيش بشار الذى يستمرأ البعض اليوم وصفه بالجيش الوطني وهو أبعد ما يكون عن الوطنية.
الجيش الذى ينحاز للحاكم ويوجه الرصاص لصدر شعبه ليس جيشا وطنيا وإنما ميليشيات مأجورة تمارس الجريمة المنظمة والقتل الجماعى ويجب أن يحاكم المسئولون عنها كمجرمى حرب، الخوف على انهيار (جيش بشار) ووقوع أسلحته فى يد جماعات متطرفة يمكن تفهمه ويمكن منع حدوثه من خلال عملية سياسية تضم كل القوى الميدانية المسلحة الفاعلة على الأرض والمؤمنة بإنقاذ الدولة السورية وتماسكها الوطني وليس من بينها داعش بالطبع، لكن تخويف الناس من عواقب سقوط بشار دون العمل على اخراجه من المشهد هو تأييد غير مباشر لقاتل مجنون أباد شعبه ودمر بلده ونمت على يديه وبسببه جماعات التطرف والتكفير والقتل
وقف ميلشيات بشار القاتلة عن ابادة السوريين هو إنقاذ لسوريا وللدولة الوطنية التى يجب ترميمها عقب خروج بشار من المشهد تماما ولا يعنى هذا تفكيك الجيش بل إعادة هيكلته وبناءه على أسس وطنية حقيقية، يمكن إنجاز هذه المهمة إذا تم التوافق عليها ولن تكون هناك بداية حقيقية لإنقاذ سوريا قبل إبعاد القتلة عن دائرة الحكم ومحاكمتهم طبقا لما يقرره الشعب السورى بنفسه، أما الاعتقاد أنه يمكن انهاء المأساة السورية مع بقاء بشار فهو خيال واهم لن يزيد الوضع إلا اشتعالا وفى النهاية لن ينجح الدعم الروسى ولا الايرانى فى منع سقوط ميلشيات بشار بكامل أسلحتها فى يد المعارضة المسلحة التى لا يمكن ضمان كيفية استخدامها لهذا السلاح إلا إذا انخرطت فورا القوى المعتدلة منها فى عملية تفاوضية تمنع حدوث ما نخشاه وتمهد لبناء جيش وطنى، أبعدوا بشار عن سوريا من أجل إنقاذها.